أخبار الآن | تايوان – bloomberg Foreign Policy

قليلة هي الحكومات في جميع أنحاء العالم التي ستخرج من أزمة وباء “كورونا” أقوى من ذي قبل. وفي الواقع، فإن حكومة تايوان هي واحدة من هذه الحكومات، لكنّ الأمر هذا ليس جداً بالنسبة للصين.

وعملياً، فإنّ تايوان اضطرت لإحتواء تفشي فيروس “كورونا” من دون مساعدة رسمية من منظمة الصحّة العالمية وغيرها من الهيئات الدوليّة. ولأسابيع، كافح القادة التايوانيون لإجلاء رعاياهم من مدينة ووهان الصينية، مركز تفشي الفيروس القاتل، في وقت رفضت السلطات الصينية وجود أفراد طبيين تايوانيين على متن الطائرات التي عملت على إجلاء الرعايا.

ما يمكن قوله أنّ تايوان تصدّرت العالم في حربها ضد كورونا، وقد أظهرت أنّ الديمقراطيات يمكن أن تحارب الفيروس من دون اللجوء إلى اجراءات استبدادية، كما أنها استطاعت مكافحة الفيروس التاجي من دون أي مواربة، وبشفافية، بعكس الصّين.

وخلال هذا الأسبوع، جرت محادثات بين وزير الصحة التايواني وكبير المسؤولين الصحيين في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. الأمر هذا عزّز من أهمية تايوان بالنسبة للمجتمع الدولي، في حين أشار ذلك ايضاً إلى أن “الجزيرة هذه قد تصبح نقطة توتّر بين الولايات المتحدة والصّين”.

إلا أن وزارة الخارجية الصينية اعترضت على المحادثات الأخيرة بين تايوان والولايات المتحدة، وقد طالبت واشنطن بتصحيح ما وصفته بـ”الخطأ” على الفور، والتوقف عن التلاعب بقضية تايوان من خلال الاستفادة من أزمة الوباء، ووقف الاتصالات الرسميّة مع تايوان، داعية “الجانب الأمريكي إلى الإلتزام بمبدأ صين واحدة”. فعلى الصعيد الجيوسياسي، فإنّه “تم الحكم على بر الصين الرئيسي وتايوان بشكل منفصل منذ العام 1949 بعد انتصار الشيوعية في البر الرئيسي بعد الحرب الأهلية. إلا أنّ بكين تعتبر تايوان جزءاً لا يتجزأ من أراضيها.

وفي الوقت الحاضر، فإنّ تايوان تستمع بوهج الثناء الدولي، وحظيت باستحسانٍ ليس فقط بسبب وقف العدوى الفيروسيّة، بل أيضاً بسبب تعهدها بشحن ملايين الأقنعة الجراحية إلى أوروبا والولايات المتحدة وحلفائها الدبلوماسيين القلائل المتبقين في جميع أنحاء العالم، والذين لم تلتقطهم الصين.

منظمة الصحّة العالمية.. ساحة مواجهة

وعلى صعيد المنظمة العالميّة، فإنّها تحولت إلى ساحة مواجهة بين الولايات المتحدة والصين، في الوقت الذي تسعى فيه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للحصول على دعم حلفائها الرئيسيين لمساعدة تايوان على استعادة مكانتها كمراقب في المنظمة.

وذكرت مجلة “فورين بوليسي” أنّ “الولايات المتحدة واليابان تطالبان بعض الدول مثل استراليا، المملكة المتحدة، فرنسا وألمانيا، بالتوقيع على مسودة رسالة موجهة إلى المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، لإعادة الوفد التايواني إلى جمعية الصحة العالمية، أعلى جهاز لاتخاذ القرار في المنظمة، التي يُتوقع أن تجتمع في منتصف مايو/أيار المقبل”.

إلا أن هذا الأمر قد يفشل، باعتبار أن بكين يزعجها دعم تايوان، باعتبارها “مقاطعة متمرّدة”. مع هذا، تُرجّح المجلّة أن “تنتقم الصين من أي جهة تساعد تايوان على الإنضمام إلى المنظمة”.

وفي الحقيقة، فإنّ تايوان ليست عضواً في منظمة الصحة العالميّة بسبب علاقاتها المعقدة مع الصين. وقبل أن تسوء هذه العلاقات، كانت تايوان شاركت لسنوات عديدة في مؤتمرات مجلس الصحة العالمي بصفة مراقب، ولكنها حرمت من ذلك في السنوات الأخيرة مع تصاعد التوتر بين تايبيه وبكين. وتستثنى تايوان من المشاركة في مؤتمرات صحية طارئة عديدة ولا تحصل على المعلومات التي يدلي بها الخبراء الدوليين حول وباء كورونا، نظراً إلى أن عضوية المنظمة مقتصرة على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي لا تعترف بالجزيرة، أو الدول التي تحصل على موافقة مجلس الصحة العالمي.

وخلال مارس/آذار الماضي، فإنّ تايوان اتهمت المنظمة العالمية بتجاهلها، خصوصاً عندما طلبت من حكومتها معلومات عن انتقال العدوى بين البشر عند بدء انتشار الوباء في الصين، معتبرة إن “ذلك عرّض حياة العديدين إلى الخطر”.

وما لم يمكن نسيانه هو أنّ بكين منعت مشاركة تايوان في العام 2016 كمراقب في جمعية الصحة العالمية، وذلك بعد انتخاب رئيسة تايوان تساي إنغ ون، التي تعهدت بالحفاظ على سيادة الجزيرة رغم جهود الصين للسيطرة عليها، وزاد غضب بكين بعد إعادة انتخاب تساي إنغ ون مرة أخرى في يناير/كانون الثاني.

 

لماذا ستكون الصين أكبر الخاسرين من أزمة فيروس كورونا؟

يبدو أن تكتيكات الصين تهدف إلى صناعة صورة للاستهلاك المحلي والعالمي بأنها دولة قوية ومحسنة، وفي الوقت نفسه ، تسعى لمسح صورتها السيئة في ووهان التي سهلت انتشار الفيروس بدلاً من احتوائه.

مصدر الصورة: getty

للمزيد:

كوريا الجنوبية.. صفر إصابة جديدة بكورونا للمرة الأولى منذ ذروة فبراير