أزمة الغذاء تتواصل في تونس

تتواصل أزمة فقدان المواد الغذائية في تونس، خلال الأسابيع الأخيرة حيث سجلت البلاد نقصًا كبيرًا في المواد الغذائية الأكثر استهلاكًا لدى التونسيين وفق روايتهم وقد التقت “أخبار الآن” بعدد كبير من المواطنين طيلة الصباح والمساء.

ولاحظت مراسلة “أخبار الآن” أن الكثير منهم يقضون يومهم في البحث عن هذه المواد الأساسية خاصة في الفترة المسائية التي يلجئ فيها العديد من التونسيين لشراء حاجياتهم تجنبًا للاكتظاظ والحرارة.

ومن بين المواطنين الذين التقت بهم “أخبار الآن” هاجر عبيد التي صرحت: “المواد المفقودة بالسوق التونسية هي الأرز والطحين والسميد وخاصة السكر والكسكسي وكلها مواد أساسية بالنسبة للنظام الغذائي التونسي وهذا الوضع غير اعتيادي فالخبز خاصة كان متوفرًا دائمًا وأنا منزعجة جدًا من هذه الأزمة التي أثرت سلبا علي وعلى عائلتي”.

مع استمرار الأزمة.. كيف يتعامل التونسيون مع أزمة الغذاء؟

وفي ذات السياق صرحت المواطنة فضيلة كريرة: “المواد الغذائية المفقودة هي السكر والسميد والأرز والطحين والكسكسي و هي مواد ضرورية لكننا اضطررنا اليوم للعيش بدونها، كل يوم أرسل أطفالي في أوقات مختلفة من اليوم من أجل العثور على هذه المواد لكن دون جدوى وأنا أطالب الدولة بتوفير هذه المواد”.

وبينما يطالب المواطنون بتوفير هذه المواد اعتبر فيه الرئيس التونسي قيس سعيد أن “لوبيات معارضة تسعى لتحريك الأزمة” وأن تلك الأطراف هي المسؤولة عن فقدان المواد الأساسية لإنتاج الخبز مثلاً، وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد توعد بمحاسبة من ينكلون بالشعب من خلال افتعال الأزمات وفق تعبيره، كما شدد مؤخرًا على أهمية تطهير الإدارة من الفاسدين لتمهيد الطريق أمام إنهاء الأزمات التي تمر بها البلاد خاصة من اختفاء سلع ومواد غذائية عديدة في الأسواق.

شاهد أيضًا: اعتصام لعمال المخابز في تونس

ريم الزايدي، شابة تونسية هي الأخرى عبرت لـ “أخبار الآن” عن استيائها من فقدان المواد الغذائية، وقالت: “لا نعثر في السوق على الأرز ولا حليب الأطفال والسكر، القهوة أيضًا مفقودة وحين تكون متوفرة نرى صفوفًا طويلة من المواطنين الراغبين في اقتناءها ولا تباع إلا في إطار البيع المشروط”.

مع استمرار الأزمة.. كيف يتعامل التونسيون مع أزمة الغذاء؟

أما صاحب المغازة التجارية الطاهر المسعودي فله رأي آخر إذ صرح لأخبار الآن: “المستهلك يساهم في خلق الأزمة إذ يسارع إلى شراء كميات من المواد الغذائية بلهفة وكلما سمع في وسائل الإعلام بنقص في مادة معينة إلا وازدادت لهفته ليشتري أضعاف حاجته من المواد وبالتالي يتسبب سلوكه الاستهلاكي في أزمة أكبر”.

كما شدد الطاهر على أن المواطن التونسي يحتاج في أقرب وقت لمراجعة طريقته في الاستهلاك والتخلي عن اللهفة التي تضر به وتضر بالجميع في تونس”.

واستشهد بمواقف كثيرة حدثت داخل محله تتمثل في تعمد مواطن ما شراء كميات ضخمة من مواد أساسية كالسميد مثلا وحين يرفض الطاهر أن يبيع له تلك الكميات ويطلب منه الشراء بكميات معقولة حتى لا يحرم غيره يرسل هذا المواطن صديقه أو قريبه من أجل شراء كميات إضافية ليحتفظ بها المواطن المتلهف في النهاية لنفسه.

تعليقًا على أزمة الغذاء.. نقابي لأخبار الآن: الانتخابات فشلت في توفير الخبز للتونسي

ووقوفًا على أسباب هذه الأزمة التقت “أخبار الآن” بعضو الاتحاد التونسي للشغل ياسين الطريقي الذي أكد أن تونس تعيش أزمة عامة اقتصادية من خلال معاناة في المالية العمومية و تراجع في الإدخار نتج عنه تراجع في الاستثمار.

مع استمرار الأزمة.. كيف يتعامل التونسيون مع أزمة الغذاء؟

وأضاف: “تونس الآن تعيش أزمة عامة وهذا يتجلى في الاقتصاد المتدهور جدًا، لدينا معاناة في المالية العمومية ولدينا تراجع في المحركات الاقتصادية وتراجع في الإدخار وبالتالي يأتي الاستثمار بعد الإدخار وكل ذلك تسبب في تراجع في الانتاج والاستهلاك هذا إلى جانب الجمود التي تعيش فيه تونس الذي يتمثل في جمود سياسي ومالي واقتصادي واجتماعي”.

وتابع ياسين: “اقتنع الشعب التونسي بأن الدساتير الجديدة والاستفتاء الذي وقع والانتخابات أيضًا كلها فشلت في توفير لقمة العيش والخبز والوظائف والكرامة للشعب التونسي، علاوة على ذلك تونس مستمرة في القطيعة مع دول الخارج والمنظمات العالمية ولم نعتد على ذلك وحتى بعض الشركاء التقليدين أصبحت العلاقة بيننا ليست على ما يرام و هذه للأسف هي الوضعية العامة للبلاد”.

مع استمرار الأزمة.. كيف يتعامل التونسيون مع أزمة الغذاء؟

وفي شرحه لأسباب فقدان بعض المواد الأساسية في تونس كشف النقابي لأخبار الآن:”كلنا نعرف نادي باريس و نعرف رئيسه وهو “ايمانويل مولان” الذي زار مؤخرًا بعض الدول التي تمر بصعوبات اقتصادية وبرنامجه كان واضحًا متمحورًا حول كيفية رفع الدعم ورفع الأسعار و هي مقاربة تقوم على تقنية “العلاج بالصدمة” حيث تكون المواد موجودة في السوق، ويتم افراغ المواد المدعمة منها من السوق ثم يقع ايجادها بكميات قليلة (في إطار اقتصاد الندرة) ليكون الطلب عليها أكثر من العرض، فيقع الرفع في سعرها تدريجيًا ويتعود على ذلك المواطن. وبالتوازي يتم إلهاء الشعب بمفاهيم الاحتكار والمضاربة لتتوفر في النهاية الفرصة لرفع السعر”.

وفي ختام حديثه أكد الطريقي على الدور اتحاد الشغل التاريخي في حل الأزمات والعبور بالبلاد إلى بر الأمان معبرًا عن رفضه لمحاولات تهميش دور الاتحاد المفصلي في إنقاذ البلاد وتحقيق التوازن. ودعا إلى الالتفاف حول فكرة واحدة من أجل إنقاذ البلاد وأكد أن الحلول موجودة لأن تونس ليست بلدًا فقيرًا في المطلق ولكن في حال تواجد فقر في جهة فهذا يعني دون شك تراكم الثروة في جهة أخرى وفق تعبيره.

شاهد أيضًا: سرقة شاحنة مواد غذائية تشعل الغضب في تونس