أخبار الآن | حلب – سوريا – (أيمن محمد)

قررت اللجنة السورية لاستبدال العملة المتداولة في المناطق المحررة، يوم الأحد، تطبيق قرار اعتماد تداول العملة التركية بدل السورية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الثوار في حلب، عقب توقيع فصائل عسكرية ومدنية ومحاكم قضائية على القرار.

ودخل القرار حيّز التنفيذ بعد الإعلان عنه لاسيما بعد تأكيد المحكمة الشرعية لذلك عبر توزيع رواتب الموظفين لديها بالليرة التركية، وحسب ما أعلن عنه المؤتمر أنّ الرواتب ستوزّع في الدور القضائية والهيئات المدنية بالليرة التركية.

وأوصت هيئة علماء بلاد الشام باستخدام الليرة التركية بدل السورية، من أجل الإسراع في إسقاط النظام والحفاظ على ثبوتية قيمة التداول في المناطق المحرّرة، وأوصت الهيئة بتشكيل لجنة اقتصادية فيما بعد للبحث في أمر استبدال الليرة السورية بالتركية، من أجل دراسة توابع تطبيق هذا القرار في مناطق حلب المحررة وريفها.

لكن ما يثير التساؤل لدى بعض المدنيين في حلب عن نتائج تطبيق هذا القرار، حيث يرى محمود الشيخ -أحد المواطنين في حلب- أنّ القرار جيّد، لكنّه سيؤثّر على المدنيين في البداية، لاسيما من لا زال منهم يأتي دخله من مناطق النظام سواء كان موظف أو تاجر فهنا سيضطر للتصريف أكثر من مرة".

ويضيف "الليرة السورية تشهد تقلبات متتالية؛ فأحياناً تهبط بشكل مفاجئ، الأمر الذي جعل المدنيين يحوّلون أموالهم إلى الدولار خشية الوقوع في أزمة مادية مفاجئة".

لاقى القرار ردود فعل متباينة بين أبناء حلب، حيث انقسم الناس بين مؤيّد للقرار ومعارض، لاسيما أنّ هكذا قرار سيؤدي إلى تحوّل اقتصادي جذري في المنطقة.

حسام خطاب – صحفي سوري – يعتقد أنّ هناك آثاراً إيجابيّة على المواطنين في الداخل السوري المحرر بالنسبة للتعامل مؤخراً بالعملة التركية، وأهمّ هذه الإيجابيّات الاستقرار في سعر الصرف مقارنة بالليرة السورية التي تتخبّط قيمتها كلّ فترة، وحسب التطورات على الأرض تفقد الليرة السورية قيمتها بشكل يومي بسبب الخسائر العسكرية التي تلحق بالنظام، إضافة لتواجد الكثير من السلع الزراعية والتجارية القادمة من تركيا والتي أصبحت تؤثّر على قيمة العملة.

ويكمل خطّاب: "هذا القرار سيرتب آثاراً سلبية بالمقابل على نظام الأسد من خلال تعامل المناطق المحررة بالعملة التركية، وهو سيزيد من انهيار النظام من خلال عدم التداول بها، خاصة بعد قيام النظام بطبع عملة جديدة لا تملك رصيداً في البنوك الدولية".

من جانب آخر، اعتبر منير الأحمد -باحث اقتصادي في حلب- القرار مهماً للغاية، لكن لا يوجد أدوات ضابطة للمضي بتنفيذه، حيث السياسية المالية والنقدية في الدول لها منهجيات وأدوات لا تكفيها الرغبات والنوايا، وفي حال تمّ اعتماد الليرة التركية في الشمال فماذا سيعتمد في الجنوب من قبل الجهة النقدية التي ستشرف على إدارة المناطق المحررة".

وتشهد الليرة السوريّة تقلّبات مفاجئة في سعرها لتصل قيمتها أمام الدولار الواحد إلى 305 ل.س للمبيع و301 للشراء، ويتخوّف التجار والمواطنون في المناطق المحررة من ازياد انخفاض صرف الليرة السورية الأمر الذي يضطرهم لاستبدال الليرة السورية بالدولار أو شراء الذهب، بالمقابل تشهد الليرة التركية خلال السنة الأخيرة تقلبات في سعر الصرف أمام الدولار، حيث تجاوز سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار الواحد 2.7 للمرة الأولى، في وقت كان سعر صرفها قبل عام 2 ليرة تركية مقابل الدولار الواحد.

وكان الدكتور أسامة القاضي –مدير مجموعة عمل اقتصاد سوريا- أكد في مقابلة مع إذاعة الآن  أن النظام السوري الأكثر وحشية بين الأنظمة الديكتاتورية، لا يمكن إسقاطه بالطرق الاقتصادية، وحتى العقوبات الاقتصادية الدولية الخانقة التي فرضت عليه لم تكن كافية.

وأضاف القاضي: "عملية استبدال الليرة السورية بالليرة التركية لن يؤثرعلى النظام، ولكنه لن يكون أبدا في صالح المواطن السوري؛ فاستبدال العملة لا يتم فقط عن طريق الصرافين ليكون مخرجاً لأزمة أو ليؤثر في اقتصاد النظام! وليُحدث هذا الإجراء تأثيراً يجب أن يكون هناك ضخ لمبالغ كبيرة من العملة التركية في الشمال في حال تم الاتفاق على تداولها وهذا غير متوفر حالياً".

وشدد على أن أحدا لم يسأل المواطن السوري باستفتاء شعبي ما إذا كان يرغب بتغيير العملة أم لا، فالعملة هي رمز للسيادة الوطنية وليست ملكاً لبشار الأسد.

وتابع القاضي: "إن المواطن السوري سواء كان بائعا أم منتجا يحاول أن يقلل خسارته قدر الإمكان بما يعرف بدولرة الاقتصاد. وهو مصطلح معروف منذ أيام الحرب اللبنانية أي التداول بالدولار، وهو ساري في سوريا منذ ثلاث سنوات بشكل تلقائي. مما دفع النظام لإصدار مرسوم بسجن كل من يتعامل بالدولار مرة أخرى معيدا سوريا بذلك إلى مرحلة الثمانينيات".

واعتبر القاضي أن: "دينار داعش الذهبي والنظام الضريبي في مناطق السيطرة الكردية واستبدال الليرة السورية بالليرة التركية في الشمال أو بالدينار الأردني في الجنوب من مظاهر التقسيم الاقتصادي".