يوم الخامس عشر من شهر أغسطس الحالي، لم يكن يوماً عادياً في أفغانستان، بعد أن استفاق الأفغانيون والعالم على خبر دخول طالبان إلى العاصمة الأفغانية كابول، بسرعة فائقة وعلى وقع سقوط مدوٍّ للجيش الأفغاني تبعه فرار الرئيس أشرف غني fصحبة عائلته إلى خارج البلاد.

  • سقوط كابول السريع بيد طالبان صعق الأفغانيين والعالم
  • تسؤلات عن قدرة طالبان على حكم أفغانستان 
  • 5 مهام أساسية تنتظر طالبان لإرساء حكم مستقر وفعّال في البلاد
  • أبرز المهام قطع العلاقة مع الجماعات المتشددة 
  • المقاومة موجودة وهي من الأمور التي ستعقّد المشهد في أفغانستان

ويمكن القول إنّ هذا الأسبوع، كان أسبوع طالبان بامتياز، لتصبح الحركة محط أنظار العالم، وحديث وسائل الإعلام شرق الأرض وغربها، وليس ذلك بغريب، فمشاهد استحواذ الحركة على أراضي أفغانستان بشكل منظم، وسقوط المدن واحدة تلو أخرى، واختتام المشهد بالوصول إلى العاصمة كابول من دون أيّ مقاومة من الحكومة الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة، يعد تطوّراً عسكرياً وسياسياً مهمّاً.

طالبان

الرئيس الأفغاني أشرف غني الذي فرّ إلى خارج البلاد مع سقوط كابول- رويترز

إلّا أنّ السؤال الأبرز على ضوء المستجدات الأخيرة، هل يمكن لطالبان حكم أفغانستان والحفاظ على السلام والإستقرار فيها بعد خروجها من السلطة منذ أكثر من 20 عاماً؟

الجواب على ما سبق يكمن في قدرة طالبان على النظر في “مرآة العالم”، وتنفيذ بعض الإصلاحات الفورية، لاستعادة الشرعية السياسية خارج أروقة السلطة في كابول، ولإتاحة أيّ فرصة للبقاء السياسي على المدى الطويل كحكومة وطنية مستقرة ومعترف بها.

ولتحقيق ذلك، يتعين على أيّ حكومة جديدة في طالبان، إجراء إصلاحات اجتماعية وسياسية رئيسية خصوصاً في المناطق والمدن الرئيسية في أفغانستان، ويكون ذلك عبر خمس نقاط أساسية:

مهام صعبة أمام طالبان

أولاً: يجب أن يُنظر إلى طالبان على أنّها قطعت كلّ العلاقات مع تنظيم القاعدة – على الأقل في العلن – لا سيّما أنّ القاعدة وأخواتها كانوا السبب الرئيس وراء قيام الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو بغزو أفغانستان وقصفها واحتلالها لما يقرب من 20 عاماً، وبالتالي إذا أرادت طالبان البقاء كحكومة شرعية في أفغانستان، فعليها أن تضمن للمجتمع الدولي أنها اتخذت كلّ الإجراءات الضرورية لقطع العلاقات مع شبكات القاعدة.

طالبان

دورية لطالبان في شوارع كابول- Getty Images

ولا يختلف إثنان على أنّ أمام طالبان مهام صعبة، خصوصاً في ما يتعلق بعلاقاتها العملياتية الوثيقة مع القاعدة على مدى عقدين من الزمن، إلّا أنّ الحركة إذا أبقت على علاقتها مع القاعدة، فإنّ صورتها الديبلوماسية وعلاقاتها الدولية ستبقى في حالة شك وصراع في الداخل الأفغاني وفي الخارج أيضاً، فحالة المنبوذ السياسي من شأنها أن تلحق المزيد من الضرر باقتصادها المتدهور.

وهنا يتعيّن على طالبان إثبات أنّ لديها خطة لمكافحة التمرّد لمنع القاعدة وداعش وغيرها من الجماعات المتشدّدة في ولاية خراسان، من استخدام أفغانستان كملاذ آمن؛ إمّا للإختباء أو تدريب المقاتلين أو الإنطلاق لشنِّ هجماتٍ خارج البلاد. ومن أفضل الطرق لقيام طالبان بذلك، أن تنضم بنشاط وتتولى أدواراً استباقية مع مبادرات التحالف العالمي الحالية التي تستهدف الجماعات المتشدّدة والشبكات التابعة لها.

طالبان

إجلاء أفغانيين في مطار كابول على متن طائرة تابعة لسلاح الجو الألماني – رويترز

ثانياً: يجب أن تكون طالبان مستعدة لإعادة بناء الثقة المفقودة مع الكثيرين من أبناء الشعب الأفغاني، وقد شاهدنا مظاهر الرعب للهاربين في مطار كابول الدولي، ومن يستطيع أن ينسى رؤية المواطنين المذعورين يسقطون من الطائرات الأمريكية المغادرة عند إقلاعها؟! لا يزال الكثيرون خائفين من حكومة طالبان وممّا يمكن أن يصيبهم في ظل حكم الجماعة، خصوصاً مع انتشار تقارير  عن عمليات قتل لقوات الأمن.

طالبان

صورة توثق لحظة سقوط أفغانيين كانوا تشبثوا بطائرة أمريكية أثناء إقلاعها من كابول – رويترز

 

طالبان

أفغانيون يحاولون اجتياز جدار مطار كابول بعد سيطرة طالبان علة كامل أفغانستان – رويترز

ثالثاً: ضمان طالبان العفو الكامل عن جميع أبناء الشعب الأفغاني، وإثبات أنّ لديها إطر سياسة شاملة وخاضعة للمساءلة. كما يجب أن تضمن بنفس القدر أن قيادتها لن تتسامح مع سياسات القيادة التي تستهدف الأفراد أو المؤسسات الحكومية للإنتقام أو الإنخراط في أيّ معاملة تمييزية ضدّ الأفغان أو الأجانب الذين عملوا أو دعموا الحكومة الأفغانية السابقة.

طالبان

المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد يجيب على أسئلة الصحافيين في مؤتمر صحافي عقده في كابول – Getty Images

رابعاً: يجب على طالبان إصلاح الطريقة التي تعامل بها النساء والفتيات، ويجب أن تضمن أنّها ستنشئ آلية حماية ومساءلة لرفاه النساء والفتيات اللواتي يرغبن في الانخراط في التعليم والرياضة والسياسة وأنشطة التوظيف في أي مستوى. إن هذا النوع من الإصلاح سيضمن بالتأكيد كسب قلوب وعقول العديد من الأفغان في الداخل والخارج.

طالبان

نساء يتظاهرن في أحد شوارع كابول للمطالبة بحقوقهن بعد سيطرة طالبان على الحكم – رويترز

خامساً: يجب على طالبان ألّا تتنصل من إنشاء حكومة حقيقية لتقاسم السلطة مع الأعضاء الرئيسيين في الحكومة السابقة لأفغانستان والجماعات السياسية المعارضة، فمن شأن الحكومة الشاملة إنقاذ طالبان من التحديات السياسية الداخلية من قبل القوى المقاوِمة، وربّما كان من السهل بشكل “غير متوقع” على طالبان الإستيلاء على السلطة في كابول بعد 20 عاماً كمجموعة متمردة، لكنّ الجماعات المسلّحة المنشقة القوية التي تشعر بأنّها مستحقة ولكنّها مستبعدة من أي تقاسم للسلطة مع طالبان، ستجعل الحكم والإستقرار صعباً ومعقّداً، وسوف يتحمل الأفغان العاديون التبعات كما هو الحال دائماً.

شاهدوا أيضاً: أخبار الآن تواجه الناطق باسم طالبان بمشاهد القتل والقمع في أفغانستان