مقتل أكثر من 6500 في قصف إسرائيل على غزة
- نزح ما لا يقل عن 1,4 مليون فلسطيني من منازلهم في غزة
واجهت إسرائيل ضغوطاً دولية متزايدة الأربعاء، لإعادة النظر في خطتها الرامية لشنّ اجتياح برّي واسع نطاق لقطاع غزة حيث حذّرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من أنّها ستضطر إلى وقف عملياتها الإغاثية بسبب نقص إمدادات الوقود.
واعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء، من القاهرة أنّ شنّ “عملية برية واسعة النطاق” في قطاع غزة “سيكون خطأ”.
كما حذّر الرئيس الأمريكي جو بايدن إسرائيل، من تداعيات الاجتياح البرّي، رغم أنه لا يؤيد في الوضع الحالي وقف إطلاق النار الذي تطالب به الأمم المتحدة ودول عدة.
وقال “على إسرائيل أن تقوم بكل ما وسعها، مهما كان صعبًا، لحماية المدنيين الأبرياء”.
وتطالب دول عدة بوقف إنساني للقصف المتواصل على غزة، فيما توعدت إسرائيل بـ”القضاء” على حركة حماس بعد هجومها غير المسبوق على أراضيها في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وتجهز جيشها لهجوم بري لتحقيق ذلك.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو “نحن نتحضر لدخول بري”، موضحا أن حكومة الحرب ستقرر “بالإجماع” موعد الهجوم.
لكنه شدد على أنه “لا يمكنني الخوض في تفاصيل متى وكيف وأين والأمور التي نأخذها في الاعتبار” قبل هذه الخطوة.
“خطأ”
وبينما أكّد الرئيس الفرنسي حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها، شدّد عقب لقائه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أنّ مثل هذه العملية، إذا كانت واسعة النطاق، ستكون “خطأ” لأنّها تتعارض مع حقوق السكان المدنيين وأيضاً لأنها لن توفر حماية أفضل لإسرائيل.
بدوره، دعا السيسي إسرائيل إلى تجنّب “الاجتياح البرّي للقطاع” لأنّه “سيؤدّي إلى ضحايا كثيرين جداً جداً من المدنيين”.
وسيكون الهجوم البرّي خطيراً للغاية في القطاع المكتظ بالسكان والمليء بالأنفاق حيث تخفي حماس الأسلحة والمقاتلين، وفي وجود الرهائن.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دعا الثلاثاء إلى “وقف إنساني فوري لإطلاق النار” ودان “الانتهاكات الواضحة للقانون الإنساني” في الأراضي الفلسطينية، ما أثار غضب إسرائيل.
700 قتيل في يوم
وأدّى هجوم حماس وردود الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة إلى مقتل أكثر من 1400 شخص في إسرائيل بحسب السلطات، وأكثر من 6500 في الأراضي الفلسطينية بحسب وزارة الصحة التابعة للحركة، معظمهم من المدنيين من الجانبين.
وتجاوزت حصيلة القتلى في غزة الثلاثاء 700، بحسب وزارة الصحة في القطاع. وقالت الأمم المتحدة إن الرقم هو الأعلى في يوم واحد منذ اندلاع الحرب.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه نفذ “ضربات واسعة النطاق” أصابت “العديد من البنى التحتية الإرهابية لحماس”، بما في ذلك الأنفاق.
وقُتل 13 شخصاً في إسرائيل جرّاء الصواريخ منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، حسبما قال المتحدث باسم نجمة داود الحمراء لوكالة فرانس برس الأربعاء.
وتحتجز حماس أكثر من 220 رهينة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، وقد طلبت منظمة الصحة العالمية الأربعاء إطلاق سراحهم “لأسباب إنسانية وصحية”.
ويثير الوضع الإنساني المأساوي في القطاع الذي تبلغ مساحته 362 كيلومتراً مربعاً قلق المجتمع الدولي أيضاً.
ووفق منظمة الصحة العالمية، أغلقت ستة مستشفيات أبوابها بالفعل بسبب نقص الوقود في قطاع غزة الذي يبلغ عدد سكانه 2,4 مليون نسمة.
انهيار تام
وتدعو الأمم المتحدة إلى توصيل الوقود بشكل عاجل لتشغيل المولّدات الكهربائية في المستشفيات حيث يتدفق آلاف الجرحى، ولضخ المياه وتنقيتها، وتشغيل شاحناتها.
لكنّ إسرائيل ترفض قائلة إنّ ذلك سيفيد حماس التي تصنّفها إلى جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة “إرهابية”.
وأعلن الرئيس الفرنسي أن باريس سترسل سفينة استشفائية عسكرية “لدعم المستشفيات”. وأبحرت الأخيرة إلى غزة الأربعاء.
وقال الطبيب أحمد عبد الهادي المتخصص في جراحة العظام في قسم الطوارئ في مستشفى خانيونس في جنوب قطاع غزة لوكالة فرانس برس “أجرينا العديد من العمليات الجراحية لمصابين دون تخدير”. وأضاف “التخدير غير متوافر بشكل كاف في المستشفى”.
وفي مدينة غزة التي تواصل القصف العنيف عليها الأربعاء، قال مدير مستشفى الشفاء الطبيب محمد أبو سلمية “المستشفيات في حالة انهيار تام، عشرة مستشفيات خرجت عن الخدمة”.
وأضاف أن “أكثر من 90 في المئة من الأدوية والأدوات الطبية نفدت (…) وصلت مساعدات طبية لا تكفي ليوم واحد”.
وتعتبر واشنطن أنّ وقف إطلاق النار “في هذه المرحلة لن يفيد سوى حماس”. واقترح البيت الأبيض بدلاً من ذلك “فترات تعليق” للعمليات العسكرية لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، وهو موقف من المتوقع أن تتبناه دول الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعها الخميس والجمعة، وفق مصادر دبلوماسية.
في الأثناء، تواصلت الانقسامات في مجلس الأمن الدولي الأربعاء مع رفض مشروعي قرارين متنافسين روسي وأميركي بشأن الحرب بين إسرائيل وحماس.
وأعلنت الولايات المتّحدة أنّ مبعوثتها إلى الشرق الأوسط باربرا ليف عادت الأربعاء إلى المنطقة لتعزيز الجهود الأمريكية الرامية لمنع اتّساع نطاق الحرب المستعرة بين إسرائيل وحماس.
ويخضع قطاع غزة الممتد على طول 40 كيلومتراً على البحر الأبيض المتوسط، لحصار إسرائيلي بري وجوي وبحري منذ عام 2007. وفي 9 أكتوبر/تشرين الأول، فرضت إسرائيل عليه “حصاراً كاملاً” وقطعت عنه المياه والكهرباء والإمدادات الغذائية.
تقديم أجوبة
ويصاحب هذا الحصار قصف متواصل للجيش الإسرائيلي الذي حشدت عشرات الآلاف من جنوده على مشارف قطاع غزة وكثف ضرباته في الأيام الأخيرة.
في 7 أكتوبر/تشرين الأول، اقتحم مئات من مقاتلي حماس حدود إسرائيل من قطاع غزة، ونفذوا هجوما يسبق له مثيل منذ قيام دولة إسرائيل في عام 1948.
وأقرّ رئيس الوزراء الإسرائيلي الأربعاء بأنّه سيتعيّن عليه تقديم “أجوبة” بشأن “الإخفاقات” الأمنية التي سمحت لحماس بشنّ هجومها المباغت.
وفي الإجمال، دخل غزة بضع عشرات من الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية منذ 21 أكتوبر/تشرين الأول، فيما هناك حاجة إلى ما لا يقل عن مئة شاحنة يوميا، وفق الأمم المتحدة.
وقالت مديرة الاتصالات في الأونروا جولييت توما لوكالة فرانس برس إن “الوقت ينفد. نحن بحاجة ماسة إلى الوقود”، خشية أن تضطر الوكالة إلى وقف عملياتها اعتبارا من مساء الأربعاء.
ومنذ 15 تشرين الأول/أكتوبر، دعا الجيش الإسرائيلي سكان شمال غزة حيث القصف على أشده، إلى التوجه نحو جنوب القطاع.
لكن الضربات لا تزال تطال جنوب القطاع المحاذي للحدود المصرية، حيث يتجمع مئات الآلاف من المدنيين. وأصابت صواريخ الأربعاء سوبر ماركت في مدينة رفح بجنوب غزة. وأعلنت قناة الجزيرة القطرية الأربعاء أن غارة أخرى قتلت عائلة مراسل الجزيرة الرئيسي في غزة وائل الدحدوح.
ونزح ما لا يقل عن 1,4 مليون فلسطيني من منازلهم في غزة منذ بداية الحرب، بحسب الأمم المتحدة.
وبينما يخشى جزء من المجتمع الدولي من اندلاع نزاع إقليمي، أعلن الجيش الإسرائيلي الأربعاء أنه ضرب البنية التحتية العسكرية في سوريا ردا على إطلاق نار استهدف أراضيه. وذكرت وسائل الإعلام السورية الرسمية أن ثمانية جنود سوريين قتلوا.
والتوتر مرتفع أيضا في الضفة الغربية المحتلة حيث قُتل أكثر من مئة فلسطيني في أعمال عنف منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، وفق وزارة الصحة الفلسطينية، وكذلك على حدود إسرائيل مع لبنان، حيث يتم تبادل إطلاق النار يوميا بين القوات الإسرائيلية وحزب الله اللبناني.