هي ليست المواجهة الأولى بين رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وبين الميليشيات المسلحة التي تدور وتجول في العراق دون حسيب أو رقيب, ولم يسلم منها لا صغير ولا كبير.. ومصير من ينتقدهم الاغتيال والخطف والتعذيب..
التوترات بين الحشد الشعبي والميليشيات المسلحة المنضوية تحت اسم الحشد, والكاظمي مستمرة منذ توليه السلطة , كما أنها لن تترد في إيجاد أي فرصة لمواجهته ، لأنها تعدّ ذلك انتقاما لمقتل ” قاسم سليماني” حيث تتهم الميليشيات الكاظمي , بأنه أحد الأشخاص الذين ساعدوا الولايات المتحدة في استهداف “سليماني”..
المواجهة الأخيرة كانت اعتقال “قاسم مصلح الخفاجي” قائد عمليات غرب الأنبار في الحشد الشعبي في عملية إنزال جوي في مدينة الدورة جنوب غرب بغداد , بحسب ما أفادت به مصادر أمنية.
مصلح كان قائدا سابقا لما يسمى بـ لواء “علي الاكبر” وقبلها كان قائد قوات حفظ النظام التابع للعتبة الحسينية في كربلاء.. هو من أهالي كربلاء عاش وعائلته فيها عشرات السنين.

اعتقاله فتح باب التهديد والوعيد لرئيس الوزراء والجيش العراقي والقوات الأمنية من قبل الميليشيات المسلحة التي خرجت بمركبات لا تحمل لوحات مرورية ، وتحمل مسلحين تتجه نحو المنطقة الخضراء , في رسالة تهديد واضحة ثم تلتها تغريدات لقادة الميليشيات تسخر من الجيش والكاظمي, مثل ” الخزعلي ، النجباء ، وفصائل اخرى تدعمها إيران” ..رئاسة الوزراء وجهت بتحرك مدرعات ودبابات في شوارع بغداد , وطوقت المنطقة الخضراء ومنعت الدخول اليها …وبعد ساعات من حادثة الاعتقال أعلن قيادي في الحشد الشعبي أنه تم الإفراج عنه وتسليمه لأمن الحشد , في حين نفى وزير الدفاع جمعة عناد هذه التصريحات جملة وتفصيلا , مؤكدا أن مصلح لا يزال قيد التحقيق.. وذكرت مصادر أمنية خاصة أن مصلح فعلا قيد الاعتقال والتحقيق, لكن في قاعدة عسكرية , ومن يحقق معه هم قوة عسكرية أمريكية تتهمه باستهداف قاعدة “عين الاسد” في الأنبار التي تضم قوات للتحالف والولايات المتحدة بعشرات الصواريخ.

الكاظمي أصدر في وقت لاحق بيانا ذكر فيه أن قوة أمنية عراقية وبمذكرة اعتقال قضائية, اعتقلت أحد المتهمين وفق المادة 4 إرهاب وبناءاً على شكوى بحقه.. الكاظمي لم يذكر أسم مصلح, لكنه أكد أنه بعهدة العمليات المشتركة لغاية انتهاء التحقيق.
التضارب في المعلومات لم يكن فقط حول عملية الاعتقال بل المعلومات تضاربت ايضا حول أسباب اعتقاله , ففي الوقت الذي أشارات فيه مصادر الى أن اعتقاله يأتي بسبب الهجمات الصاروخية على “عين الأسد” , كشفت مصادر أخرى أن عملية اعتقاله جاءت بسبب قتل الناشطين في كربلاء ، من بينهم الناشط إيهاب الوزني والناشط فاهم الطائي.
الناشطان من كربلاء من المحافظة نفسها التي يسكنها المتهم مصلح، حيث قتلا بالطريقة البائسة نفسها “مسلح يطلق النار بجبن ويهرب فارا”.. الوزني والطائي كانا يطالبان بوطن خالٍ من الميليشيات والفساد.
والدة الوزني وإثر اعتقال مصلح ظهرت على شاشات المحطات التلفزيونية العراقية تؤكد علاقة مصلح بمقتل ابنها , قائلة إن مصلح هدد أبنها مرات عدة , وقال له إنه سيقتله مهما كلفه الثمن.
قضية الاعتقال كانت خطوة مهمة من قبل الكاظمي , فقد سبقها بيوم واحد احتجاجات كبيرة في شوارع بغداد تطالب بالكشف عن قتلة الناشطين..
المبعوثة الأممية في العراق جنين بلاسخارت أيدت خطوة الكاظمي موضحة أن أي قضية اعتقال يجب أن تأخد مجراها..كما هو الحال مع إي عراقي، وانتقدت استعراض الميلشيات , واصفة إياه بالسلوك الذي يضعف قوة الدولة.قادة سياسيون دعموا خطوة الكاظمي واعتبروها ضرورية لتقوية الدولة وإعادة هيبتها التي تحاول أن تقضي عليها الميليشيات “عمار الحكيم ومقتدى الصدر وحيدر العبادي” كانوا أول المؤيدين علنا للخطوة , فيما اتخد كل من هادي العامري وفالح الفياض وهمام حموي موقفا ضد الحكومة , ودفعوا باتجاه التصعيد واتهام الكاظمي بزعزعة الأمن.
الحشد والكاظمي مواجهات منذ الاسابيع الاولى لتوليه الحكم.. في مايو/ أيار العام الماضي أمر الكاظمي باعتقال  بعض المسلحين في مزرعة ببلدة ” البوعيثة ” جنوب بغداد، تابعين لميليشيات ” كتائب حزب الله” بتهمة مهاجمة السفارة الأمريكية.
في نهاية ديسمبر اعتقلت قوة أمنية عراقية قياديا من ميليشيا “عصائب أهل الحق ” التابعة لـ ” قيس الخزعلي” يدعى “حسام الأزيرحاوي” في بغداد, اتُهم باستهدافه معكسر “فيكتوريا” غرب بغداد.
مواجهة أخرى بين الميليشيات والكاظمي في البصرة عندما اتجهت قوة من جهاز مكافحة الإرهاب إلى البصرة لاعتقال قاتلي الناشطة “ريهام يعقوب”  والصحافي ” أحمد عبد الصمد” انتهت العملية باشتباكات وهرب المتهم وتعذر اعتقاله.. على اثرها أقال الكاظمي قائد عمليات الجيش في البصرة اللواء اكرم صدام وعيّن آخر نيابة عنه.
خبراء سياسيون يرون أن الحشد الشعبي خسر كثيرا في الشارع العراقي بسبب قياداته واستغلالهم للمناصب والفساد وسرقة رواتب المقاتلين.. وأصبح الشارع العراقي ينفر من استعراضاتهم المهددة للأمن والدولة, ويدعم الكاظمي حتى لو بنسبة ضئيلة.

تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن