أتى خبر مقتل أبو ياسر العيساوي، نائب خليفة تنظيم داعش الإرهابي، بعد أسبوع من الهجوم الانتحاري الدامي بساحة الطيران في العاصمة العراقية بغداد، والذي أسفر عن مقتل أكثر من ثلاثين شخصاً وجرح أكثر من مئة آخرين، وتبنّاه التنظيم الإرهابي. ويأتي هذا الإعلان بالتزامن مع تصعيد تنظيم داعش عملياته ضد قوات الأمن العراقية والمدنيين في بغداد ومدن أخرى. ووفق وزارة الداخلية العراقية، فإن التنظيم أراد أن يوصل رسالةً تفيد بأنه مازال موجوداً.

ومنذ إعلان هزيمة تنظيم داعش ومقتل زعيمه أبو بكر البغدادي عام 2019،  برز اسم الحاج عبد الله قرداش، التركماني الأصل وهو من مواليد بلدة المحلبية غرب الموصل،  والذي انضم لجماعة انصار السنة ثمّ القاعدة ثمّ داعش، ومع توسّع الأخير تولى منصب “قاضي الدولة”، وبعد مقتل البغدادي أصبح الخليفة لكنه لم يظهر بإصدارات التنظيم.

الناطق الإعلامي باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول، أوضح في حديث لـ”أخبار الآن” في حلقة خاصة من “ستديو الآن“، أنّ “العيساوي كان يشترك في العديد من العمليات الارهابية، وهو يعتبر قيادياً مهماً من قيادات الصف الأولفي تنظيم داعش، والقضاء عليه هو بمثابة ضربة كبيرة لعناصر للتنظيم، وكذلك رسالة قوة من قبل القوات المسلحة والأجهزة الاستخباراتية وقدرتها على دك مناطق تواجدهم وضربهم بيد من حديد”.

انقسام وضعف داخل “داعش”

وقال اللواء يحيى رسول في مقابلة خاصة لـ”أخبار الآن” والتي تم عرضها ضمن الحلقة الخاصة، ان المعلومات التي لدينا تفيد بان هناك انقساماً وضعفاً كبيراً بين صفوف العناصر الإرهابية في تنظيم داعش، وهم يعانون بشكل كبير، وايضا هناك انقسامات موجودة ما بين عناصره، ويجب استثمار ذلك الامر حتى لا نعطيهم فرصة للقيام بعمليات ارهابية اخرى.

وأفاد رسول بأنّه عندما تتمكن الاجهزة الامنية من قتل العناصر الارهابية، يكون ذلك من خلال مداهمة المواقع والمضافات والأوكار، الامر الذي يقود إلى العثور على وثائق تمكّن قوات الأمن من الإستفادة من كميّة المعلومات التي سيتم استخراجها من الارهبيين.

فلول داعش يعاني بشكل كبير

ولفت المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة في العراق، الى ان الإرهاب لا يزال يمثل خطرا، وان ترك بقايا هذه الفلول وعدم ملاحقتها لا يصب بمصلحة الجميع، ولهذا اعتقد ان قواتنا المسلحة البطلة والاجهزة الاستخباراتية قادرة على الملاحقة واستئصال تلك الغدد السرطانية، مشيرا الى ان تنظيم داعش وفلوله يعاني بشكل كبير في ظل وجود رفض شعبي وجماهيري وتعاون كبير من قبل المواطن العراقي مع الاجهزة الامنية.

وكشف رسول لـ “أخبار الآن” أنّه ليس هناك عدد دقيق لعدد المعتقلين من تنظيم داعش في الوقت الحاضر، مؤكّداً أنّ الاجهزة الامنية تعتقل عناصر مهمة في التنظيم،  وتجري محاكمتهم من قبل القضاء العراقي. ولفت إلى أنّ تلك العناصر ستواجه أحكاماً مابين الاعدام والمؤبد، وأحكاماً اخرى بحسب نوع الجريمة، وان القضاء العراقي هو الفيصل بانزال القصاص بهؤلاء الارهابيين.

وأكّد رسول في مستعرض حديثه أنّ ما تبقى من تنظيم داعش هم فلول تعاني بشكل كبير من قلة الدعم اللوجستي ضمن خطوط امداده، وان عناصره متفرقة ومختبئة بعمق الصحراء وبعض السلاسل الجبلية والاحراش.

الصراع على النفوذ والمال علقم القيادات

ومن جهته، أكّد الناطق الرسمي باسم جهاز مكافحة الإرهاب في العراق صباح طعان، في حديث لـ”أخبار الآن“، أنّ تنظيم داعش عندما احتل الموصل، استحصل على مبالغ مالية هائلة، وعندما بدأت عمليات التحرير وتمّ قتل عدد من هذه القيادات وآخرون فرّوا إلى خارج العراق، بدأ الخلاف بين هذه القيادات بسبب الأموال والنفوذ، وقد تعمّق هذا الخلاف أكثر بعد مقتل أبو بكر البغدادي.

خلاف بين العيساوي وقرداش

الخبير الأمني والاستراتيجي فاضل أبو رغيف، تحدّث لـ”أخبار الآن“، عن الخلاف المزمن بين أبو ياسر العيساوي وعبد الله قرداش، وربما يكون لك ساهم في اصطياد الأخير، لا سيما وأنّه كان يطمح للعب دور الخلافة في تنظيم داعش. وقال أبو رغيف إنّ هناك خلافات وصراعات بين العيساوي وخليفة تنظيم داعش الارهابي عبد الله قرداش، وذلك بعد ان كلف زعيم داعش السابق ابو بكر البغدادي زمام الامور لقرداش قبل مقتله بستة أشهر، الامر الذي أحدث نقمة عند العيساوي لأنّه كان يتمنى أن ترجح كفته لتولي تلك المهمة. ولفت إلى أنّ هناك خلافاً محتقناً ومزمناً بين المقاتلين من الرعيل الاول من قيادات المنطقة الغربية والشمالية في التنظيم.

 

وأكّد أبو رغيف أنّ ذلك الصراع الحاصل بين القيادات هو بسبب التنافس على موازين القوى والتصدر إلى ولاية العراق، خصوصاً وأنّ سجل العيساوي الإجرامي أقوى من زعيم التنظيم الحالي قرداش.

وأوضح الخبير الأمني أنّ العيساوي ونظراً لاهميته كان تولى ولاية الجنوب، وأوكلت إليه مهام كبيرة وشارك في الكثير من الغزوات وعمليات التفخيخ، مشيراً إلى أنّ العملية التي تمّ خلالها استهدافه كانت مهمة بسبب الوثائق التي عثر عليها معه، إلى جانب المعلومات التي يحتفظ بها بهواتفه الخاصة، وهو شخصية مهمة ويعتبر عصب التنظيم.