أثار خطيرة لوباء كورونا على الصحة العقلية

هل جعلك الوباء تشعر باليأس والاكتئاب أثناء فترات الإغلاق؟ هل افتقدت العناق الدافئ وحب عائلتك وأصدقائك؟ ربما الانكماش الاقتصادي الناجم عن كورونا جعلك قلقًا بشأن المستقبل، أو ربما شعرت بمزيد من الضغط المرتبط بالعمل. لكنك بالتاكيد لم تكن الوحيد.

أظهرت دراسات مختلفة في جميع أنحاء العالم أن مجموعات كبيرة من الناس كانوا يشعرون بالاكتئاب واليأس والضعف.

في الولايات المتحدة على سبيل المثال، أظهر مسح أن 48٪ من البالغين أبلغوا عن أعراض خطيرة للاكتئاب.

في المملكة المتحدة، أظهر مسح أجرته مؤسسة الصحة العقلية الخيرية على 4000 بالغ نتائج مخيفة، إذ  شعر واحد من كل خمسة أشخاص “باليأس”. قسم كبير من هؤلاء الأشخاص – 39٪ – هم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 24 عامًا.

” أخبار الآن ” بدورها تحدثت إلى اثنين من الشباب اللذين قالا لنا إنهما شعرا بأن صحتهما العقلية قد تأثرت بشكل سلبي.

شعرت رضا عزيز البالغة من العمر 22 عامًا، وهي طالبة تعيش بمفردها في العاصمة البريطانية لندن، بنوبات من القلق بشكل منتظم. وتقول إنها شعرت أيضًا بالوحدة والاكتئاب عندما كان الإغلاق تاما في المملكة المتحدة  أضافت. “شعرت بهذا لأنني لم أكن قادرة على التواصل الاجتماعي كما أفعل عادةً، هذا إضافت الى ضغط من الأساتذة”.

 

هل جعلك وباء كورونا تشعر بالإحباط؟هذه القصص ستلهمك

المصدر: أكتيف مايندز

بدورها عطيفة نورين، وهي طالبة جامعية تبلغ من العمر 20 عامًا، وتعيش في الهند قالت :  “من المؤكد أن الإغلاق وكونك في مكان واحد، ترك أثرًا كبيرًا على حالتي العقلية. كانت هناك أيام جعلتني أشعر بعدم الإنتاجية وعدم الجدوى، لدرجة أن هذا الأمر دفعني إلى الشك في أن مستقبلي لن يكون جيدا، ما أدى إلى الكثير من التوتر والقلق. ليس هذا فحسب، فقد شعرت بأن الفصول الدراسية والواجبات عبر الإنترنت أصبح مهمة صعبة خصوصا أن معدل التركيز لدي وصل الى الصفر تقريبًا مع استمرار الإغلاق “.

والى منطقتنا العربية، حيث قامت جمعية الشرق الأوسط للعلاقات العامة (MEPRA) باستطلاع رأي مجموعة من المتخصصين في وسائل الإعلام، ووجدت أن 45 في المائة من الذين تم استطلاعهم كان لموضوع الصحة العقلية أثر على إكمال المهام المتعلقة بالعمل. كما أظهر الاستطلاع أن عدد الشخاص الذين شعروا بإجهاد كبير بلغ ثلاثة أضعاف منذ الإغلاق.

وفي هذا الإطار، تحدثنا الى مستشارة في مجال الاتصالات تقيم في دبي، شاهدوا ما قالته في الفيديو أدناه.

الى ذلك، قال أيضا عدد من الأشخاص الذين أصيبوا بفيروس كورونا إنهم شعروا بمستويات مرتفعة من التوتر.

وقد قابلنا بعض الأشخاص الذين يعيشون في الإمارات العربية المتحدة، والذين أصيبوا بـ كورونا. يمكنك اطلاع على سلسلة اللقاءات التي أجريناها تحت عنوان  “رابحون من كورونا” لتعرف المزيد عنهم.

كما التقت ” أخبار الآن” أيضًا ب أخيل جويل، الذي وجد طرقًا مبتكرة لمحاربة فيروس كورونا. وقال : “اعتقدت دائمًا أنني لا أقهر. لم أنزعج أبدًا من تقرير إيجابي في حياتي “.

أضاف: “في اليوم الأول كنت غير مصدق، وتوقعت أن يكون التقرير خطأ. في اليوم الثاني، كنت غاضبًا من الطريقة التي تركت بها الفيروس ينتصر علي”.

يصف أخيل اليوم الثالث بأنه كان بمثابة حفلة اجتمع فيها القلم والورق والشعر وأيضا المعكرونة والحبوب، وقال : “الوقت الذي أمضيته مع نفسي أثناء العزلة الذاتية تحول إلى استكشاف ذاتي، ووجدت نفسي أفضل، وبأنني مقاتل وجاهز”

 

كورونا يدمر الاقتصاد

في الوقت نفسه، تسبب الركود الاقتصادي الناجم عن كورونا أيضًا بعواقب وخيمة أدى الى زيادة عدد العاطلين عن العمل. وفيما اضطر الكثيرون الى مغادرة البلد الذي يعملون فيه بعدما خسروا وظيفتهم بسبب تبعات الجائحة، قرر عدد آخر عدم الاستسلام.

وهنا نأخذ على سبيل المثال، المواطن الهندي كليم خان، الذي تم تسريحه من عمله في الإمارات العربية المتحدة في مارس العام الماضي خلا فترة الإغلاق.

يقول خان : “لقد كان خبرًا مفاجئًا وصادمًا بالنسبة لي أن يتم تسريحي من العمل خلال بداية جائحة كورونا. لم يكن لدي أدنى فكرة عما يجب القيام به بعد ذلك، حيث لم تكن هناك رحلات جوية إلى بلدي الأم، وكانت الهند في في حالة إغلاق. كان العيش مع العائلة والأطفال بدون دخل يمثل صراعًا كبيرًا، لأنك تحتاج إلى تغطية النفقات اليومية بأي وسيلة. انتهت صلاحية تأشيرتي وألغت شركتي التأمين الطبي لي ولعائلتي. فجأة انقلبت حياتي رأسا على عقب “.

أضاف خان : “متمسكا بإيماني بالله، بدأت تقديم طلبات لإيجاد وظيفة عبر الإنترنت، ولكن لم أوفّق.”

واردف خان:” في المقابل حصلت على عدد قليل من عروض العمل، لكن براتب زهيد للغاية لم يكن كافياً لتأمين لقمة العيش”. أضاف أنه  قضى ليال بلا نوم وأيام حزينة، لكنه ظل متفائلًا أنه في يوم من الأيام سينجح.

وقال خان : “ذات يوم تلقيت مكالمة هاتفية من شركة وطلبوا مني الحضور لإجراء مقابلة في اليوم التالي. لحسن الحظ، تم اختياري، ولأنهم كانوا مستعجلين جدا لتوظيف أحد، فقد حصلت على عرض العمل في يوم المقابلة نفسه”.

أضاف خان: وفي اليوم التالي للانضمام إلى الشركة، أصبحت الحياة في مرحلة أفضل. أود أن أقول إن البقاء إيجابيًا والإيمان بنفسك هو مفتاح النجاح، وعدم التخلي عن ذلك سيؤدي بالتأكيد إلى تغيير المواقف في الحياة.

ارتفاع معدل البطالة

لقد شهد العالم مستويات غير مسبوقة من البطالة منذ أن بدأ وباء كورونا. وفي الواقع، كان العام 2020 أسوأ عام من حيث معدلات البطالة منذ الكساد الكبير في الثلاثينيات.

 

 

نظرًا لأن العديد من الأشخاص فقدوا وظائفهم، فقد تراجعت مدخراتهم التقاعدية أيضًا. كل هذا لا بد أن يؤدي إلى زيادة الضغط ويؤثر بشكل خطير على الصحة العقلية.

رحمة علي، مدرّسة، تم تسريحها من عملها بشكل غير متوقع في نوفمبر من العام الماضي. وقالت: “نبا تسريحي كان غير متوقع خصوصا أنه كان قد تم تجديد عقدي مع  المدرسة قبل شهر من تلقي مثل هذا الإخطار، الأمر الذي جعلني في حيرة من أمري. خصوصا وأن الرسالة لم تتضمن أي سبب لإنهاء العقد على الإطلاق”.

أضافت : “بدأت في البحث عن وظيفة.. كان عقد منزلي على وشك الانتهاء،وكانت لدي أقساط بنكية لأدفعها. لم أكن أعرف كيف أتعامل مع كل هذا وكان الكثير من الناس من حولي يتركون وظائفهم أيضًا، لذا لم أستطع حتى اقتراض بعض المال. شعرت بالتوتر الشديد يومًا بعد يوم”.

وتقول رحمة إن إيمانها بالله جعلها إيجابية ومستمرة في سعيها لإيجاد وظيفة، وبعد مرور شهرين على تقديم العديد من الطلبات، عُرضت عليها وظيفة في مدرسة أخرى وفي منصب أعلى.

أضافت رحمة: “لقد بدأت وظيفتي الجديدة مع المدرسة الجديدة والجو هنا أفضل بكثير من عملي السابق. أشعر بالتشجيع والتقدير في مكان العمل الجديد،  اتضح أن فقدان وظيفتي السابقة في مثل هذا الوقت الحرج كان حقًا نعمة لم أتوقعها أبدًا. أشعر بالبركة والامتنان لله. الإيمان يساعدك على اجتياز المصاعب “.