الخطوة بعد انتشار “دلتا” بصورة مخيفة 

أقدم مواطنون من بلدية حيزر التابعة إداريا لولاية البويرة جنوبي العاصمة الجزائر بالعمل والتطوع على تهيئة وتحويل مركز صحي قديم ومهجور إلى مستشفى لاستخدامه في استقبال مرضى فيروس كوفيد 19 بعد انتشار الفيروس في صيغته المتحورة “دلتا” في البلدة.

وكان يفترض أن يكون هذا المركز الصحي عيادة لتوليد النساء، لكنه لم يفتتح منذ مدة، وأصبح مكانًا مهجورًا، فوجد فيه المواطنون المتطوعون أفضل مكان يمكن تحويله بسرعة ليستقبل مرضى الفيروس.

 

بدأت المبادرة التي أطلقها شباب من بلدية حيزر، حين اجتمع مجموعة من المتطوعين نهاية الشهر الماضي من أجل الوقوف على الوضعية الوبائية في المنطقة، أين شهدت انتشارًا وبائيًا خطيرًا وبطريقة “مخيفة ورهيبة”، حسب ما جاء في محضر الاجتماع.

شباب من قرية حيزر خلال ترميم مركز صحي فيها

حيزر تفتقر إلى مستشفى، فتداعى أهلها لتأهيل مركز صحي لم يرَ النور من قبل

خلال هذا الاجتماع ناقش الشباب العديد من النقاط التي من خلالها وجب على أبناء البلدة اتباعها بشكل سريع من أجل المساهمة في مساعدة المصابين ومرضى فيروس كورونا، والحد من انتشار الصيغة المتحورة للفيروس، إذ تم خلال هذا الاجتماع تنصيب لجنة لمتابعة التطورات الحاصلة في المنطقة، وانبثقت عنه عدة خلايا.
انقسمت الخلايا إلى خمس، خلية مكتب الإعلام والاتصال، وخلية التسيير والتنظيم وخلية الإمداد، وخلية التوعية، وخلية جمع التبرعات، ضمن قوائم قابلة للتوسع، ودعوا الراغبين في المشاركة للتقرب من المكتب الذي تم اختياره على مستوى المسبح البلدي كمقر لتسيير الأزمة، فيما تم فتح مقر آخر لحفظ التبرعات والمواد الطبية على مستوى إحدى صيدليات البلدية.
أهالي حيزر بالجزائر ‎يرممون مركزًا صحيًا مهجورًا لاستقبال مرضى كورونا المتحور

بعد انتشار المتحور دلتا بشكل مخيف ورهيب في البلدة، كان لا بد من تحرك مجتمعي

تبرعات بالعمل والمال من سكان القرية والمغتربين

في سياق هذا الموضوع وفي تصريح لمراسل تطبيق “خبّر الميداني” في الجزائر عبد المؤمن لعرابي، قال حسان بلغانم أحد أعضاء الخلية المتطوعين، إنه تم وضع صناديق لجمع التبرعات على مستوى عدة نقاط ثابتة هي: حيزر، ومركز، وقنتور، وتيكبوشت، فضلًا عن صناديق أخرى متنقلة عبر القرى الصغيرة القريبة.
وكبداية للعمل على استباق مكافحة الفيروس، فكر العديد من أبناء قرية حيزر في ترميم وتهيئة مركز صحي قديم لم يعد في الخدمة، وهي المنطقة التي لا تملك مستشفى بإمكانه استقبال مرضى كورونا، إذ طرح الشباب فكرة إعادة فتح وتهيئة المستشفى من تبرعات أهل القرية وبالإمكانيات الشخصية لساكنيها.
أهالي حيزر بالجزائر ‎يرممون مركزًا صحيًا مهجورًا لاستقبال مرضى كورونا المتحور

أناس تبرعوا بعملهم واخرون بمالهم لأجل سلامة الجميع

المستشفى الذي كان مخصصا للتوليد حين بناءه ولم يفتتح بعد، يعد ضمن المشاريع التي لم تكتمل. فقرر سكان القرية افتتاحه وتهيئته كقسم لمرضى فيروس كورونا ومتحوراته، وبدأوا بجمع التبرعات والعمل على جمع المتطوعين من رجال القرية كل في تخصصه، من بنائين ومعلمي صبّاغة وكهربائيين ومن يعمل في مجال تهيئة الأرضيات وحتى في الفناء والبستنة.
 شارك معظم أبناء قرية حيزر في تهيئة هذا المبنى، حسب ماصرح به حسان بلغانم لمراسل “تطبيق خبّر”، إذ حضر متطوعون من كل الاختصاصات المتعلقة بالبناء والكهرباء والصباغة وغيرها من متطلبات تحويل المكان ليكون جاهزًا لاستقبال المرضى، وشاركوا بكل ما لديهم من جهد وقوة ما جعل إعادة التهيئة تكتمل بنسبة 80% خلال ثلاثة أيام فقط.
أهالي حيزر بالجزائر ‎يرممون مركزًا صحيًا مهجورًا لاستقبال مرضى كورونا المتحور

ساهم المغتربون من القرية في كندا وفرنسا بالدعم المادي أيضا

وساهمت تبرعات كل سكان البلدية، بما في ذلك المهاجرون منها في كل من كندا وفرنسا، مطلقين هبة تطوعية لإعادة بناء واستثمار المنشأة من جديد.
بدأت الأعمال بتنقية المكان من الحشائش الضارة والنفايات التي كانت متراكمة حول المكان، وتم تهديم الحائط الأمامي لبناء بوابة خارجية، إذ لم يكن بالمبنى باب بحكم أنه لم يفتتح من قبل. وفي خطوة ثانية تم إعادة شبكة الكهرباء داخل المبنى، والإضاءة والزجاج الداخلي والخارجي، وتم صباغة المكان من الداخل.
أهالي حيزر بالجزائر ‎يرممون مركزًا صحيًا مهجورًا لاستقبال مرضى كورونا المتحور

العمل المدني المجتمعي ضرورة حين تغيب الدولة

ومن صور الهبة التضامنية ما قام به أحد صيادلة القرية، إذ قدم أربعة أسرة للمستشفى الجديد، فيما يحاول بعض المغتربين توفير بعض الأجهزة الطبية، ويعمل المتطوعون اعلى توفير مكثفات الأوكسجين التي يحتاجها المرضى. وحسب بلغانم، فإن المستشفى الصغير مهيأ ليستقبل حوالي 15 مريضًا من مرضى كوفيد 19.
كما يسعى أهالي القرية إلي جعل هذا المبنى مستشفى يستقبل المرضى من مختلف التخصصات كخطوة أولى، ويرون أن بإمكانهم شراء مولد للأوكسجين ليكون داخل المستشفى، في حال واصل الأهالي تبرعهم لهذا المشروع.
وكانت مديرة الصحة لولاية البويرة قد شجعت أهالي القرية على المضي قدمًا في هذا العمل، ووعدت بتوفير بعض المعدات استعدادًا لقادم الأيام.