أخبار الآن | مقال رأي لـ أوليفر غيتا

في الوقت الذي قام به العالم بتركيز اهتمامه بشكل كلي على فيروس كورونا، فإن القضايا الأمنية قد أصبحت في المقعد الخلفي. من أكثر القضايا الشائكة العالقة والمتعلقة بالإرهاب منذ عامين هي باختصار: ما الذي يجب فعله مع مقاتلي داعش الأجانب والمعتقلين في سوريا والعراق؟ كانت أوروبا تحاول جاهدة ايجاد حل لهذه المسألة وتقوم بدفعها تحت السجادة، لكن إندونيسيا اتخذت للتو قرارًا جذريًا.

لقد قررت إندونيسيا، وهي أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان في العالم، عدم إعادة مقاتلي داعش الذين كانوا يحملون الجنسية الاندونيسية والذين احتجزوا بشكل رئيسي في شمال شرق سوريا وتركيا وأفغانستان، وقد بلغ عددهم رسمياً 689، إلا أن وزارة القانون وحقوق الإنسان في البلاد أعلنت مؤخراً أن الرقم قد يصل إلى 1276.

في 11 فبراير / شباط، قال محمد محفوظ محمد، وزير تنسيق السياسة والقانون والأمن الإندونيسي “يجب على الحكومة والدولة ضمان أن 267 مليون شخص في إندونيسيا في مأمن من خطر الإرهاب، فإذا عاد هؤلاء المقاتلون الإرهابيون الأجانب يمكن أن يصبحوا فيروسًا جديدًا يجعل سكان أندونيسيا والذين يبلغ عددهم 267 مليون شخص يشعرون بعدم الأمان”. هذا وقد سحبت إندونيسيا الجنسية من كل المواطنين الذين سافروا إلى الخارج للانضمام إلى الجماعات الجهادية.

المثير للاهتمام للغاية هوأن هذا القرار الأخير يمثل تحول كبير في السياسة السابقة المعمول بها في إندونيسيا، حيث قررت إندونيسيا في البداية جلب مقاتليها الأجانب، لذلك وفي وقت سابق، تم تسجيل حوالي 600 إندونيسي عادوا إلى البلاد بعد أن كانوا يقاتلون إلى جانب جماعات الإرهابية، وتم احتجازهم في معسكرات محاربة التطرف، والتي تديرها الوكالة الوطنية لمكافحة الإرهاب، وهي إدارة حكومية غير وزارية تعمل على مواجهة ومحاربة الإرهاب بهدف إعادة دمج هؤلاء المتطرفين مجدداً مع المجتمع. لسوء الحظ، وكما هو الحال في العديد من البلدان، كانت عملية محاربة التطرف هذه فاشلة تمامًا.

بالإضافة لذلك، فإن لدى إندونيسيا مشهد جهادي نشط للغاية، حيث أن العدد الكبير من الإندونيسيين في صفوف داعش كان يثير التساؤلات ودائماً ما يرفع العلم الأحمر. كدليل على ذلك، فإن من بين حوالي 5000 متطرف اعتقلتهم تركيا، كان هناك 435 مقاتل من إندونيسيا وكانوا يمثلون مجموعة لوحدهم.

بالرغم من أن الهجوم على بالي عام 2002 كان مؤلمًا إلى حد كبير، إلا أن موجة الهجمات التي نفذتها العائلات المحلية في مايو 2018 أصابت الهدف بشكل كبير وألحقت الكثير من الأضرار. في أقل من 24 ساعة، وقع هجومان في سورابايا، حيث تورطت إحدى العائلات المكونة من خمسة أفراد – بينهم طفل – بتفجير أنفسهم في مقر الشرطة. حدث ذلك بعد يوم واحد من قيام عائلة أخرى مؤلفة من والدين وأربعة أطفال بتفجير أنفسهم في عدة كنائس ما أسفر عن مقتل أحد عشر شخصًا، وقد تبين لاحقاً أن هذه العائلة عادت من سوريا حيث كانت منضمة لتنظيم داعش،. في ضوء هذه الهجمات وخلفية الإرهابيين، كان من المنطقي أن تنظر السلطات الإندونيسية إلى المقاتلين العائدين وعائلاتهم كمصدر قلق أمني رئيسي للمضي قدماً.

لم يتوقف التهديد حقًا منذ ذلك الحين: على سبيل المثال، في مايو 2019 وفي جميع أنحاء إندونيسيا، اعتقلت الأجهزة الأمنية عشرات من الإرهابيين التابعين لتنظيم داعش، بما في ذلك بعض العائدين الذين كانوا يقاتلون في سوريا والعراق، حيث كانوا يخططون لشن هجمات إرهابية في مسيرات سياسية خلال وقت الانتخابات.

في إطار ذلك، قررت إندونيسيا تجريد مقاتليها الجهاديين في الخارج من الجنسية الإندونيسية، حتى لو لم يكونوا يحملون جنسية أخرى، مما يجعلهم عديمي الجنسية.

كان إلغاء الجنسية لمقاتلي داعش السابقين مثيرًا للجدل بشكل خاص بين الدول الأوروبية. في فرنسا على سبيل المثال، كان النقاش شديد السمية وكان على الحكومة أن تتخلى عن مشروعها لقانون جديد كان من شأنه أن يجعل من السهل للغاية تجريد جنسية الجهاديين من ذوي الجنسية المزدوجة. ومن المثير للاهتمام أن الاتهامات الموجهة إلى الإسلاموفوبيا قد ألقيت على مؤيدي القانون، إلا أنه أمر لا يمكن اتهام إندونيسيا به.

لقد جردت المملكة المتحدة أكثر من 150 جهاديا مزدوج الجنسية من جنسيتهم البريطانية.

في عام 2019 ، سنت ألمانيا قانونًا يسمح بسحب الجنسية فقط من مواطنيهم الذين تزيد أعمارهم عن 18 عامًا الذين حاربوا مع داعش. ولا ينطبق على مقاتلي داعش الذين سجنوا قبل تمرير القانون. بعد بضعة أشهر، حذت الدنمارك حذوها واعتمدت قانونًا مشابهًا.

التهديد الذي يشكله الجهاديون العائدون هو مصدر قلق كبير لأكثر من 100 دولة كان مواطنها يقاتلون في سوريا والعراق ضمن صفوف داعش. كدليل على ذلك، كان اثنان من الجهاديين الذين نفذوا هجمات عيد الفصح الدموية العام الماضي في سريلانكا، والتي أودت بحياة 259 شخصًا، من المقاتلين العائدين من داعش.

لقد اتخذت إندونيسيا خطوة جذرية لحماية مواطنيها في الداخل، ولكن هل هذه هي أفضل طريقة للمضي قدمًا؟ جميع الحلول المتعلقة بعودة مقاتلي داعش سيئة؛ على الشعوب أن تختار أحد الطرق وأن تأمل أن تكون الأقل سوءًا على الإطلاق.

مقالات اخرى للكاتب:

هل التفاوض مع الإرهابيين هو الحل؟

موزمبيق … ساحة الصراع القادمة