المسرحية تعالج ظاهرة الهجرة غير الشرعية في قالب فكاهي

احتضن مسرح القاعة الكبرى لقصر الثقافة بولاية تلمسان الواقعة في أقصى الغرب الجزائري، عرضًا مسرحيًا فكاهيًا بعنوان “بابور الوهم” من إخراج رئيس جمعية مدينة الثقافة والفنون السبع لمدينة تلمسان، المخرج المسرحي مراد يحلى بحضور جماهيري تفاعل بشدة مع أطوار المسرحية .  يعالج العرض مشكلة الهجرة غير شرعية أو كما تسمى بالجزائر و دول المغرب العربي “الحرقة”.

تبدأ القصة من ميناء “الغزوات” وهو أحد موانئ الصيد البحري بولاية تلمسان، الذي أضحى في الأونة الأخيرة وجهة الشباب الباحث عن الفرار من أرض الوطن بأي طريقة نحو الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط، ولو على حساب حياته طمعًا في إيجاد ظروف معيشية أحسن.

 

وفي ميناء الغزوات، شابان أحدهما متحصل على شهادة جامعية يدعى “خبايطا” والآخر تعلم من مدرسة الحياة يدعى “زطايلا”، لكنهما يتقاسمان نفس المشاكل بعدما لجأ كلاهما إلى طريق المخدرات، علها تنسيهما مرارة واقعهما المر المعاش.

تصور المسرحية مشهدًا للشاب “خبايطا” هو يتصفح إحدى الجرائد الوطنية لتقع عيناه على خبر وجود باخرة أجنبية رست بميناء “الغزوات”، و تستعد للإقلاع في الصباح الباكر.
ظنًا من الشابان أنها متوجهة لإسبانيا، يقررا الركوب فيها في رحلة هجرة غير شرعية، ومن هنا تبدأ أحلام هذىن الشابين تكبر، و ينجحا في ركوب الباخرة، حيث يلتقيا قائدها، ومن ثم يصلا إلى الميناء.
مسرحية بابور الوهم

المسرحية تعالج ظاهرة الهجرة غير شرعية في قالب فكاهي

تنتظرهما حينها مفاجأة كبرى. فبعد أن ظنوا أنهما وصلا الضفة الأخرى من المتوسط ووصلا إسبانيا، يتبين أن الباخرة رست في ميناء وهران بأرض الوطن أيضًا لأنها لم تكن سوى باخرة لصيد السمك.
 في تصريح خص به مراسل “تطبيق خبر” الميداني بالجزائر محمد الأمين بلحية، أوضح مخرج المسرحية مراد يحلى أن “بابور الوهم” هي “قصة حلم لم يكتمل، ولكنه في الواقع أصبح كابوسًا يحصد أرواح شبابنا الذين فضلوا الموت في البحر على البقاء مهمشين في مجتمع كله مشاكل”.
 
وأضاف أن “شخصية “خبايطا” و”زطايلا” ما هي إلا عينة من المئات بل الألاف من الشباب الجزائري الضائع، الذي أضحى همه الوحيد هو الهجرة نحو أوروبا ولو على حساب حياته.
 
"بابور الوهم" مسرحية في قصر الثقافة بتلمسان بالجزائر

شخصيات المسرحية أقرب الى الواقع فكانت الرسالة أبلغ

وأشار يحلى إلى أن المسرحية شاركت فيها ثلاثة وجوه كوميدية بارزة على الساحة الوطنية أمثال الممثل القدير ديبون بن عمر في دور “زطايلا”، وسليم مقراني في دور “خبايطا” ومهدي بن منصور في دور قائد الباخرة، و هي الشخصيات الثلاث التي تفاعل معها الجمهور الحاضر بشدة.

شخصيات المسرحية أقرب الى الواقع فكانت الرسالة أبلغ

وعن دور شخصية “زطايلا”، أوضح الممثل المسرحي ديبون بن عمر أن دوره لم يكن من وحي الخيال، إنما كان لشخصية حقيقية قد تتكرر في بلدان الشمال الأفريقي التي أضحى شبابها يعاني مشاكل اجتماعية، دفعت بالعديد منهم الى ركوب قوارب الموت نحو أوروبا.
وأضاف ديبون أن شخصية “زطايلا” كانت قريبة جدًا من هذا الواقع البائس، الذي أضحى يعيشه أي شاب جامعي متخرج لم يجد وظيفة، فلجأ إلى طريق المخدرات هربًا من مشاكله  قبل أن يقرر الهجرة نحو أوروبا أملا في تحسين مستواه المعيشي.
"بابور الوهم" مسرحية في قصر الثقافة بتلمسان بالجزائر

ديبون بن عمر في دور “زطايلا”، وسليم مقراني في دور “خبايطا” ومهدي بن منصور في دور قائد الباخرة

من جانب آخر، كشف الممثل سليم مقراني، أن شخصية “خبايطا” جسدت المعنى الحقيقي لذلك الشاب الجزائري الذي غادر مقاعد الدراسة مبكرًا، ومرّ بتجارب قاسية في الحياة، طرق فيها جميع الأبواب واشتغل في مجالات عدة ضمانًا لقوت يومه، ثم تدفعه ظروفه الصعبة إلى التفكير في الهجرة نحو أوروبا .
صيغت المسرحية في قالب فكاهي يحمل الكثير من المعاني، فكانت رسالتها أقرب إلى الجمهور الذي أبدى إعجابه بالطريقة التي عالج بها المخرج مشكلة الهجرة غير شرعية حسب الأصداء التي استقاها مراسل “تطبيق خبر” بالجزائر من عين المكان.
سمية، وهي إحدى الحاضرات وفي الخمسينيات من العمر، قالت لمراسل “تطبيق خبّر” إن المسرحية نجحت في تبليغ رسالة نبيلة مفادها أن طريق الهجرة غير شرعية قصير. ولم تخفِ سمية قلقها إزاء استفحال الظاهرة في الفترة الأخيرة، فحسبها مكافحة الظاهرة يستلزم تضافر جهود الجميع بما في ذلك الفنانين.
يذكر أن هذا العرض جرى في 29 نيسان/ أبريل ضمن ليالي رمضان الثقافية الخاصة بالشهر الفضيل. وكان آخر عرض مسرحي لجمعية مدينة الثقافة والفنون السبع لمدينة تلمسان، كان بعنوان “العشرة “، الذي يعالج عدة قضايا اجتماعية كالعنف ضد المرأة والطلاق، والشعوذة، وخطف الأطفال.
وتسعى الجمعية بعد رمضان، إلى اطلاق فيلم تلفزيوني فكاهي اجتماعي بعنوان ” زيتنا في بيتنا” مدته ساعة و35 دقيقة، وسيعرض على التلفزيون الجزائري أو إحدى القنوات الخاصة.