• “نور إبراهيم” صانع القوارب الخشبية يسعى للحفاظ على التقاليد العائلية والتراث العراقي
  • صناعة القوارب في العراق مهنة قديمة
  • صناعة القوارب تحاكي التراث وتحافظ على عبق الماضي العراقي

يتذكر نور إبراهيم طه (70 عاما) صانع قوارب خشبية  وهو يسير على ضفة نهر كانت تعج ذات يوم بورش لصناعة هذه القوارب الأيام التي كانت تزود فيها تلك الورش المدن العراقية كلها، وليس محافظة البصرة في الجنوب فقط، بهذا النوع من القوارب التي تُستخدم في الصيد ونقل البضائع والركاب.

وبينما ينظر على ضفة النهر الخاوية الآن والتي نادرا ما تُرى فيها قوارب صيد خشبية طويلة وضيقة، قال الصانع المُسن لرويترز “هاي المنطقة تعلمت الصنعة وأنا عمري تقريبا أقول 11 سنة أو 9 سنوات. أنواع الأبلام (مراكب الصيد الصغيرة) والماتور اللندني، هاي المنطقة هادي، وبالنسبة للأسطوات تقريبا مثل ما قلتلك ب 30 وصناعها ب 40 تقريبا يعني علوه ما شاء الله حركة كاملة، مثل خلية النحل، أما اليوم بس أني وولدي”.

صانع قوارب عراقي يتجه لعمل نماذج مصغرة منها للحفاظ على التراث

نور إبراهيم – عراقي صانع قوارب خشبية

وأوضح نور إبراهيم طه لرويترز أنه عندما نشبت الحرب العراقية الإيرانية عام 1980 أجبره الوضع الأمني على التخلي عن تلك المهنة التي لم تعد أبدا منذ ذلك الحين لمجدها السابق.

وأوضح ظافر نور إبراهيم، نجل صانع القوارب المُسن، أنه بمرور الوقت بدأت المياه تتراجع في الأنهار بجنوب العراق، وبدأت في الوقت ذاته ترتفع أسعار الخشب لمستويات قياسية كما قل عدد الصيادين ولم تعد صناعة القوارب تلقى تشجيعا يُذكر.

وأدت تلك العوامل مجتمعة لانخفاض حاد في الطلب على القوارب التي ظل والده وهو يعملان في ترميمها وإصلاحها أو صناعتها بناء على طلبات مسبقة.

وقال ظافر “الطلب قليل، الطلب على الزوارق الكبيرة قليل بسبب أني أقولك عزوف الصيادة، التشجيع ماكو اندثرت هاي السفن العملاقة مغذية العراق كله البصرة تنقل من البصرة تودي لبغداد والعمارة. السفن الصيادة اللي تصيد الأسماك هاي كلها اندثرت، بسبب تشجيع ماكو وسبب ثاني غلاء أسعار الأخشاب، لذلك صار التصنيع قليل. فاتجهنا اتجاه حفاظ على تراث مالتنا وتراث أبو الخصيب بالذات والبصرة والتراث العراقي فاتجهنا اتجاه تصنيع المجسمات، السفن الصغيرة اللي جاي نشتغلها حفاظا على تراثنا وعليها طلب”.

ومن أجل الحفاظ على التقاليد العائلية والتراث العراقي لصناعة القوارب الخشبية، قرر نور إبراهيم طه البدء في إنتاج نماذج مصغرة أو مجسمات من القوارب المختلفة، لبيعها للمتاحف والأفراد الذين يرغبون في أخذ قطعة من التاريخ العراقي.

وقال ظافر “هذا البلم (المركب) العشاري، هذا بلم عشاري هسه تحت العمل أو تحت الإنجاز إن شاء الله بالنسبة للأطوال مالته والعرض حسب الطلب اللي أجا لنا”.

وعلى الرغم من انخفاض الأسعار مقارنة بساعات العمل الطويلة اللازمة لصناعة المجسمات تلك، يوضح ظافر نور إبراهيم أنه يستمتع بعمله هذا.

وقال  لرويترز من ورشة العائلة، حيث يعمل ثلاثة أجيال في صناعة نماذج للقوارب الخشبية، “أني اليوم أخذتها من والدي ومن جدي هواية يعني من أشتغل بيها أتفنن بيها، لأن أعتبرها هواية لمهنتي وتراثي يعني إيش قد ما أبدع بيها لي أنا”.