الوفود المشاركة في مصر تسعى للوصول إلى هدنة في غزة

تجري في مصر الأحد، جولة جديدة من المباحثات الهادفة للتوصل الى هدنة بين إسرائيل وحماس، مع مواصلة الأخيرة عملياتها العسكرية المكثفة في القطاع الذي يواجه أزمة إنسانية متعاظمة بعد زهاء خمسة أشهر على اندلاع الحرب.

ووصل ممثلون للولايات المتحدة وقطر وحماس إلى القاهرة لاستئناف المباحثات بشأن هدنة، وفق ما أفادت قناة تلفزيونية مصرية الأحد.

ينص الاقتراح الذي تقدمت به الدول الوسيطة على وقف القتال لمدة ستة أسابيع وإطلاق سراح 42 رهينة محتجزين في غزة مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

ويأمل الوسطاء أن يتم الاتفاق بشأنه قبل حلول شهر رمضان في 10 آذار/مارس أو 11 منه.

وأعلن مسؤول أمريكي السبت أن إسرائيل وافقت مبدئيا على بنود المقترح، في حين لم تؤكد الدولة العبرية ذلك.

وقال مصدر في حماس إن الاتفاق ممكن في حال “تجاوبت” إسرائيل مع مطالب الحركة.

مباحثات جديدة في مصر.. هل تسفر عن هدنة في غزة قبل رمضان؟

وأوضح “اليوم (الأحد) تنطلق جولة مفاوضات في القاهرة… وإذا تجاوبت إسرائيل يصبح الطريق ممهدا لاتفاق خلال الأربع والعشرين أو الثماني والأربعين ساعة القادمة”.

وشدد على أن الحركة التي تسيطر على قطاع غزة منذ العام 2007 تراعي في المفاوضات “المرونة التي تحقق التوصل لاتفاق لوقف العدوان والحرب، والانسحاب العسكري من القطاع لتمكين شعبنا من الرجوع الى شمال القطاع”، وضرورة “إدخال ما لا يقل عن 400 الى 500 شاحنة يوميا من المساعدات الغذائية والدوائية والوقود بما يضمن تشغيل المستشفيات ومحطات المياه والمخابز”.

وأتاحت هدنة لأسبوع في تشرين الثاني/نوفمبر، الإفراج عن أكثر من مئة رهينة كانوا محتجزين في غزة منذ هجوم حماس في تشرين الأول/أكتوبر، في مقابل معتقلين فلسطينيين لدى إسرائيل.

في السياق نفسه، اعتبر عضو المكتب السياسي للحركة أسامة حمدان أن التصريحات الأمريكية جزء من “عملية الخداع التي تمارسها” واشنطن.

وقال لقناة “العربي” القطرية “التعطيل هو من جانب الاحتلال، نحن حريصون على إنهاء هذا العدوان ولا بد أن ينتهي هذا العدوان… هذا هو الذي نسعى إليه لكنه يواجه بمماطلة إسرائيلية وبدعم أمريكي”.

وشدد على أن “أي مفاوضات لا تبدأ من نقطة وقف إطلاق النار وإدخال الإغاثة والشروع في الإعمار في قطاع غزة، لا يمكن أن تكون مفاوضات جادة”.

في غضون ذلك، تواصل حصيلة الضحايا الارتفاع، مع سقوط عشرات القتلى ليل السبت الأحد جراء قصف إسرائيلي طال مختلف أنحاء القطاع، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس، منهم أفراد عائلة واحدة في مدينة رفح. من جهته، أكد الجيش الإسرائيلي تكثيف عملياته في خان يونس، كبرى مدن جنوب غزة.

مباحثات جديدة في مصر.. هل تسفر عن هدنة في غزة قبل رمضان؟

مساعدات من الجو

ويواجه سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2,4 مليون شخص ظروفا إنسانية كارثية، خصوصا مع تراجع تسليم إمدادات الإغاثة عبر الحدود البرية، في ما تعزوه منظمات الإغاثة الى القيود الإسرائيلية.

والسبت، أعلنت الولايات المتحدة، أبرز الداعمين لإسرائيل سياسيا وعسكريا في الحرب، أنّها بدأت إنزال مساعدات جوًّا في غزّة على غرار دول عدة قامت بخطوات كهذه خلال الأيام الماضية.

وجاء بدء عمليّة الإغاثة الأمريكيّة غداة إعلان الرئيس جو بايدن هذه الخطوة، متحدّثا عن “الحاجة إلى بذل المزيد” لتخفيف الأزمة الإنسانيّة الأليمة.

ورأى مسؤول أمريكي إنّ إنزال المساعدات جوًّا أو احتمال نقلها بحرًا في المستقبل “لا يمكن أن يشكّل بديلا من الإدخال الضروري للمساعدات عبر أكبر عدد ممكن من الطرق البرّية، فهذه هي الطريقة الأكثر فعاليّة لإيصال المساعدات على نطاق واسع”.

في روما، دعا البابا فرنسيس الأحد الى ضمان “وصول آمن” للمساعدات الإنسانية الى سكان غزة.

توازيًا، أعرب أعضاء مجلس الأمن الدولي عن قلقهم البالغ “إزاء تقارير تُفيد بأنّ أكثر من 100 شخص فقدوا حياتهم وبأنّ مئات آخرين أصيبوا بجروح في حادثة اشتركت فيها قوّات إسرائيليّة في تجمّع كبير محيط بقافلة مساعدات إنسانيّة جنوب غرب مدينة غزّة”.

وفي بيان صحافي صدر مساء السبت، جدّد أعضاء المجلس التشديد على “ضرورة أن يمتثل جميع أطراف النزاعات لالتزاماتهم بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، حسب الاقتضاء”.

وأثارت المأساة التي وقعت الخميس عند دوار النابلسي في مدينة غزة، إدانة دولية واسعة ومطالبات بالتحقيق.

وأفادت وزارة الصحة التابعة لحماس أن 118 شخصا على الأقل قتلوا وأصيب 760 بنيران إسرائيلية أثناء تجمعهم للحصول على المساعدات. من جهته، أقر الجيش الإسرائيلي الأحد بوقوع عمليات إطلاق نار “محدودة” تجاه أشخاص شكلوا “تهديدا” على جنوده الذين كانون “يؤمنون” المنطقة.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري الاحد إن التحقيق الأولي “أكد عدم توجيه أي ضربة من قبل (الجيش) تجاه قافلة المساعدات”، مضيفا أن “معظم الفلسطينيين قتلوا أو أصيبوا نتيجة التدافع”.

غير أن فريقا تابعا للأمم المتحدة قال إنه عاين “عددا كبيرا” من الجروح الناجمة عن أعيرة نارية في مستشفى الشفاء الذي استقبل عددا كبيرا من ضحايا الحادث.

مع تدهور الظروف الإنسانيّة ووسط تصاعد العنف، أعلنت وزارة الصحّة في القطاع المحاصر وفاة 15 طفلا على الأقل بسبب سوء التغذية في الأيّام الأخيرة.

وأعلن المتحدث باسم الوزارة أشرف القدرة الأحد وفاة 16 طفلا نتيجة “سوء التغذية والجفاف”، مبديا خشيته على حياة ستة آخرين على الأقل.

قتلى في رفح

الى ذلك، أعلنت الوزارة الأحد ارتفاع حصيلة القتلى إلى 30410 غالبيتهم العظمى من المدنيين النساء والأطفال منذ بدء الحرب.

واندلعت الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر إثر هجوم شنّته حماس على جنوب إسرائيل، أودى بأكثر من 1160 شخصا غالبيتهم من المدنيين، بحسب تعداد لفرانس برس استنادا الى أرقام رسمية إسرائيلية.

كذلك، احتُجز 250 شخصًا رهائن، لا يزال 130 منهم في الأسر وفق إسرائيل التي تُرجّح مقتل 31 منهم في القطاع.

وتوعدت الدولة العبرية إثر ذلك بـ”القضاء” على حركة حماس، وبدأت منذ ذلك الحين بحملة قصف مكثف على القطاع، أتبعتها بعمليات برية واسعة اعتبارا من 27 تشرين الأول/أكتوبر.

وقالت وزارة الصحة إنها أحصت في الساعات الـ24 الماضية 90 قتيلا على الأقل، بينهم 14 من عائلة أبو عنزة في مخيم رفح للاجئين بجنوب القطاع.

وأظهرت لقطات فرانس برس مبنى مدمّرا بالكامل تجمّع حوله عشرات الأشخاص للبحث عن ناجين وانتشال الضحايا.

ميدانيا، واصلت إسرائيل عملياتها خصوصا في خان يونس التي تشكّل منذ أسابيع طويلة محور الضغط العسكري.

وأفاد المتحدث باسم الجيش الأحد عن بدء “هجوم واسع النطاق” في غرب خان يونس تخللته “طلعة جوية هجومية مكثفة أغارت في إطارها طائرات مقاتلة… على حوالى 50 هدفًا إرهابيًا خلال 6 دقائق بدعم من قوات المدفعية”.

وأفاد مراسل لفرانس برس عن وقوع قصف وغارات مكثفة خلال الليل على خان يونس، ومدينة رفح القريبة من الحدود مع مصر، والتي أصبحت الملاذ الأخير لنحو 1,5 مليون نازح في القطاع.

وكانت وزارة الصحة أعلنت السبت أنّ قصفًا إسرائيليًّا أصاب مخيّمًا خلّف 11 قتيلًا على الأقلّ قرب مستشفى الهلال الإماراتي في مدينة رفح.

وأثارت حرب غزة مخاوف من اتساع نطاق التصعيد، إن في الضفة الغربية المحتلة حيث زاد التوتر بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ تشرين الأول/أكتوبر، أو في جبهات إقليمية أخرى مثل الحدود الإسرائيلية اللبنانية أو المياه قبالة اليمن حيث ينفذ المتمردون الحوثيون منذ أسابيع هجمات تستهدف سفنا يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة الى موانئها.

وأكد الجيش الأمريكي الأحد أنّ سفينة الشحن “روبيمار” التي تحمل أسمدة قابلة للاحتراق واستهدفها الحوثيون في اليمن الشهر الماضي، غرقت في البحر الأحمر وباتت تمثل “خطراً بيئياً”.