تناقلت وسائل الإعلام ومنصات التواصل الإجتماعي خبر تولي “أبي عبيدة يوسف العنابي” زعامة فرع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، وتشابهت المعلومات المتعلقة بالعنابي سواء الشخصية أو تلك التي تتحدث عن التحاقه بتنظيم القاعدة ودوره في فرع التنظيم.

المتابع للتوقيت والظروف التي رافقت تعيين العنابي زعيماً لفرع التنظيم في بلاد المغرب الاسلامي، تساوره الكثير من الأسئلة أهمها، لماذا تأخر تعيين شخص لهذا المنصب؟ وهل هذا هو الشخص المناسب؟ و هل تولى منصبه في ظروف عادية أم تخللها صراعات؟

مستشار "بن لادن" السابق يكشف الحقيقة المخفية عن "العنابي"

“أيمن فايد” – المستشار الإعلامي السابق لأسامة بن لادن وأحد مقاتلي تنظيم القاعدة سابقاً

وللإجابة عن جميع تلك الاسئلة وغيرها ولمعرفة الحقائق المتعلقة بالقاعدة وزعيمها الهرم الذي لم يؤكد خبر وفاته المتناقل من قبل التنظيم لغاية اللحظة، التقت “أخبار الآن” بالمستشار السابق لأسامة بن لادن وأحد مقاتلي التنظيم سابقاً “أيمن فايد” الذي قال: “عندما نتحدث عن أبي عبيدة يوسف العنابي يجب ان نستحضر الخلفية الحقيقية الكاملة له وليست المشهورة أي التي يتم الترويج لها من أجل تضليل الناس عن شخصيته الحقيقة”.

العنابي لا يخشى الظهور الإعلامي وهو ينتظر الفرصة

اقتصر ظهور زعيم فرع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي يوسف العنابي سابقاً على مقاطع فيديو قليلة مقارنة برسائله الصوتية التي كان يوجهها لأتباع القاعدة سواء في ليبيا وسوريا واليمن..، الأمر الذي دفع الكثير إلى التساؤل عن سبب ذلك الأمر خصوصا وأنه كان يلعب دور الناطق الإعلامي باسم الفرع.

وفي هذا الاطار، أوضح “أيمن فايد” أن العنابي لا يخشى الظهور الاعلامي وتلك هي مهمته وكان يتولاها في فرع التنظيم في بلاد المغرب الاسلامي، وحديثه السابق لقناة فرانس 24 في العام 2019، خير دليل على حبه للظهور، لكنه لم يتسلم الامر لذلك، لافتا الى انه شخصية غاية في التوتر، وتم استقدامه في هذه الفترة على اعتبار انه هو الشخص الذي سينقل تنظيم القاعدة التقليدي لمرحلة اخرى وبالتالي القضاء عليها”.

ضرب أمن واستقرار دول منطقة الساحل الأفريقي والمغرب الإسلامي

لطالما كان دور العنابي في تنظيم القاعدة ثانويا ويكاد لا يظهر له دور مهم سواء على مستوى التنظيم داخليا أو علاقته ببقية التنظيمات التي تنافس القاعدة في منطقة المغرب الاسلامي خصوصا قبل توليه زعامة الفرع، حيث أكد فايد أن تولي العنابي لزعامة التنظيم جاء من أجل ضمان ضرب الاستقرار في القارة السمراء وليس في شمال أفريقيا أو في منطقة بلاد المغرب والساحل والصحراء فحسب، بل وعموم أفريقيا والغرب الأفريقي وتحديداً نيجيريا ومالي، مضيفاً أن العنابي جاء ليؤدي دوراً بالقضاء على القاعدة المعروفة طوال الاعوام الماضية، كما رأى أن توقيت توليه زعامة فرع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي بعد مقتل دروكدال بستة الى سبعة شهور هو أمر غاية في الخطورة.

هل العنابي مرتبط بالقاعدة؟

قبل تولي أيمن الظواهري زعامة تنظيم القاعدة كانت اسماء القيادات والشخصيات معروفة لاتباع التنظيم، لكن بعد توليه الزعامة تسبب في افول التنظيم وساهم في اضعافه بسبب ضعف شخصيته وافتقاره لكاريزما القيادة مما ادى لاحقا لقبوله بالتحاق شخصيات جديدة لعبت دوراً في التمرد الذي شهدته الافرع، مثل يوسف العنابي زعيم فرع بلاد المغرب الاسلامي حالياً، وغيره من القادة والأمثلة على ذلك عديدة.

المستشار الإعلامي لاسامة بن لادن سابقا “أيمن فايد” أجاب “أخبار الآن” قائلاً: “هذا الرجل انا اعرفه معرفة جيدة منذ تسعينيات القرن الماضي وتحديدا العام 1993، عندما بدأت تطرأ على قاعدة بن لادن الحقيقية، وفود لا حصر لها من جميع الدول العربية والاسلامية خصوصا منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث اتضح لنا لاحقاً أن أغلبهم تابع لجماعة الاخوان المسلمين وجاؤوا لتلقي التدريب”، كاشفاً أن: “العنابي ودروكدال ذهبا الى افغانستان في العام 1992 وبقيا فيها لغاية العام 1993، حيث استكملا تدريباتههما، وأن من ارسالهما هو القيادي في جماعة الاخوان المسلمين في الجزائر ” سعيد مخلوفي”، وعادا الى الجزائر ليلتحقا بجبهة الانقاذ التابعة لـ”الاخوان”، وحينها لم يكن لهما علاقة بالقاعدة وقد بدأت علاقتهما بها أي القاعدة في العام 2007.

الشعبية والتأييد داخل التنظيم

يتبادر الى اذهان المتابعين لاخبار التنظيمات الارهابية خصوصا بعد تولي ابو عبيدة يوسف العنابي زعامة فرع القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي ان ذلك الشخص محبوب من قبل الاتباع لكن يصعب التأكد من ذلك الأمر بسبب شح المعلومات المتعلقة به.

ولكن فايد أكد ان العنابي مكروه من قبل تنظيم القاعدة الذي يديره الظواهري وأيضا من قبل فرع التنظيم في بلاد المغرب الاسلامي، ووالسبب أن علاقته بالناس على عكس ما يروج لها، أي أن كل ما يشاع عن “امتلاكه لعلاقات مع القبائل ومع الجماعات الجهادية داخل القارة السمراء هو كلام غير حقيقي”، لافتا الى ان “هذا الكلام هو محاولة لاظها انه يحظى بتأييد كبير في المنطقة الافريقية”.

تاريخ حافل بالخلافات والصراعات والمشكلات الاخلاقية

العلاقة التي تربط قيادات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي يكتنفها نوع من الغموض خصوصا في ظل التكتم الذي رافق احداثاً مهمة ابرزها مقتل عبد المالك درودكال وبقاء منصب زعامة فرع التنظيم شاغرا من دون قائد، يعطينا تصورا عن حجم الخلافات الداخلية والصراع الذي من المؤكد ان العنابي يشكل احد اطرافه.

ووفق “فايد”، فإن “العنابي كان على خلاف مع عبد المالك درودكال ويعيب عليه انه بايع ايمن الظواهري، وكان لديه كم كبير من الانحرافات خصوصا الاخلاقية منها لاسيما مع مع رفاقه إذ كان يشي بهم ويفشي اسرارهم ويماشي بالوقيعة بين العناصر، في حين أنه كان من المفترض به ان ان يكون رجل حكيما لكونه ضمن مجلس شورى التنظيم”.

كما وعاب على درودكال ايضا انه رفض الاعمال الارهابية التي يفترض ان تكون ضد فرنسا في مالي او الجزائر او بوركينا فاسو والنيجر وتشاد.

وفيما كان العنابي يظهر انه صاحب المظهر العنيف، شدد “فايد” على أن تكوين العنابي العملياتي ضعيف للغاية لانه لم يشارك باي عمليات ارهابية، كما أنه يمتلك كمية تناقضات رهيبة، والدليل أنه بدلا من تكوين حاضنة شعبيه له دخل بصراعات مع الاعيان الذين سيضمنون له تلك الشعبية.

أسباب تحييد مختار بلمختار

بعد مقتل درودكال وبقاء منصبه شاغرا، صعد اسم القيادي مختار بلمختار لتولي زعامة فرع القاعدة، لكن العنابي وبطريقة او باخرى جاء ليقصي بلمختار وينهي الفرضيات التي توجب ترشحه الى الأبد.

وفي هذا الجانب، اوضح فايد، أن هناك نقطتين في موضوع تجاهل مختار بلمختار.

الاولى، ان لديه مجموعة مشاكل، أولها، إعلان موته عشرات المرات الامر الذي سيدفع الناس لعدم تصديق وجوده حتى لو ظهر بفيديوهات وسيقولون انها مقاطع مفبركة كما حصل مع اسامة بن لادن سابقاً.

الثانية، هي ان بلمختار، ظهرت بشأنه اشاعة في اوساط الجماعات الارهابية ضمن المنطقة التي يعمل بها، ومفادها بانه على علاقة بالجيش الجزائري، مضيفاً: “وعندما تحققنا من ذلك تاكدنا من صحة ذلك الكلام، الامر الذي يجعله شخصا غير مرغوب به”.

علاقة مع الظواهري وخشية من من التصفية الداخلية

العنابي كان له علاقة بأيمن الظواهري الذي تسبب بضرب تنظيم القاعدة بحسب ما كشف “فايد”، قائلاًً: “عقدت محاكمة العنابي من قبل اسامة بن لادن وأربعة اشخاص آخرين من مجلس الشورى قبل ان يتصدر الظواهري المشهد ويسيطر على كافة مفاصل التنظيم”.

واعتبر فايد أن العنابي شأنه شأن سائر القيادات في تنظيم القاعدة يخشى التصفية، على الرغم من الحراسة المشددة، لانه لم يكن مرشحا للمنصب، وكان على خلافات مع اتباعه بسب التهم المتبادلة فيما بينهم.

إياد آغ غالي بدل الظواهري

وختم “فايد” كلامه بالتطرق إلى مسألة الظواهري، مرشحا تولي إياد آغ غالي زعامة التنظيم خلفا للظواهري، حيث سيتولى دفة الأمور في التنظيم ككل