أخبار الآن | مخيم الركبان – الحدود السورية الأردنية (عبد الحي الأحمد)

في أقصى الحدود الشمالية الشرقية للمملكة الأردنية يقع مخيم الركبان للنازحين السوريين بعمق سبعة كيلو مترات داخل الأراضي السورية .

يعد هذا المخيم من أكبر مخيمات النازحين في الأراضي السورية وأكثرها فقراً على الإطلاق, حيث تنعدم مقومات الحياة نظراً لصعوبة وصول المنظمات الإنسانية للقاطنين فيه.

يشكو إليَ قهر معيشته هنا ,, تارة يُخرجُ عُلَبَ دوائه الفارغةِ لإصابته بمرض في القلب,, وتارةً أخرى يحدثني عن إقامتهِ المؤقتةِ في هذا البيتِ المصنوعِ من الطين, يُدعى علي العبيد وهو من سكانِ ريفِ حلبَ الشرقي نزح بعائلته إلى مخيم الركبان وسط الصحراء السورية هرباً من الموتِ قصفاً..لم يكن يجول في خاطره حينها أن للموت أشكال أخرى تننظره في هذا المكان.

يتحدث علي العبيد بلهجته الحلبية قائلا " عندي خمسة أولاد , مو ملاقي حق خبز إلهم,تدينا دين حق خبز اليوم, قلنا للناس ما معنا حق خبز , أعطونا ناكل , قالولنا بنعطيك لحتى الله يفرجها عليك, وضعنا طاول مستوي هون  طاول مستوي, الغبرة قتلتني والعجاج قتلني ,ما عم إحسن أبرك من وجع صدري, عندي سبع أنواع دواء ما عم لاقي ولا نوع لأشربه"

علي لا يعاني لوحده فعلى بعد أمتار منه    ..في هذه الخيمة المهترئة تحديداً,,  يعيش جاره عبد الله العاجزُ كذلك عن إيجاد طريق للعلاج من أمراض تكاد تفتك بجسده النحيل.

يقول عبد الله وهو من نازح في مخيم الركبان " معي إلتهابات ومعي السكري, والغدة واقفة معي, ما في نقطة طبية عندنا وأحياناً بدوخ خالص بالبيت هون"

مئة ألف سوري هم سكان مخيم الركبان أكثر من نصفهم أطفال جلهم لا يستطيع القراءة أو الكتابة حتى الآن .. فإلى جانب الأمراض المتفشية هنا, ثَمّة كارثة أخرى تتثمل في جيل يخيم شبح الجهل على مستقبله . 

يقول محمد وهو أستاذ لغة عربية نازح في الركبان " طبعا نحنا مستعدين لما تتوفر الفرص والإمكانات لإنشاء مدارس , مستعدين ندرّس لأن هذول أولادنا بالنهاية ,هذا الجيل بكامله عم يضيع ,نحنا ما بنتمنى يضيع جيل بفترة نزوح"

لا تقتصر معاناة نازحي الركبان على تأمين الرعاية الصحية والتعليم فقط , فتأمين مياه الشرب لوحده يحكي قصة الموت البطيء هنا.

على الرغم من دخول المخيم عامه الثالث وازدياد أعداد وافديه بشكل يومي إلا أنه حتى اليوم يفتقر إلى وجود آبار للمياه العذبة ,, ما دفع بالمملكة الأردنية إلى ضخ المياه من أراضيها, ليتم نقلها إما مشياً على الأقدامِ أو بعرباتٍ صغيرةٍ عدة كيلو متراتٍ على إمتدادِ الخيمِ في الداخلِ السوري.

تقول أم أحد وهي إمرأة من تدمر تعمل في نقل المياه " أنا المرأة عم إشتغل على الطنبر عندي أولاد صغار عم أقدملهم , تتحسن علينا الناس والله, عايشين من قلة الموت , مو عايشين بطيب ومعزة"

تتعاضم المأساةُ التي تحل بأهالي المخيم مع كل إشراقة شمس, دونما حل يلوح في الأفق ,, وخاصة مع إقبال بادية الشام على فصل جديد من المعارك ينذر بتضاعف أعداد النازحين هنا..

 

اقرأ أيضا:
أبو عدي.. قصة نضال من نوع آخر

العودة إلى سوريا في عيون السوريين