أخبار الآن | اللاذقية – سوريا (عبد السلام حاج بكري)

أرهق شتاء هذا العام سكان سوريا عموما وسكان الساحل السوري على وجه التحديد، حيث حمل بردا شديدا مستمرا بالتزامن مع انقطاع شبه تام للتيار الكهربائي وفقدان لمادة المازوت وهما المادتان الوحيدتان التي يعتمد عليهما سكان الساحل في التدفئة.

الشبيحة باستيلائهم عنوة على مادة المازوت من محطات الوقود وفّروا التدفئة لمساكنهم، إضافة للمسؤولين والأثرياء الذين اشتروا المادة من السوق السوداء بأسعار مضاعفة، فيما عانى المدنيون الفقراء من البرد الشديد وفي العثور على طريقة للحصول على الدفء.

المنخفضات الجوية شديدة البرودة التي تكررت على الساحل والمرجحة للاستمرار دفعت السكان للبحث عن وسائل بديلة للتدفئة، فلجأت لطرق لم تستخدم سابقا في المنطقة، فمنهم من استخدم الحطب وبعضهم اعتمد على الفحم بنوعيه العادي و "التمز" وكلها تتسبب بأمراض تنفسية لا سيما لدى كبار السن والأطفال.

حطب الضرورة
نظرا لكونها مناطق ساحلية فهي لا تتعرض بالعادة للبرد الشديد، لذلك لم يستخدم سكانها مدافئ الحطب في التدفئة، لكنهم وجدوا أنفسهم مضطرين للاعتماد عليها هذا العام، رغم صعوبة تأمين الحطب في منطقة تحيط بها بساتين الفاكهة والليمون وتبتعد نسبيا عن الغابات الممنوع قطعها أصلا.

غياب الوقود في الساحل السوري يدفع السكان لوسائل تدفئة قاتلة

"في كل يوم أخرج مع الفجر باحثا في الحدائق العامة وعلى أطراف البساتين القريبة عن أخشاب يابسة بين الأشجار لإشعال المدفأة لأطفالي قبل توجههم إلى المدرسة" هذا ما قاله "أبو وليد" أحد سكان حي الصليبة في اللاذقية.
آخرون يلجؤون لطريقة أبو وليد، لكن كثيرين من سكان المدينة يعمدون لشراء القطع الخشبية الصغيرة التي تخلفها مناشر صناعة الموبيليا لإشعال النار في مدافئهم، والبعض يعجز عن دفع ثمنها الذي يرتفع يوما بعد يوم مع اشتداد البرد وازدياد الطلب عليها.

عناصر من الشبيحة وميليشيات الدفاع الوطني وجدوا في تجارة الحطب مصدر دخل جديد، فعمدوا لخرق القانون وتوجهوا لقطع أشجار الغابات وعرضها للبيع بأسعار مرتفعة في مدن الساحل، اضطر الفقراء من المدنيين لبيع قطع من أثاث منازلهم لشرائه.

الفحم القاتل
وسيلة تدفئة قديمة نسيها السوريون عادوا إليها تحت وطأة البرد والفقر، إنها الفحم بنوعيه العادي الذي يستخدم في المدافئ والآخر الناعم، المعروف باسم "التمز" أو "العرجوم" وهو شديد الخطورة على الصحة لأن إشعاله يتم بمناقل (موقدة) مفتوحة، وتزداد خطورته لتصل حد القضاء على مستعمليه إذا أغفلوا تكرار فتح النوافذ.

غياب الوقود في الساحل السوري يدفع السكان لوسائل تدفئة قاتلة

وأكد مراسل شبكة إعلام اللاذقية "محمد الساحلي" وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في حي السكنتوري في اللاذقية الأسبوع الماضي اختناقا، حيث تركوا المنقل الذي أشعلوا فيه "التمز" في غرفة نومهم، وقبلهم توفي عدة أشخاص بأحياء متفرقة، فيما عولج العشرات من أمراض في جهاز التنفس جراء استنشاق رائحته المخرّشة.

وأشار طبيب الصدرية (ج. ط) إلى أن الساحل السوري شهد أقسى فصل شتاء منذ عقود، ودفع انقطاع التيار الكهربائي الناس لاعتماد وسائل تدفئة غير صحية تسببت بوفاة عدة أشخاص وانتشار الأمراض الصدرية، استقبلت المشافي العشرات من المصابين بها.

يذكر أن درجات الحرارة انخفضت إلى ما دون الصفر عدة مرات هذا العام في مدن الساحل السوري وتساقطت فيها الثلوج في حادثة هي الأولى من نوعها منذ عشرات السنين.

اقرأ ايضا:

هيومن رايتس: قوات الأسد إستخدمت أسلحة كيمياوية في حلب

أزمة المحروقات في اللاذقية ومحافظات سوريا تتفاقم