رفاه السعد
إلى متى لا يوجد عقاب في العراق.. اغتيال وخطف وحوادث مفتعلة كالحرائق وتدمير أعمدة الكهرباء وإغراق البلاد في ظلام دامس.. آخرها حريق مستشفى الحسين في الناصرية الذي راح ضحيته 92 شخصا وأصيب العشرات.
حريق مأساوي خطف شبابا وأطفالا ونساء ورجال.. من بيت واحد خطف الحريق ستة أشخاص في يوم واحد , وذكرت مصادر في الشرطة أن الحريق اندلع بسبب وصول شرارة مصدرها أسلاك كهربائية معطوبة إلى خزانات الأكسجين.
طبعا تراشق الاتهامات بين السياسيين كان فرصة لا تعوّض خصوصا مع اقتراب موعد الانتخابات. منصات التواصل الاجتماعي كانت حاضرة على التراشق السياسي وتحميل المسؤولية , أبرزها كانت لرئيس الجمهورية برهم صالح مشيرا إلى أن هذه الفواجع هي نتاج الفساد المستحكم وسوء الإدارة الذي يستهين بأرواح العراقيين, ويمنع إصلاح أداء المؤسسات..
تغريدته لم يرحب بها العراقيون أبدا بل انهالوا عليه وعلى حكومته بالاتهامات.. الحكومة وفي محاولة لتهدئة الشارع، أمرت باعتقال 13 شخصا, وتتضمن القائمة التي أصدرتها محكمة ذي قار مدير صحة الناحية . أما المعلومات الجديدة التي حصلت عليها من مصادري الخاصة فكانت “تعيين مدير صحة جديد من كتلة “الفتح” التي يترأسها هادي العامري وهو المسؤول عن بناء ردهات كورونا في مستشفى الناصرية الذي احترق..
غضب أهالي الناصرية دفعهم للاحتجاج وإغلاق مستشفيات ومراكز صحية ومنع العاملين من الدخول إليها.. وكانت اقل ردة فعل يمكن أن يقوم لها أهالي الناصرية لمحاسبة المسؤولين…
إذا هنا يأتي الحديث عن الحملة التي أطلقها عراقيون والتي تحمل عنوان “ إنهاء الافلات من العقاب” لأنها اساس تفشي الفساد والجريمة وانتشار العنف الطائفي والإرهاب والميليشيات المسلحة .
ويعزو منظمو الحملة أن سبب الإفلات من العقاب هو فشل الحكومات المتعاقبة منذ عام 2004 لغاية الآن في تطبيق القانون والمحاسبة وفرض النفوذ والسيادة , وهذا أدى إلى تفاقم المشاكل الداخلية وتعطيل المؤسسات وصعود كيانات سياسية وعسكرية واقتصادية موازية أصبحت اليوم أقوى من سلطة الدولة وقدرتها في السيطرة على الأوضاع.
لا للإفلات من العقاب حملة يأمل منها العراقيون معاقبة كل مقصر وظالم وفاسد , عسى أن تكون طريقا لوضع حد لجرائم الاغتيالات في العراق , ويحسن من آداء القوات الأمنية ويفعل المؤسسات العسكرية والأجهزة الأمنية ويعزز سيادة الدولة ، كما حضّ المنظمون المجتمع الدولي على التدخل وتصحيح المسار السياسي في البلاد والتي تصب جميعها في إنهاء الإفلات من العقاب , ليتمكن العراقيون بعد ذلك من تطوير تجربتهم الديمقراطية , وترسيخ الحقوق والحريات التي كفلها لهم الدستور في بيئة آمنة ومزدهرة.
أما الاستمرار في دعم الحكومات العراقية دون الالتفات إلى حياة العراقيين وأمنهم وضمان مستقبلهم, فسيضيّع المزيد من الجهود والموارد والأرواح من أجل عراق مفكك وغير مستقر ومستباح من دول عديدة وهذا ما لن يقبل به العراقيون بعد الان..وفقا لبيان منظمي حملة إنهاء الإفلات من العقاب..
عام 2019 أطلقت منظمة هيومن رايتس ووتش الحملة ذاتها بالتزامن مع الاحتجاجات التي شهدتها بغداد ومحافظات جنوبية عدة ، عندما خرج آلاف العراقيين مطالبين بالخدمات وإنهاء الفساد.
وحينها استخدمت الحكومة القوة المفرطة لإنهاء التظاهرات , وتعرض ناشطون ومحتجون للقتل والخطف على أيدي ميليشيات تابعة لإيران ..وفي ذلك الوقت طالبت المنظمة بإنهاء الإفلات من العقاب, لكن كانت أقوى رسالة للإفلات من العقاب هي مقتل الخبير الأمني الدكتور هشام الهاشمي،، وغيره من النشطاء البارزين..
أنهوا الإفلات من العقاب لعلّ الحياة تعود للعراق , وينال كل مجرم عقابه…
تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن
