يوماً بعد يوم تمتلئ غرفة نوم العراقي علي واثق فرهود بأصوات الطلقات النارية والصراخ وأصوات الضرب على لوحة المفاتيح الخاصة به والتي لا تكاد تتوقف، بينما يحارب الشاب (24 عاماً)، وهو من السماوة، من أجل حياته الافتراضية ضد خصومه الرقميين.

ويصف فرهود، الذي يكون على الحافة ومستغرقاً تماماً عندما يحارب على الإنترنت، نفسه بأنه لاعب محترف في ألعاب الفيديو وأول شخص يصوب على الهدف في اللعبة.

وكان أول معرفة لفرهود بألعاب الفيديو في 2003 عندما اشترى والده أول جهاز كمبيوتر للأسرة. وأوضح الشاب أنه بدأ يدمن ألعاب الفيديو منذ كان عمره تسعة أعوام.

وقال علي واثق فرهود “في ٢٠٠٣ يوم من الأيام قعدت من النوم لقيت والدي جايب صندوق كبير شنو هذا الصندوق استغربت، شنو هذا تلفزيون ما مستوعبه لحد بعدين ورى ما ركبه عرفة أنه هذه حاسبة أنه نقدر نتحكم بيه تقدر تسوي كلشي اني هنا استغربت شفت شلون يشتغل عليه وشنو الامكانيات الي تقدر تسويها عليه بذيك اللحظه يعني صار اهتمامي كله على عالم الإالكتروني وانه تقدر تلعب عليه يعني صار اهتمام كامل بعالم الكيم والبيسك”.

وأضاف “الألعاب اللي أثرت بيه من كنت طفل يعني من عمر ٩ الى ١٥ سنه أثرت كلش بي بحيث الشخصيات اللي باللعبه أو قصتها ظليت أعيشها اني بذاتي أعيشها سواء بحلم أو أني أتقمص دور الشخصيه يعني كطفل مثلا شخصية خاله سلسلة أخلي سلسلة بيدي وأركض بالشارع ومتأثر بالشخصيه كلش”.

العراق.. شاب يحول إدمانه ألعاب الفيديو إلى مصدر دخل

علي واثق فرهود، الذي يكسب رزقه من خلال الألعاب عبر الإنترنت، يلعب لعبة في منزله في السماوة بالعراق/ رويترز

العراق.. منع بعض الألعاب الالكترونية

وأشار فرهود إلى أنه لا الدراسة في العراق ولا التسكع مع أصحابه كانا يجذبانه في مراحل عمره المختلفة، بينما كان كل اهتمامه منصباً على ألعاب الفيديو. لكنه قرر بعد سنوات أن يغير كل ذلك فتوقف عن اللعب لمدة عام ونصف العام.

وبعد أن حصل على دبلومة في هندسة الحاسب الآلي قرر فرهود أن يحول شغفه إلى عمل فأسس “جيمرز كافي” أو “مقهى ممارسي ألعاب الفيديو”، وهي صفحة على فيسبوك يضع فيها هو وفريق من اللاعبين من أنحاء العراق لقطات لألعاب الفيديو الخاصة بهم عليها.

وقال “أني كنت أمارس اللعبة مدمن من ١٥ الى ١٦ ساعة باليوم كنا ندخل سوا نلعب على شكل مجاميع بس حولت هذا الشي من شي ضار صح أثر بي بحالتي الاجتماعية ممكن وإلى الأهل والدراسة بس حولته من شي ضار إلى شي به فائدة إلى بزنس”.

وفي 2019 بلغ عدد متابعي صفحتهم مليون متابع قبل أن يتضاعف العدد في العام التالي إلى مليونين.

ويختصر فرهود رحلته هو ورفاقه قائلا “في 2016 أنشأنا فريقنا الأول وسميناه(عائلة مقهى ممارسي الألعاب). صنعنا محتوى كبيراً في ذلك العام واستمرينا. منذ عام 2017 بدأنا البث على فيسبوك لاسيما ببجي ولاعب غير معروف في ساحات القتال. وفي 2019 وصلنا إلى أول مليون متابع على صفحتنا، وكان ذلك مدهشا. وفي 2020 وصلنا إلى مليوني متابع وحققنا أشياء كثيرة”.

ويوضح أن أزمة جائحة كورونا والإغلاقات المرتبطة بها ساهمت جزئياً في الزيادة السريعة لمتابعي صفحتهم.

وقال “من بجي الشاب يلعب هاي اللعبة الحربية هو متأثر بالشي اللي عاشه، بالسنين بالحرب اللي صارت بالأوضاع فيطلع القهر اللي بداخله باللعبة يحس روحه انه هذا الشخص هو الجندي اللي يلعب”.

ويقول فرهود، الذي ما زال يعيش مع والديه، إن الإيرادات التي تجلبها صفحتهم على وسائل التواصل الاجتماعي تكفي لتغطية نفقاتهم.

ويضيف “انه إحنا ناخذ فلوس مقابل إحنا نلعب كيف هذا الأمر انه من خلال مواقع التوصل الاجتماعي أو من خلال انه نسوي لنفسنا وجه في مواقع التواصل الاجتماعي قدرنا انه نحصل مقابل لعبنا أجر”.

ويوضح الشاب، الذي ما زال يمارس اللعب لأربع ساعات في اليوم، أنه أصبح أكثر اهتماماً الآن لإنتاج محتوى لصفحته أكثر من الفوز في ساحات المعارك الافتراضية.

وإضافة إلى عائدات الإعلانات، يكسب فرهود وفريقه المال من تبرعات المتابعين العراقيين وكذلك من الشباب الأثرياء في دول الخليج.

وفي عام 2019 فرض البرلمان العراقي حظراً على بعض ألعاب الفيديو الشعبية على الانترنت، مشيراً إلى تداعياتها السلبية لا سيما على الصغار في العراق الذي ابتُلي طويلاً بحروب فعلية.

وجاء في نص قرار الحظر أنه صدر نظرا للآثار السلبية التي تسببها بعض الألعاب الإلكترونية على صحة وثقافة وأمن المجتمع العراقي بما في ذلك التهديدات المجتمعية والأخلاقية للأطفال والشباب.

وإدراكاً منه بأن إدمان ألعاب الفيديو له تأثير دائم على الصحة الجسدية والعقلية، يقول فرهود إنه لا يروج للإدمان لكنه يقدم ألعابا للترفيه فقط.