على مدى عشرين عاماً كانت الولايات المتحدة الأمريكية حاضرة في أفغانستان، ومنذ اللحظة الأولى لطرد طالبان من الحكومة آنذاك في العام 2001، كان التوجه والهدف واحداً، محاربة الأميركيين والداعمين لهم.

  • أهم عامل تماسك مصالح طالبان المتباينة كان وجود القوات الأجنبية وقد اختفى الآن
  • خلافات كبيرة بين أجنحة طالبان ميدانياً والجناح السياسي لا يملك ترف السيطرة عليها 
  • من الصعب أن تقتنع مجموعات في أفغانستان من التخلّي عن زراعة الأفيون 
  • مع الحديث عن الحكومة وتقاسم الحصص يزداد الأمر سوءاً

اليوم خرج الأمريكيون من أفغانستان في مشهد شابه الكثير من الفوضى، لا سيما في كابول، والخوف من قبل الأفغان الذين ناضلوا كثيراً من أجل حرياتهم ونمط حياة طبيعي.

بالأمس باتت سيطرة طالبان على أفغانستان أمراً واقعاً، إلّا أنّ السؤال الأهم اليوم، هل فعلاً سيطرت طالبان على كامل أفغانستان؟ فما الذي لم تكشف عنه طالبان حتى الآن؟

ما لم تكشف عنه طالبان

مع تبدّل المشهد في أفغانستان، يبدو كأنّ طالبان منظمّة متماسكة، ذات هيكل تنظيمي وإطار توجيهي للأفكار، وقيادة قادرة على ممارسة السيطرة على مقاتليها. فإلى أيّ مدى يمكن اعتبار ذلك صحيحاً؟ وهل يسيطر الجناح السياسي لطالبان على الأرض في أفغانستان فعلاً؟

الدكتور مايك مارتن: 3 أجزاء من طالبان بالكاد يمكنها العمل معاً وأحياناً تتقاتل

ثمّة ثلاثة أجزاء من طالبان، يقول الدكتور مايك مارتن، وهو متخصص في دراسات الحرب ومتابعٌ لشؤون أفغانستان عن كثب، هذه الأجزاء بالكاد يمكنها العمل معاً، وأحياناً تقاتل بعضها البعض. وقد تحدّثت تقارير عن اشتباكات بين تلك الجماعات من أجل السيطرة على نقاط التفتيش.

يشرح مارتن إنّ هناك مجموعة من أباطرة المخدّرات الذين يقودون مجموعة اسحاقزاي، بقيادة غول أغا اسحاقزاي والصدر ابراهيم في هلمند، وهذه المجموعة منظمة إلى حدّ كبير، لديها روابط وثيقة مع إيران، وهي تجني الأموال من المخدرات. ارتباطها بطهران هو بكل بساطة لأنّ نهر هلمند يتدفق إلى منطقة سيستان في إيران، وفي السيطرة على نهر هلمند مصلحة حيوية بالنسبة لتلك الدولة الفارسية.

ثمّة مجموعة أخرى أيضاً مرتبطة بشورى كويتا، المرتبطة ببرادار الذي التقى وزير الخارجية الصيني، قبل سقوط كابول بأيّام قليلة، وقد أوكل إلى شقيقه على الأرض في أوروزغان مهمّة تنظيم سير الأمور هناك، مع الإشارة إلى أنّ الذين يتواجدون في كويتا، مسؤولون عن كلّ ما يجري في سبين بولداك وقندهار.

”مجلس شورى كويتا“ التابع لحركة الطالبان، وهو هيئة إقليمية توجه أنشطة حركة الطالبان في جنوب وغرب أفغانستان وكانت قد أدت دورا في جمع الأموال، ويشرف عليه ويديره تورك آغا، وهو من كبار قادة حركة الطالبان منذ أواخر عام 2014

إضافةً إلى ذلك، هناك يعقوب ابن الملا عمر، الذي على ما يبدو يتولى اللجنة العسكرية في كويتا، لكن لا أحد يستمع إليه، لا سيما أبناء هلمند، وفق مارتن، الذي يوضح أن جماعة يعقوب تكره جماعة حقاني، وهي جماعة أخرى كانت أقسمت الولاء للملا عمر، لكنها ليست جزءاً من طالبان.

أهم عامل تماسك مصالح طالبان المتباينة كان وجود القوات الأجنبية وقد اختفى الآن

يزداد الأمر سوءاً عندما يقتربون من الحكومة، فالخلاف يتظّهر أكثر مع تقاسم الجبنة، إذ أنّ أهم عامل تماسك كلّ هذه المصالح المتباينة لطالبان، كان وجود القوات الأجنبية، وقد اختفى الآن.

الآن يتمّ الفرز مع الإشارة إلى أنّ معظم أعمال العنف في أفغانستان اليوم، مدفوعة بقضايا محلية مفرطة، مثل النزاعات على الأراضي أي السلطة، الحصول على المياه الزراعية، الصراعات حول المخدرات، الخلافات بين الأجيال، وغيرها الكثير.

مَنْ أهم أبرز قادة طالبان؟

في ظل كل ذلك التخبّط ميدانياً، تسعى طالبان لتحسين صورتها أمام العالم، لكن في الحقيقة، ليس هناك من تغيير خصوصاً على صعيد الشخصيات القيادية منذ 1996. فمن هم أبرز أربعة من قادة طالبان؟

الملا هبة الله أخوند زاده

يعتبر الملا هبة الله آخوند زاده، هو من أوائل الذين انضموا لطالبان عند تأسيسها عام 1994، تبوأ رتبة القائد الأعلى للحركة في مايو 2006 بعد مقتل الملا أختر محمد منصور بهجوم بطائرة أمريكية مسيرة في باكستان. وفور تعيينه، أعلن زعيم القاعدة أيمن الظواهري دعمه له، وأطلق عليه لقب أمير المؤمنين.

فرّ أخوندزاده إلى باكستان في العام 2001، حيث كان يدرّس في مدارس دينية قبل أن يعود للعمل في عهد الملا منصور، ويعرف عنه أنه لا يملك الكثير من الخبرة العسكرية.

ما لم تكشف عنه طالبان حتى الآن.. وتلك البداية

مقاتلو طالبان يقومون بدوريات على مدرج المطار بعد انسحاب الجيش الأمريكي تمامًا من البلاد -غيتي

الملا عبد الغني برادار

ولد الملا عبد الغني برادار في ولاية أورزغان جنوب أفغانستان، ونشأ في قندهار. وهو أحد مؤسسي حركة طالبان مع الملا عمر.

وكان الملا برادار القائد العسكري لطالبان عندما اعتقل في العام 2010 في مدينة كاراتشي الباكستانية، ليطلق سراحه في العام 2018 تحت ضغط من واشنطن، ثمّ تمّ تعيينه رئيساً لمكتب طالبان السياسي في الخارج.

وتحدث برادار مع ترامب في العام 2020، بعد توقيع الاتفاق، ليصبح أوّل زعيم لطالبان يتواصل مباشرة مع رئيس أمريكي. وكان برادار هو الذي تحدث إلى الأفغان يوم الأحد بعد فرار الرئيس أشرف غني من البلاد.

الملا محمد يعقوب الوريث

محمد يعقوب هو نجل الملا عمر، ومن بين أصغر القادة الثلاثة المساعدين لزعيم طالبان. يمثل يعقوب الجيل الجديد الذي لم يعايش الفترة الأولى لحكم طالبان. تمّت ترقية الملا يعقوب إلى مجلس قيادة طالبان في العام 2015، بعد وفاة والده بوقت قصير. كما تمّت ترقية الملا عبد المنان إلى المجلس الذي يوجد مقره في مدينة كويتا جنوب غرب باكستان، بالقرب من الحدود الأفغانية. كما تمّ تعيين الملا يعقوب رئيساً للجنة العسكرية لطالبان في 15 من أصل 34 مقاطعة في أفغانستان. وجاء تعيين الملا يعقوب العسكري في مايو  العام 2020، الذي يعتقد البعض أنّه يدعم عملية السلام، في أعقاب توقيع اتفاق تاريخي بين طالبان والولايات المتحدة في فبراير 2020، بهدف سحب القوات الأجنبية وإنهاء التمرد.

وكان محمد يعقوب مجهولاً تقريباً قبل 7 سنوات عندما كشفت طالبان عن وفاة غامضة لوالده ومؤسسها الملا محمد عمر. وقد اعترفت طالبان بأنّ زعيمها الروحي قد مات منذ أكثر من عامين، بعد وقت قصير من إعلان المخابرات الأفغانية أنّه توفي متأثراً بالمرض في العام 2013 في مستشفى في باكستان المجاورة، والتي قاد منها القائد الأعور التمرد في أفغانستان.

في أوّل تصريح علني له في ذلك الوقت، دعا يعقوب في العشرين من عمره إلى الوحدة داخل الجماعة السنية المتطرفة ورفض الشائعات التي تفيد بأن وفاة والده كانت نتيجة عمل داخلي. منذ تلك الرسالة الصوتية الأولى في العام 2015، صعد الملا يعقوب الطموح في صفوف طالبان.

ما لم تكشف عنه طالبان حتى الآن.. وتلك البداية

أنس حقاني يقوم بجولة على المركبات العسكرية التي استولى عليها مقاتلو طالبان في مطار كابول – غيتي

سراج الدين حقاني

سراج الدين حقاني، يرأس شبكة حقاني وهي مجموعة جهادية مرتبطة بالقاعدة، أسسها والده جلال الدين حقاني في الثمانينيات، في ذروة الحرب الأفغانية السوفياتية. وبعد خروج السوفيات من أفغانستان، نسج جلال الدين حقاني علاقات وطيدة مع الجهاديين الأجانب، كأسامة بن لادن.

تجدر الإشارة إلى أنّ الملا منصور اتهم بالتستر على مقتل الملا عمر وتولي قيادة الجماعة المتطرفة من دون موافقة رسمية. وقد كافح من أجل التوفيق بين الفصائل المتناحرة، مع انشقاق بعض القادة عن المجموعة وتحدي قيادته. قُتل في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار في باكستان في مايو 2016.

شاهدوا أيضاً:  الأفغانية باشتانا دوراني تتحدى طالبان.. “سأبقى أعمل رغماً عن أنوفكم”