أخبار الآن | مقال رأي

لم تخف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن إيران كانت من أبرز أولويات سياستها الخارجية، إذ قامت بإلغاء ما وصفه ترامب بأسوأ صفقة أبرمتها الولايات المتحدة، وهي الاتفاق النووي مع إيران عام 2015. كما فرضت عقوبات قاسية على طهران وتصرفت عسكريا بقتلها الرجل الثاني في النظام الإيراني، بحكم الواقع، قاسم سليماني في الثاني من يناير سنة 2020. فنزويلا هي الدولة الأخرى التي كانت عين الولايات المتحدة عليها، وليس من قبيل الصدفة أن إيران وفنزويلا وسعتا علاقاتهما الوثيقة بالفعل.

الأعداد الكبيرة من الجالية السورية واللبنانية المتواجدة في فنزويلا تعتبر مصادر دخل قيمة وتقدم دعما مهما لإيران ووكيلها اللبناني حزب الله.

منذ التسعينيات وحزب الله لديه خلايا في فنزويلا تسيطر على مساحات واسعة من الأراضي. هذه الخلايا تقود تجارة المخدرات والتعدين غير القانوني للذهب أيضًا. تمثل جزيرة مارغريتا قبالة الساحل الكاريبي لفنزويلا قاعدة لعملياتها، حيث تدير معسكرات تدريب على الإرهاب، وهي مركز رئيسي لأنشطة الاتجار بالمخدرات.

ازدهرت العلاقة بين فنزويلا وإيران ابتداء من عام 2005 في عهد الرئيس هوجو شافيز، الذي أقام صداقة وثيقة مع محمود أحمدي نجاد الذي زاره تسع مرات في فنزويلا، بينما زار شافيز إيران ست مرات. وكدليل على هذا القرب المنقطع النظير، لم يقتصر الأمر على مناداة أحمدي نجاد شافيز بــ “مي هيرمانو” أي “أخي”، ولكن أيضًا في جنازة شافيز، احتضن نجاد أم الزعيم الفنزويلي. إنه أمر ممنوع كليًا بالنسبة لشخص تقي مثل الرئيس الإيراني، الذي لا يسمح له بلمس أي امرأة سوى زوجته أو محارمه.

عام 2007، تم إنشاء رحلة أسبوعية بين كراكاس وطهران. الأمر المثير للاهتمام أنه لم يُسمح بسائحين ويُقال إنها استخدمت فقط لنقل الكوكايين والأموال القذرة والإرهابيين. وفي العام نفسه، لم يلتق نيكولاس مادورو، الذي أصبح لاحقا وزيرا للخارجية في فنزويلا، في دمشق سوى بزعيم حزب الله حسن نصر الله لمناقشة التعاون. في أواخر عام 2019، التقى خليفته خورخي أريزا أيضًا بقادة حزب الله في السفارة الفنزويلية في لبنان في بيروت.

طارق العيسمي ابن من أب سوري وأم لبنانية. والده زيدان الأمين العسيمي مؤيد متطرف للجهاد الإسلامي وله صلات قوية بقائد الجيش العراقي وزعيم “المقاومة العراقية” عزت إبراهيم الدوري. كان طارق طيلة سنوات هو الرجل الأساسي لطهران وحزب الله في فنزويلا. شغل منصب وزير الداخلية في فنزويلا من عام 2008 إلى عام 2012، وقيل إنه قدم 173 هوية فنزويلية جديدة للمتطرفين الإسلاميين، وبشكل أساسي لعناصر متطرفة من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله. سليمان غني عبد الواكد، والمعروف بقربه من زعيم حزب الله حسن نصر الله كان من بين هؤلاء الأشخاص الذين حصلوا على وثائق.

شغل العيسمي منصب نائب الرئيس من 2017 إلى 2018 قبل تعيينه وزيرا النفط في أبريل 2020. وتم فرض عقوبات عليه من قبل وزارة الخزانة الأمريكية، وتم وضعه في قائمة أكثر 10 مطلوبين للجمارك الأمريكية. تعيينه في مثل هذا المنصب المهم هو علامة قوية على التقارب مع طهران وحزب الله.

كدليل على ذلك، وفي خضم جائحة فيروس كورونا، تستخدم إيران نفطها، الخاضع لعقوبات، وخبرتها في مجال الطاقة من أجل الحصول على الدعم والمكاسب المالية من فنزويلا. تم تنفيذ استراتيجية إيران الانتهازية بسرعة من خلال تسليم إيران الغازولين إلى كاراكاس للحصول على الذهب. تحاول الولايات المتحدة منع الناقلات القادمة من إيران منذ بضعة أسابيع، وقد أصدرت تحذيراً لجميع الدول والموانئ وشركات الشحن والتأمين بأنها قد تواجه عقوبات شديدة إذا ساعدت الناقلات التي تنقل الوقود الإيراني إلى فنزويلا. مستعرضاً عضلاته، حذر الرئيس الإيراني روحاني من الإجراءات الانتقامية ضد الولايات المتحدة إذا تدخلت في نقل الغازولين.

وكعلامة أخرى على هذا التقارب الكبير بين طهران وكراكاس هي تسوية تكتل إيراني كبير مملوك للجيش الإيراني في فنزويلا. تقوم إيران بنقل فنيين عسكريين إلى فنزويلا إلى جانب مهندسين أرسلتهم طهران لمساعدة البلاد على استعادة بنيتها التحتية للطاقة.

تحاول الولايات المتحدة تعطيل العلاقة بين حزب الله وإيران في فنزويلا بشكل كبير. في مايو 2020، اتهم المدعون الفيدراليون في نيويورك النائب الفنزويلي السابق من أصل سوري، عادل الزبيار، بالمشاركة في إرهاب المخدرات في لائحة اتهام تدعي أن هناك اتحاد يرأسه قادة الحكومة – بما في ذلك الرئيس مادورو نفسه وديوسدادو كابيلو الرجل الثاني في البلاد – تآمر مع حزب الله وحماس الإراهبيين لشن هجمات ضد الولايات المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، عمل الزبيار أيضًا كحلقة وصل بين الحكومة الفنزويلية والرئيس السوري بشار الأسد.

وفي عام 2013، انضم الزبيار إلى قوات حزب الله للقتال في الحرب الأهلية السورية. ثم قبل ثلاثة أسابيع فقط، اعتقلت سلطات جمهورية كابو فيردي أو جمهورية الرأس الأخضر رجل الأعمال الكولومبي من أصل لبناني أليكس صعب بتهم تتعلق بغسل الأموال والأنشطة غير القانونية في فنزويلا. ويقال أن صعب، الذي يعتبر تابعًا لميليشيا حزب الله في أمريكا اللاتينية، كان في طريقه إلى إيران على متن طائرة فنزويلية وتوقف في الرأس الأخضر للتزود بالوقود.

حذر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو من أن النظام الإيراني سيصبح تاجر أسلحة لفنزويلا إذا انتهى حظر الأسلحة المستمر من 13 عامًا. تأثرت مكانة حزب الله في أمريكا الوسطى والجنوبية في الآونة الأخيرة بشكل كبير بسبب تصنيف الجماعة اللبنانية كمنظمة إرهابية ليس فقط من قبل الأرجنتين وباراغواي ولكن أيضًا من كولومبيا وهندوراس وغواتيمالا.

في ضوء ذلك، يحتاج كل من حزب الله وإيران إلى التشبث بفنزويلا أكثر من أي وقت مضى، بينما ستحرص الولايات المتحدة على صد التهديدات الناشئة عن الثلاثة.

تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن

أقرأ أيضا:

كيف يشارك حزب الله في تجارة المخدرات مع فنزويلا؟