تحولات مفاجئة لأنماط الطقس ودورة المياه نتيجة تغير المناخ
- تقرير المناخ الصادر على الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أثار العديد من المخاوف
- فاطمة الدرويش نائبة رئيس الفريق الأول بالهيئة تتحدث لأخبار الآن عن أهم النقاط التي وردت بالتقرير الأخير
- فاطمة الدرويش توضح حجم التأثير البشري على احترار الأرض
- الإجابة عن: هل ستختفي المدن الساحلية؟
أثار تقرير تغير المناخ الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ(IPCC) والتابعة للأمم المتحدة الكثير من المخاوف لدى سكان وحكومات دول العالم ، حيث توقع التقرير اختفاء دول بالكامل من خريطة العالم، وهي الدول الساحلية المنخفضة مثل دول المالديف والتي عبر رئيسها السابق عن مدى الذعر الذي انتاب بلاده عقب التقرير، حيث قال محمد نشيد، الرئيس السابق لجزر المالديف “نحن ندفع بأرواحنا ثمن الكربون المنبعث من شخص آخر” ، والمالديف تنتظر نفس المصير الذي ينتظر 50 دولة ساحلية منخفظة معرضة لتأثيرات خطيرة نتيجة تغير المناخ.
في تصريحات خاصة لـ”أخبار الآن” كشفت الدكتورة فاطمة الدرويش نائبة رئيس الفريق الأول (الأساس العلمي الفيزيائي لتغير المناخ) بالهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) عن أهم النقاط التي وردت بالتقرير الأخير لتغير المناخ قائلة “لقد قيم التقرير الأخير حوالي 14000 منشور علمي وهو يعكس التطورات العلمية الهامة ويمثل فهمًا أفضل بكثير لتغير المناخ الماضي والحاضر والمستقبل، وقد اعتمدنا في هذا التقرير نهجًا أكثر تعقيدًا وتطورا لتقييم معدل الاحترار المستقبلي وارتفاع مستوى سطح البحر بالاعتماد على خطوط متعددة من الأدلة لتقديم أكثر التوقعات دقة حتى الآن.”
التقرير كشف عن زيادة درجة حرارة الأرض أكثر من 1.5 درجة خلال 20 عام
وعن التأثير البشري على احترار الأرض تضيف الدكتورة فاطمة الدرويش “لدينا الآن المزيد من الأدلة على أن التأثير البشري يجعل الظواهر المناخية المتطرفة أكثر تواتراً وشدة ، بما في ذلك موجات الحر والأمطار الغزيرة والجفاف ، .والتغييرات الأخيرة في المناخ واسعة الانتشار وسريعة ومكثفة و هي غير مسبوقة منذ آلاف السنين.”
وتكمن أهمية التقرير الأخير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أنه،استنادًا إلى حسابات أكثر تطورا، فقد أوضح أنه من المتوقع أن يصل متوسط الزيادة في درجة الحرارة العالمية أو يتجاوز 1.5 درجة مئوية فوق مستويات 1850ـ1900 خلال السنوات العشرين القادمة مما يعني أنه في وقت أبكر مما تم تقييمه في التقرير الخاص الأخير حول الاحترار بزيادة 1.5 درجة.
وتوضح الدرويش أن التقرير أثبت أنه ما لم تكن هناك تخفيضات قوية فورية وسريعة وواسعة النطاق في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ، فإن الحد من الاحترار إلى 1.5 درجة مئوية سيكون بعيد المنال وهذا يعني مخاطر و تأثيرات مناخية أكبر.
وذكرت فاطة الدرويش أن من بين النتائج التي توصل إليها التقري أن تغير المناخ يؤثر بالفعل على كل منطقة على وجه الأرض وذلك بطرق متعددة كما أن التغييرات التي نشهدها ستزداد مع كل مزيد من الاحترار مما يعني مع كل مزيد من انبعاثات الغازات الدفيئة.
هل ستختفي المدن الساحلية؟
أكد التقرير الصادر عن خبراء المناخ في الأمم المتحدة، أن بعض عواقب الاحترار المناخي “غير قابلة للعكس”. وتحت تأثير ذوبان الجليد القطبي، سيستمر مستوى المحيطات في الارتفاع “لقرون بل لآلاف السنين”، فهل معنى ذلك أن هناك مدن ستختفي كما توقع العلماء منذ أعوام، مثل مدينة الاسكندرية في مصر مثلا أو المدن الساحلية بصفة عامة؟
هذا ما أجابت عنه عضو لجنة وضع التقرير الأممي الأخير عن تغير المناخ قائلة “تشمل نقاط التحول المحتملة التي يدرسها العلماء أحداثًا مثل انهيار الصفائح الجليدية في جرينلاند أو القطب الجنوبي مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسرع في مستوى سطح البحر”
وعن معنى ما جاء في التقرير بأن بعض عواقب الاحترار المناخي “غير قابلة للعكس” أوضحت الدرويش أن العديد من التغييرات الناجمة عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الماضي والمستقبل لا رجعة فيها لعدة قرون إلى آلاف السنين ، لا سيما التغيرات في المحيطات والصفائح الجليدية ومستوى سطح البحر ومع ذلك، يمكن إبطاء بعض هذه التغييرات ويمكن إيقاف البعض الآخر عن طريق الحد من الاحترار، وبشكل عام ،فإن الحد من الاحترار يؤدي إلى تقليل احتمالية الوصول إلى نقاط التحول.
وعن العواقب الأخرى الإضافية لاحترار المناخ غير القابلة للعكس، ذكرت الدرويش أن نقاط التحول المحتملة التي يدرسها العلماء تشمل كذلك ذوبان الجليد الدائم الذي يؤدي إلى إطلاق غاز الميثان الإضافي وهو احد غازات الاحتباس الحراري ؛ والانهيار المفاجئ للدوران الانقلابي الطولي الأطلسي. وفي حالة حدوث مثل هذا الانهيار فمن المحتمل أن يتسبب في حدوث تحولات مفاجئة في أنماط الطقس الإقليمية ودورة المياه مثل التحول جنوبًا في حزام المطر الاستوائي ، وإضعاف الرياح الموسمية الأفريقية والآسيوية. ويشير التقرير بدرجة ثقة متوسطة بأنه لن يكون هناك انهيار مفاجئ قبل عام 2100 الا انه من المحتمل جدًا أن تضعف الدورة خلال القرن الحادي والعشرين وذلك في جميع سيناريوهات الانبعاثات.
عواقب كارثية يمكن العمل على تفاديها
إذا كان تثرير تغير المناخ الأخير قد تضمن العواقب الكارثية غير القابلة للعكس والتي لا يمكن منعها، فما هي العواقب “القابلة للعكس” والتي يمكن تفاديها في المستقبل بالحد من الانبعاثات الحرارية؟
تجيب نائبة رئيس الفريق الأول للجنة تغير المناخ عن ذلك فتقول “بشكل عام يؤدي الحد من الاحترار إلى تقليل احتمالية الوصول إلى نقاط التحول ومن المتوقع أن يؤدي الاحترار المستدام من 1.5 إلى 2 درجة إلى الحفاظ على ظروف مواتية لمنطقة القطب الشمالي خالية من الجليد تقريبا واستمرار فقدان الكتلة الجليدية في جرينلاند وأنتاركتيكا على مدى عدة قرون ، ويحتمل أن يشمل جميع الصفائح الجليدية في جرينلاند وغرب أنتاركتيكا على مدى آلاف السنين. ومع ذلك قد لا تنطوي درجات الاحترار هذه على نقاط تحول أو تغيير مفاجئ”.
أما عن دور المواطن العادي وحكومات الدول في منع كارثة الاحترار القادمة بعد منتصف القرن الحالي حسب ما ذكر التقرير تقول الدكتور فاطمة الدرويش “يؤكد التقرير على أن درجة حرارة سطح الأرض ستستمر في الارتفاع حتى منتصف القرن على الأقل في ظل جميع سيناريوهات الانبعاثات التي تم النظر فيها. وسيتم تجاوز الاحترار العالمي بمقدار 1.5 درجة مئوية و 2 درجة مئوية خلال القرن الحادي والعشرين ما لم تحدث تخفيضات كبيرة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغيرها من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العقود القادمة. وهذا لا يتم في رأيي الا بمجهودات من الجميع، مواطنين وحكومات دول الكوكب.”
موجات الحر الحالية إحدى الظواهر الساخنة المتطرفة نتيجة تغير المناخ
وعن علاقة موجة الحر الحالية في معظم دول العالم هذا الصيف بالاحتباس الحراري المصاحب للتغير المناخي فتقول فاطمة الدرويش” إن العديد من التغييرات في نظام المناخ تكثر وتتقوى في علاقة مباشرة مع زيادة الاحترار العالمي، و تشمل زيادات في تواتر وشدة الظواهر الحارة الشديدة ، وموجات الحر البحرية ، وهطول الأمطار الغزيرة ، والجفاف الزراعي والإيكولوجي في بعض المناطق ، ونسبة الأعاصير المدارية الشديدة. و تؤدي كل زيادة إضافية في ظاهرة الاحتباس الحراري إلى زيادات ملحوظة في شدة وتواتر الظواهر الساخنة المتطرفة بما في ذلك موجات الحر”.
و تختم الدكتورة فاطمة الدرويش حديثها لـ”أخبار الآن” بدعوة للأمل في قولها “لا زال من الممكن تفادي العديد من التغيرات او التخفيف منها ومن تأثيراتها وذلك عبر الحد و التقليص من العوامل المؤدية اليها و هي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري”.