غزة.. غضب شعبي ضد حماس بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية

  • أثار ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية بشكل مفاجئ غضب السكان في غزة
  • تعاني غزة من أوضاع اقتصادية مزرية، وارتفاعٍ في معدلات البطالة والفقر
  • أصدرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بياناً دعت فيه حماس إلى إطلاق حملة لضبط الأسعار

 

أثار ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية بشكل مفاجئ غضب السكان في غزة، لكونها من أوضاع اقتصادية مزرية، وارتفاعٍ في معدلات البطالة والفقر، إذ وفقاً لبيانات مركز الإحصاء الفلسطيني، فقد بلغت معدلات الفقرة في غزة ما يزيد عن 85%، بينما بلغت معدلات البطالة نحو 65% هذه النسبة تعتبر الأعلى في الأراضي الفلسطينية.

وعبّر فلسطينيون عن غضبهم، جراء رفع التجار لأسعار العدس والفول والحمص والزيت والسكر، والدقيق، الذي أثار خوف المواطنين من ارتفاع سعر ربطة الخبز الذي يبلغ 7 شيكل ما يقارب (2.18 دولار).

وسارعت حماس إلى امتصاص غضب الشارع الغزي بطريقة غير مباشرة، إذ بدلاً من رفع سعر ربطة الخبز، قررت خفض وزن الربطة 200 جرام لكي تباع بنفس السعر السابق، وأرجعت حكومة حماس هذا الانخفاض لارتفاع سعر الدقيق.

علماً أن سعر رغيف الخبز المدعوم حالياً في مصر (0.0032 دولار) أما في غزة فيبلغ سعر رغيف الخبر (0.048 دولار).

واتهم سلامة معروف رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في حماس السلطة الفلسطينية في رام الله بتحصيل ما يقارب من 90% من ضرائب وجمارك المنتجات والسلع التي تدخل عبر معبر كرم أبو سالم، على الرغم من أن حماس تجمع من التجار رسوم أرضيات ونقل، وضريبة دخل ومعابر، بما يعرف بـ” الازدواج الضريبي”.

وأصدرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بياناً دعت فيه حماس إلى إطلاق حملة لضبط الأسعار، وإعلانها لجمهور المستهلكين، مشددةً على ضرورة تشديد الرقابة على الأسعار، وإنفاذ القانون بحق المتلاعبين بالأسعار.

وأكدت أن التلاعب بقوت الفقراء، من شأنه أن يعزز انعدام الأمن الغذائي، وضرب صمود الفلسطينيين في غزة، الذين يواجهون الحصار الإسرائيلي منذ سنوات، موضحةً أن غزة أحوج ما تكون لدعم الحكومة للسلع الأساسية.

ماذا قال المواطنون في غزة لـ”أخبار الآن”؟

وأكد أحد المواطنين لـ”أخبار الآن” أنه لاحظ مؤخراً غلاء أسعار المواد الأساسية مثل السكر والأرز والزيت والعدس، والدقيق، موضحاً أن الوضع الاقتصادي في غزة منهك للغاية، مطالباً حماس بدعم السلع الأساسية التي يحتاجها المواطن، ليحيا حياةً كريمة.

بينما أرجع نائب نقيب جمعية مستوردي المركبات في غزة وائل الهليس لـ”أخبار الآن” سبب ارتفاع السيارات في غزة إلى ارتفاع قيم الضرائب والجمارك المفروضة على السيارات في فلسطين، إذ تعد ضرائب السيارات ثالث أكبر إيراد لخزينة السلطة الفلسطينية، بعد الوقود والمحروقات والسجائر، فعلى سبيل المثال فإن سيارة بحجم محرك 2000cc يضطر التاجر لدفع 80% من سعرها كجمارك للسلطة، كما يضطر إذا زاد حجم المحرك عن 2000cc إلى دفع جمارك نسبتها 117% من سعر السيارة، ويتبع ذلك رسوم معابر وأرضيات وتخليص جمارك وضريبة دخل ونسبة ربح ثابتة 11% تذهب لحماس في غزة، ما يتسبب بغلاء أسعار السيارات في قطاع غزة مقارنةً بدول الجوار مثل مصر والأردن.

وعند عمل مقارنة سريعة فإن سعر سيارة هيونداي توسان مستعملة سنة إنتاج 2018 في مصر يبلغ قرابة 24 ألف دولار أمريكي في المقابل يبلغ سعر سيارة بذات المواصفات في قطاع غزة 34 ألف دولار.

كما يبلغ سعر أقل أنواع السجائر في غزة ما يزيد عن “4 دولار أمريكي” لعلبة السجائر الواحدة، في  تباع في مصر بأقل من نصف دولار للعلبة الواحدة، بسبب الضرائب التي تفرضها حماس عليه، فيما تبلغ سعر اسطوانة الغاز في مصر (٤.١٣ دولار) بينما تبلغ في قطاع غزة (٢٠.٩١ دولار).

ارتفاع أسعار السلع الأساسية في "غزة" يثير غضب الفلسطينيين ضد حماس

المحلل الاقتصادي محمد أبو جياب

من جهته أكد المحلل الاقتصادي محمد أبو جياب لـ”أخبار الآن” أن المواطن في غزة يعيش حالةً اقتصادية مأساوية جراء حالة التراجع الاقتصادي المرتبطة بمؤشراتٍ خطيرة من بينها ارتفاع نسب البطالة لما يزيد عن 50%، وتجاوزت نسبة الفقر 70%، فضلاً عن غياب القدرة الحكومية على التوظيف وتراجع انتاجية القطاع الخاص، ما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للمواد الأساسية في غزة.

وأوضح أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية جاء ليفاقم أزمة المواطن في غزة، إذ لن يقوى على توفير احتياجاته اليومية، ما يهدد الأمن الغذائي في القطاع، مؤكداً أن توفير السلع الأساسية للمواطنين هو مسؤولية الحكومة وليس التجار.

وطالب الجهات الحكومية التدخل السريع والمباشر لحماية الطبقات الفقيرة والهشة داخل غزة، من خلال تأمين السلع الغذائية الأساسية وبأسعار مقبولة، عبر إعفاء هذه القطاعات من الجمارك والضرائب والرسوم المفروضة على توريدها للقطاع، وبما يحقق في الوقت ذاته قدرة القطاع الخاص على التنافس.

وبين أن من أخطر أسباب الزيادة المهولة على أسعار السلع والعملية التجارية في غزة، هو الازدواج الضريبي الناتج عن الانقسام الفلسطيني، إذ تُحصِّل الحكومتان في غزة والضفة الغريبة الأموال على شكل ضرائب ورسوم من التجار في غزة على نفس البضائع الموردة للقطاع، ما يزد من عمق الأزمة، ويتسبب بغلاء السلع والبضائع، وذلك يتكبده المواطن في غزة.

وعلى الرغم من ارتفاع أسعار السلع عالمياً إلا أن غزة كانت من بين الأكثر تأثراً بهذه الزيادة، إذ تضاعفت أسعار السلع الأساسية، نتيجة هشاشة الوضع الاقتصادي، وضعف القدرات الحكومية على توفير المخزون الاستراتيجي للسلع الأساسية وفق ما أكد أبو جياب.

وقال: “بعض الدول لم تتأثر بموجة الغلاء بسبب إمكانياتها العالية في تخزين كمياتٍ كبيرةٍ من السلع الاستراتيجية كالسكر والزيت والدقيق والأرز”.

مبدياً استغرابه من سياسة الاستيراد في غزة، وعدم وجود رؤية استراتيجية على المستوى الحكومي لحماية المواطن وتوفير احتياجاته من السلع الأساسية.

ارتفاع أسعار السلع الأساسية في "غزة" يثير غضب الفلسطينيين ضد حماس


أستاذ العلوم الاقتصادية في جامعة الإسراء أمين أبو عيشة

من ناحيته، أكد أستاذ العلوم الاقتصادية في جامعة الإسراء أمين أبو عيشة لـ”أخبار الآن” ارتفاع اسعار السلع الأساسية في غزة، مرجعاً السبب لإعاقة عملية النقل من الجانب الإسرائيلي لغزة، فضلاً عن الازدواج الضريبية من قبل حكومة الأمر الواقع في غزة.

وقال: “غياب الرقابة المهنية من قبل وزارة الاقتصاد في حكومة غزة يترك المجال لتلاعب التجار في أسعار السلع”.

ويتابع: “هناك ارتفاع عالمي لكنه لا يتناسب مع الارتفاع المهول في غزة، ذلك يرجع إلى فرض حماس ضرائب على السلع الواردة من الخارج بشكل مباشر أو غير مباشر، دون الإعلان عنها وفق ما بين أبو عيشة”.

وشدد على أن الارتفاع في المنظومة الضريبية يجب أن يتلاءم مع مستويات الدخل سواء كانت متعلقة بالقطاع الخاص أو الحكومي، مستبعداً أن تقوم حماس أو السلطة الفلسطينية بملائمة أسعار البضائع مع رفع معدلات الأجور، عبر ما يعرف ببدل غلاء معيشي.