فوضى في سوريا بعد زيادة الرواتب 100%

أصدر الرئيس السوري بشار الأسد مرسومين ضاعف بموجبهما رواتب العاملين في القطاع العام، من مدنيين وعسكريين ومتقاعدين، في الوقت الذي رفعت فيه وزارة التجارة الدعم بشكل كلي عن البنزين.

القرار السوري، وفق ما نشر الإعلام الرسمي نص على “إضافة نسبة 100% إلى الرواتب.. لكل العاملين في الدولة من مدنيين وعسكريين”. وتشمل الزيادة، وفق المرسوم الثاني، “أصحاب المعاشات التقاعدية من العسكريين والمدنيين”.

وتضمن المرسوم زيادة الحدّ الأدنى لأجور العاملين في القطاع الخاص الى قرابة 13 دولار.

وتراوح راتب الموظف العام بين 10 ونحو 25 دولارا، وفقا لسعر الليرة السورية في السوق السوداء، قبل صدور المرسومين.

وبعد الزيادة الجديدة، أصبح متوسط راتب الموظف السوري يتراوح بين 20 و30 دولارا أمريكيًا.

وذلك بعد أن وصلت الليرة السورية لأدنى قيمة على الإطلاق، حيث تخطى الدولار الواحد 15 ألف ليرة سورية، وذلك بعد ساعات من القرار الحكومي لرفع تسعيرة المحروقات، فيما خفض المركزي التسعيرة في نشر الحوالات إلى 10700 ليرة.

سعر البنزين

وبات سعر لتر البنزين 8 آلاف ليرة (نحو نصف دولار)، بعدما كان 3 آلاف ليرة، وارتفع سعر المازوت من 700 إلى ألفي ليرة، وبررت الوزارة قرارها بـ”مقتضيات المصلحة العامة”.

وعلى وقع تدهور قيمة العملة المحلية، تراجعت قدرات المواطنين الشرائية وباتوا عاجزين عن توفير أبسط احتياجاتهم وسط ارتفاع كبير في أسعار المواد الأساسية، مع انقطاع شبه دائم للتيار الكهربائي وشح في المحروقات.

وبعد القرار الحكومي الأخير برفع أسعار المحروقات، الذي انعكس خلال ساعات معدودة على الأوضاع المعيشية المتردية أصلاً قبل القرار، توالت الدعوات للإضراب في سوريا.

“أخبار الآن” تواصلت مع أحد المواطنين السوريين -الذي رفض نشر اسمه- والذي شرح لنا الفرق بين الوضع المعيشي قبل الزيادة الأخيرة وبعدها، وما هو تأثير رفع سعر المحروقات بهذا الشكل، وما يترتب من رفع أسعار المنتجات الغذائية بسبب رفع أسعار المحروقات.

زيادة رواتب 100% بعد رفع سعر المحروقات بنسبة 200%.. ما التغيرات

 

ووفق المواطن السوري: “زادت أجور النقل 50% تقريبًا، بسبب زيادة سعر مادة البنزين، حيث كان الـ20 ليتر من البنزين بقيمة 75 ألف ليرة سورية وأصبح الـ20 ليتر بـ 200 ألف ليرة”.

وفيما يخص المواد الغذائية الرئيسية فقد شهدت ارتفاعا كبيرًا، ونعرضها وفق معايشات عدد من المواطنين السوريين، والتي جاءت: “البيض النباتي كان بـ 40 ألف ليرة سورية، وأصبح الآن بـ60 ألف ليرة، فيما كان السكر الأبيض بـ11 ألفا للكيلو، وبعد الزيادة الأخير وصل إلى 17 ألفًا، ووصل الزيت النباتي إلى 27 ألف ليرة سورية بعدما كان بـ17 ألف ليرة لليتر الواحد”.

وأوضح مواطن سوري آخر، أنه ارتفع سعر المواد الغذائية في سوريا بمقدار 30%.

وبطبيعة الحال، لطالما كانت في سوريا ترتبط زيادة الرواتب بانخفاض أسعار الليرة لمستويات قياسية وزيادة التضخم، وهو ما يلقي بأثره على الأسواق التي تشهد تضاعف جميع المواد والسلع الأساسية، وخاصة المازوت والمواد التموينية، ما يتسبب في تعميق أزمات السورين المعيشية والاقتصادية.

تخطي جديد لليرة السورية

خسرت الليرة السورية أكثر من 450% فقط خلال العامين الماضيين، وتجاوز اليوم الـ 15 ألف ليرة سورية للدولار الواحد.

بحسب آخر احصائية وفقاً لـ”لوحة هانكي لقياس التضخم الاقتصادي” للعديد من البلدان احتلت سوريا المرتبة الثالثة عالميا بمستوى التضخم بنسبة 238 في المئة على أساس سنوي، بعد كل من زيمبابوي وفنزويلا.

 

دعوات للإضراب

تصاعدت أصوات المتحجين على القرار السوري، وانتشرت الدعوات لوقفات احتجاجية وإضراب، ويتضمن ذلك عدم فتح المحلات التجارية وعدم الذهاب للعمل، تزامنا مع صدور قرار رفع أسعار المحروقات، ودخلت البلاد في حالة من الفوضى في معظم المحافظات، إضافة لقطع الطرقات في بعضها.

زيادة رواتب 100% بعد رفع سعر المحروقات بنسبة 200%.. ما التغيرات

 

وبعد أكثر من 12 عاما من الصراع، تشهد سوريا أزمة اقتصادية خانقة، فاقمها زلزال مدمر في فبراير/شباط الماضي، خسرت معها العملة المحلية أكثر من 99% من قيمتها. ويعيش غالبية السوريين اليوم تحت خط الفقر، في حين يعاني أكثر من 12 مليونًا منهم من انعدام الأمن الغذائي، وفق الأمم المتحدة.

وتشهد الليرة السورية تدهورا قياسيا في السوق السوداء، حيث يبلغ سعر الصرف 14 ألفا و300 ليرة مقابل الدولار، وفق تطبيقات إلكترونية غير رسمية، في حين يعادل سعر الصرف الرسمي 8542 ليرة مقابل الدولار. ويعتمد التجار على سعر الصرف غير الرسمي لتحديد أسعار السلع التي يبيعونها، مما يؤدي إلى ارتفاع تدريجي في ثمنها.

ويعيش غالبية السوريين اليوم تحت خط الفقر بينما يعاني أكثر من 12 مليونًا منهم من انعدام الأمن الغذائي، وفق الأمم المتحدة.

وقال المحامي والمحلل الاقتصادي عمار يوسف لوكالة فرانس برس في دمشق إنّ زيادة الرواتب بالتزامن مع رفع أسعار المحروقات سيؤدّيان الى “ارتفاع غير مسبوق في الأسعار.. وبالتالي إلى مزيد من التضخّم والفقر”.

ورأى أنّ صدورهما بشكل متزامن “غير موفّق (…) في ظلّ العقوبات الظالمة المفروضة على سوريا، وسيؤدّي بالتالي إلى مزيد من عدم القدرة على ضبط سعر الصرف خصوصاً في السوق السوداء”.

ولطالما اعتبرت دمشق العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة عليها منذ اندلاع النزاع عام 2011 سبباً أساسياً للتدهور المستمر لاقتصادها.

ورغم تراجع وتيرة المعارك في سوريا، حيث أودى النزاع بأكثر من نصف مليون شخص وهجّر ملايين السكان داخل البلاد وخارجها، ودمّر البنى التحتية، إلا أنها ما زالت تعاني من ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة.