أخبار الآن | ريف إدلب – سوريا (هشام العبدو)

اعتاد الإعلاميون "وهم يحاولون إيصال الحقيقة" أن يتعرضوا لصنوف مختلفة من المخاطر، لاسيما في حال بلد تشهد الحرب منذ خمس سنوات كسوريا. وبالرغم من أن مناطق ريف إدلب قد تحررت من نظام الأسد "وبالتالي لم يعد الإعلاميون عرضة للاعتقال والقنص والقتل"؛ إلا أن هذا الأمر لم يدم طويلا حيث ظهرت جهات أخرى تحاول أن تقوم بما عجز عنه النظام وذلك بالإساءة لرموز الثورة وناشطيها وإعلامييها ممن قضى المئات منهم شهداء ومعتقلين في سبيل نقل الواقع ومحاربة الظلم.

الإعلاميون وداعش

"أبو رائد" 39 عاما، أحد الإعلاميين الذين قاموا بافتتاح مجلة محلية بعد تحرير ريف إدلب من النظام ليعمل من خلالها بإلقاء الضوء على قضايا إنسانية وسياسية وعسكرية، ولكن الذي حدث أن المنطقة رزحت تحت حكم أدهى وأمر وهو داعش، الذي دخل في البداية على أنه حليف ثم بدأ بإجراءاته القمعية ضد الأهالي عموما والإعلاميين خصوصا، فقد تعرض أبو رائد للاعتقال من قبل داعش وتمت مصادرة جميع معدات المجلة والأهم من ذلك أنه كاد على وشك الموت حرقا في المغارة التي تم اعتقاله فيها لولا وصول عناصر من الجيش الحر في الوقت المناسب وإطلاق سراحه.

أبو رائد حتى اليوم وبالرغم من تحرير ريف إدلب من داعش، فإنه يمارس عمله الإعلامي بمنتهى السرية والحذر مع العلم أنه أوقف عمله الإعلامي لأكثر من عامين بعد هذه الحادثة.

الإعلاميون وجبهة النصرة

وإن خرج داعش من ريف إدلب إلا أن هنالك جهات أخرى ظهرت لتحل مكانه ممثلة بجبهة النصرة. "هزاع عدنان الهزاع" أحد الإعلاميين في مدينة كفرنبل، في الثلاثينيات من عمره، يعمل محرر إذاعي لدى إذاعة فرش المحلية، تعرض للاختطاف من منزله ليلة الجمعة 3/6/2016 على أيدي ملثمين تبين فيما بعد بأنهم تابعين لجبهة النصرة؛ التي أرجعت سبب اعتقاله إلى أنه تحدث عنها على مواقع التواصل الاجتماعي وبين عامة الناس، ولم يتم إطلاق سراح الهزاع حتى الآن.

تسريب أسئلة الثانوية العامة في سوريا .. فساد وتشبيح واستياء

لم تكن حادثة الهزاع الأولى وإنما كان هناك العديد من الانتهاكات بحق حرية العمل الإعلامي عن طريق اعتقال الاعلاميين وخطفهم واغتيالهم، وحول هذه الحادثة وغيرها يتحدث "أبو محمد" 45 عاما، أحد وجهاء مدينة كفرنبل فيقول: "إن ما نعرفه عن الهزاع هو الصدق والأمانة في تحرير أي خبر، عدا عن أنه صاحب دين وخلق" مبديا استغرابه الشديد لاعتقال هكذا شخص، لافتا أن هذه الحادثة ليست الأولى للجبهة، فقد قامت مسبقا باعتقال كلا من رائد الفارس "المدير الإعلامي لاتحاد المكاتب الثورية" والإعلامي المعروف هادي العبد الله واللذين أطلق سراحهما بعد مدة من اعتقالهما.

العاملون في راديو فرش أكدوا هذه الحادثة التي جرت في 11 يناير 2016 عندما داهمت عناصر الجبهة إذاعة فرش وقامت باعتقال المذكورين بعد أن قامت بتكسير الأبواب ومصادرة أجهزة البث الإذاعي وإغلاق الاستوديو ومنع أي عضو من الاقتراب، كل ذلك وهي تردد عبارة "لا نريد إعلاما هنا".

فيما صرح "خالد العيسى" 26 عاما، وهو أحد العاملين بالإذاعة أيضا بأن النصرة أجبرته على دوس "علم الثورة" مبررا ممارسات الجبهة بالعمل على منع أي إعلامي أو مراسل يحاول نشر أخبار مرتبطة بها.

في معرة النعمان، كان الإعلاميون أول المتضررين إثر النزاع الذي حصل بين النصرة والفرقة 13 والمظاهرات التي عمت المدينة على إثرها ضد الجبهة، فقامت النصرة باعتقال كل من يحمل كاميرا يصور بها أو يجري مقابلات مع المتظاهرين، حيث تعرض هؤلاء الإعلاميين للقمع بأساليب وحشية، عدا عن تغيب عدد منهم في سجون النصرة.

"جيش الفتح" يسيطر على "القراصي" جنوب حلب و"الزنكي" يستولى على دبابة T90

"أبو صهيب" 40 عاما، أحد أعضاء المجلس المحلي في معرة النعمان ندد بممارسات الجبهة ضد الإعلاميين وأشار إلى ضرورة التحرك السريع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من العمل الإعلامي في سوريا،  مؤكدا على ضرورة احترام حرية العمل الإعلامي والعمل على ضمان سلامة العاملين فيه وإعطائهم رعاية خاصة من المجتمع الدولي.

كما وطالب أيضا بإدانة جميع الانتهاكات بحق الإعلاميين والعمل الجاد من أجل إتاحة الفرصة لنقل الحقيقة من أي طرف كان، مع محاسبة المتورطين في الإساءة لأي صحفي أو ناشط إعلامي.

فيما وضح "أحمد الحسين" وهو أحد إعلاميي ريف إدلب بأن العمل الإعلامي في المنطقة يسير من سيئ إلى أسوأ في ظل عدم رعاية واهتمام الكثير من المنظمات الإعلامية الدولية لما يحصل في سوريا. 

إعلاميو ريف إدلب.. من قمع النظام إلى اعتقالات النصرة