أخبار الآن | ألمانيا – متابعات (بسام سعد)

 

بعد مرور يومين على تفجيرات بروكسل، تعالت أصوات رسمية وشعبية تجاه اللاجئين العرب، فمن الترحيب المبالغ به إلى الضجر والضيق، والتعبير عن رفضهم لهذا العدد منهم ووضعهم محل شك وارتياب داخل الاتحاد الأوروبي.

هذه الأصوات نفسها ربطت الإرهاب بالإسلام مما قد يؤدي إلى إحداث انقسام داخل المجتمع، وبالتالي تعرض المسلمين في أوروبا لموجات من الاستبعاد.

اسثمار سياسي .. روسيا وبولندا "نموذج سيء"

استغلت رئيسة وزراء بولندا "بياتا شيدلو" أحداث بروكسل لتعلن رفضها استقبال وتوطين أي مهاجر في بلادها، وبذلك تكون قد تنصلت من الاتفاق المبرم بين أعضاء الاتحاد الأوروبي. وهو ما يعتبر استثمارا سياسيا واضحا، لكن ما جرى اليوم وتحديداً في ألمانيا يدعو للدهشة، حيث اتفقت منظمات تابعة لليمين المتطرف مع الجالية الروسية في ألمانيا لإصدار بيان مشترك استنكرت فيه السلطات التي استقبلت مئات الآلاف من اللاجئين دون خضوعهم لتحقيقات وإجراءات للتأكد من هوياتهم، وأن اللاجئين يعيشون على حساب دخل ورفاه المواطن الألماني، علماً أن التهديدات الأمنية سببها اللاجئين، ويتابع "البيان": إن أعدادا كبيرة من عناصر المجموعات الإرهابية تمكنوا من التسلل لألمانيا بين اللاجئين وأسسوا شبكات إرهابية منظمة في دول الاتحاد الأوروبي .

بعدها تستكمل فصول المسرحية على لسان زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي "فلاديمير جيرنيوفسكي" عندما صرح بأن: "على أوروبا أن تغلق حدودها ولا تستقبل أي شخص، وأن ترحّل الجميع بلا استثناء ودون تعاون مع تركيا، وإلا فإن أوروبا لن تتحرر من دوي التفجيرات بشكل دائم في شوارعها"، ويختم جيرنيوفسكي واصفاً اللاجئين: إنهم غاضبون وعدوانيون، أتوا من بلدان فيها حرب وتمييز واضطهاد، والوضع في أوروبا أصبح خطير بسببهم .

تهميش دور المسلمين في مكافحة الارهاب … النموذج الألماني

سببت موجة اللجوء الكبيرة خوفا على الهوية الأوروبية عامة والألمانية بشكل خاص، ما دفع إلى تأسيس حركة "بيغيدا" والتي تعني: "وطنيون أوربيون ضد أسلمة الغرب"، بالمقابل، وحتى هذه اللحظة لا تعترف الدولة الألمانية بالإسلام كدين رسمي .

يقول "أيمن مزيك" رئيس المجلس المركزي للمسلمين: "نطالب المسؤولين الألمان بمنح المسلمين مكانة الشريك في مكافحة الارهاب والمتطرفين" .

"أحمد عويمر" مسؤول شؤون الحوار في المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، يقول: "نحن حريصون على محاربة الإرهاب ونشر الوسطية والاعتدال من خلال تبني مفاهيم سلمية لتوعية الشباب المسلم، ونقوم بعمل مكثف مع الساسة الألمان ومنظمات المجتمع المدني" .

عويمر يشرح أسبابا أكثر عمقاً: "نحن نتعاون مع الأجهزة الأمنية، ولكن لو صرفت الدولة بعض من الميزانية الضخمة المخصصة لمكافحة الإرهاب على تمكين المؤسسات الإسلامية للتحرك بشكل أكبر سنكون قادرين على إثبات وجودنا داخل المجتمع بشكل أكبر" .

رأي عويمر أكده الباحث في شؤون الارهاب "ألبريخت متيسغر" حين قال: إن الساسة الألمان يرون أن المسلمين لا يبذلون الكثير من الجهود لمكافحة الإرهاب، ويرى المسلمون أنه لم يتم الأخذ برأيهم في الحرب على الإرهاب". فالحل حسب رأي ألبريخت هو: زيادة الثقة بين الجاليات المسلمة وأجهزة الأمن وجعل المسلمين شركاء في مكافحة الإرهاب .

دلالات سلبية لصورة اللاجئ

لم يقتصر تصاعد "الإسلاموفوبيا" داخل ألمانيا على المواطنين، بل امتد ليشمل الحكومة التي رحبت باللاجئين، مما اضطرها تحت الضغط الشعبي لتغيير قانون اللجوء مرتين، فقانون اللجوء الجديد يقضي بترحيل اللاجئين الذين يرتكبون أفعالاً مجرمة دون توضيح ما هي بالضبط تلك الأفعال المجرمة، كما أن فعل الترحيل يتنافى مع الدستور وأحكام المحكمة الألمانية العليا.

صورة اللاجئ في المجتمع الألماني بُدأ بإعادة تأسيسها على أساس من اللون واللغة، ومع تفجيرات بروكسل، وما نُشر بأنه قبل التفجير كان شجارا بين أشخاص تخلله كلام بالعربية، ستتحول صورة العربي إلى أنه إرهابي .

مع ذلك، تبقى في ألمانيا أصوات وآراء تحذر من هذا الانغماس، وتقول: إن استراتيجية الإرهابيين هي دق إسفين بين المسلمين اللاجئين الذين يعيشون في أوروبا وبين من حولهم من غير المسلمين، وبالتالي تتعمق عدم الثقة وتتسارع عزلتهم بسبب هذه الهجمات. وعندما يبدأ رد الفعل العكسي من المجتمعات الأوروبية تجاه كل ما هو مسلم "مساجد، حجاب" سيكون الإرهابيون قد حققوا هدفهم .