أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة – (نهاد الجريري)

تضاعف الفقر في المناطق التي يسيطر عليها داعش في العراق بمقدار خمسة أضعاف. فقد ارتفع مستوى الفقر في مدن الأنبار وصلاح الدين وديالى ونينوى إلى 62 بالمئة من أصل 13 بالمئة سُجلت العام الماضي قبل هجوم داعش. هذا بحسب أحمد الحسني، رئيس لجنة التخطيط والمتابعة في البرلمان العراقي الذي أضاف في حديث لموقع الشرفة أن من الأسباب التي أدت إلى هذا الإرتفاع تسريح عمّال وموظفين نتيجة إغلاق داعش المصانع والمعامل والمدارس والأسواق.

يُضاف إلى هذا أن سكان المناطق التي تخضع لسيطرة داعش يضطرون لدفع "الضرائب" و"الأتاوات" على كل نشاط يقومون به من التجارة إلى الزراعة إلى النقل. في تقرير لـ CNN مطلع الشهر، نقل سكان في الموصل أنهم مطالبون "بالتبرع" بمبلغ من المال لصالح داعش إن هم سحبوا أموالاً من أرصدتهم الشخصية.

في سوريا، الحال أسوأ وإن كانت أرقام معدلات الفقر شحيحة. فآخر مسح للفقر في سوريا كان في 2007 بحسب موقع mapaction.org لكن الشهادات المنقولة من هناك متشابهة. في تحقيق لوكالة الأنباء الفرنسية، نُقل عن ناشطين أن داعش يطالب التجار بدفع مبلغ 60 دولار شهرياً. وهو مبلغ كبير نسبياً في الظروف الراهنة؛ ويثقل كاهل ميزانية الأسرة السورية في هذه الأوقات.

ولا يقتصر الأمر على التجار، المزارعون أيضاً مطالبون بتقديم أتاوات. في تحقيق لصحيفة وول ستريت جورنال، نُقل عن مزارع في شمال سوريا أن مسلحي داعش كانوا يأتونهم ومعهم سجلات بالمساحات الزراعية والعقارات التي يملكونها وكانوا يطالبونهم بدفع الضريبة مقدماً بالذهب أو الفضة أو ما يعادلها مما هو ثمين. وعلّق المزارع إنهم لا يأخذون بالحسبان جودة الموسم الزراعي. "فماذا لو أصابنا الجفاف؟"

الأخطر من هذا، أن تدمير اقتصاد المناطق التي يسيطر عليها داعش لن يكون مؤقتاً. فداعش فكك مؤسسات الدولة دون استبدالها بأخرى قابلة للحياة. وتقديم المعونات العاجلة وتوفير الكهرباء على النحو المتقطع الذي نراه لن يعني اقتصاداً مستداماً، بحسب موقع understandingwar.org

وبالتالي، فإن الإخفاق الحتمي لداعش لن ينحصر في تلك المناطق التي يعيش فيها حوالي ثمانية ملايين عراقي وسوري؛ بل سيتعداه ليشمل كل سوريا وكل العراق.
فاقتصاد المناطق التي يسيطر عليها داعش يشي بكارثة وشيكة بحسب معهد أبحاث السياسة الخارجية الأمريكية FPRI. فمثلاً، يسيطر داعش في العراق على مناطق تحوي 11 بالمئة من احتياط النفط والغاز العراقي.

وهذا الاحتياطي كان مستغلاً في حده الأدنى قبل الأزمة. فاستثماره على نحو مجدٍ سيتطلب تمويلاً وخبرات أجنبية وبنى تحتية. ونتيجة لهذا الخلل في الإدارة والصيانة، نجد اليوم أن أكبر المصافي في المناطق الخاضعة لداعش – مصفاة بيجي في صلاح الدين – أصبحت عديمة النفع بإنتاج كميات فائضة من الوقود الثقيل الذي لا ينفع في توليد الكهرباء في مناطق داعش إلا في الحد الأدنى. وبالطبع، تصدير هذا الإنتاج لاستيراد الحاجيات الأساسية ليس أمراً متاحاً بالشكل المؤسسي الدائم. على المدى البعيد، يشكل هذا كارثة بالنسبة للعراق كله.

ولا يقتصر الأمر على ذلك، فداعش يؤثر سلباً على اقتصاد المنطقة كلها. السفير الإيطالي في السعودية ماريو بوفو، وفي حديث لموقع Arab News الشهر الماضي، قال إن استمرار داعش يهدد الاستثمار الأجنبي في الشرق الأوسط ويبعد المستثمرين عن المنطقة.