تأخذ زراعة النخيل وصناعة التمور حيزاً كبيراً من شغف العراقيين واهتمامهم بهذه الشجرة.

“إذا رمضان وتمور ماكو (غير موجودة)، رمضان ما ينحسب”.. هكذا قال العراقي إسردان علي الذي جاء من كردستان العراق لمدينة البصرة في جنوب العراق ليشتري أنواعاً معينة من التمر لا يجدها في مكان آخر بالبلاد.

وأضاف إسردان “التمر طبعاً مهم، التمر بيه قوة، بيه طاقة، بيه حيوية”.

وقال آدم نجار وهو يشتري عبوة من دبس التمر إن التمر هو مصدر رئيسي للطاقة بالنسبة لأهل العراق لا سيما في فصل الشتاء، مشيراً إلى الزمن الذي كان العراق ينتج فيه ثلاثة أرباع إنتاج التمر في العالم.

زراعة النخيل في صحراء العراق تجدد الأمل في إحياء صناعة التمور بالبلاد (بالفيديو)

وقال سجدان سالم حسين، صاحب محل لبيع التمور في البصرة “العالم تجي من كل مكان المحافظات أجمع، من بغداد، من الكوت، من كربلاء، من الشمال أربيل، كركوك، عندك المحافظات الوسطى هاي بالنسبة للمحافظات كلها تجي”.

وقد تقلص إنتاج العراق الآن إلى نحو خمسة في المئة فقط من إنتاج العالم من التمر.

فالحملات العسكرية لصدام حسين وعقود الإهمال تسببت في تآكل تلك الصناعة حيث قُطعت الملايين من أشجار النخيل في المناطق الحدودية الجنوبية للعراق مع إيران والكويت.

وأوضح عبد العظيم كاظم، مدير قسم زراعة النخيل في مديرية زراعة البصرة، أن عدد أشجار النخيل في البصرة وحدها مثلاً تراجع من 13 مليون نخلة إلى أقل من ثلاثة ملايين نخلة في الوقت الحالي.

وقال “في ذروة النخيل في محافظة البصرة كانت ١٣ مليون، ١٣ مليون نخلة في مساحة البصرة تعتبر كبيرة جداً، أكبر غابة نخيل في العالم. بعد الحروب وبعد الحروب طبعاً أكثر من حرب، حرب الخليج الثانية وأيضاً ارتفاع ملوحة مياه الري، هذا أدى إلى انحسار أعداد النخيل حاليا. أعداد النخيل في محافظة البصرة في ٢٠٢٠ هي مليونين و740 ألف نخلة، يعني هذا العدد قليل جداً”.

كما تسبب التلوث وسوء إدارة البنية التحتية للمياه في زيادة تلوثها وارتفاع مستويات الملوحة في الشريان النابض بالحياة في البصرة، شط العرب.

ومن أجل إنعاش صناعة التمور التي كانت مزدهرة في البصرة، يقول مدير قسم زراعة النخيل في مديرية زراعة البصرة إن صغار المزارعين لا يعدون خياراً لذلك، مضيفا أن هناك حاجة إلى استثمارات أكبر لتمويل الخدمات والبنية التحتية التي لا تستطيع الحكومة توفيرها للمزارع القريبة.

وأضاف كاظم “الحيازات الزراعية حيازات صغيرة بالأخص على ضفاف شط العرب إنه كل مزارع مساحته دونم أو دونمين، هذا بالحقيقة لا تشجع على الاستثمار في مجال النخيل. فلذلك أغلب العوائل تضخمت وبالتالي بنت دور وبالتالي تحول البستان إلى دور سكنية، أما أن يأتي مستثمر ويأخذ مساحة كبيرة، خمس آلاف دونم أو ألف دونم أو مساحة مثلا مئة دونم، فهده مساحات كبيرة جدا فممكن تكون متخصصة فقط للنخيل وإنتاج التمور. وبالتالي يكون استخدام التقنيات الحديثة في هذه المساحات الواسعة”.

وعلى بعد نحو 150 كيلومترا من البصرة بدأ المستثمر الكويتي المعروف عبد العزيز البابطين، مشروعاً لزراعة النخيل لإنتاج التمر بتكلفة 58 مليون دولار على أمل إحياء صناعة التمور التي كانت مزدهرة بالبصرة فيما مضى.

زراعة النخيل في صحراء العراق تجدد الأمل في إحياء صناعة التمور بالبلاد (بالفيديو)

وبينما يزرع نخلة في مزرعة البابطين قال علي، العامل في المزرعة، “عملنا في زراعة النخيل بالصحراء. هذا الأمر صعب شوية في الصحراء، زراعة النخيل إن شاء الله توفرت لنا هنا مياه مقطرة وتعرف متطلبات النخيل إن شاء الله”.

وقال ضياء علي شريد، ممثل الأعمال في مشروع البابطين “المشكلة اللي نعاني منها منطقة صحراوية قاحلة بالصيف بالإضافة إلى مشكلة المياه، ملوحة المياه، ملوحة المياه جدا مرتفعة، توصل تقريبا بحدود عشرة آلاف تي دي إس”.

وأضاف شريد “كله حفر آبار إرتوازية، العمق تقريبا من ٣٠ إلى ٥٠ متر، عمق الآبار. حاليا نتغلب على الملوحة قاعدين نعمل محطات تحلية للمياه”.

ويستهدف مشروع البابطين زراعة 80 ألف نخلة ويوفر نحو 400 وظيفة للسكان المحليين وأماكن خضراء لرعي الماشية وإنشاء صوب زراعية.

وقال علاء عبد الحسين، رئيس هيئة استثمار البصرة، “بالحقيقة من أهم المشاريع الإستراتيجية الزراعية في هذا القطاع في محافظة البصرة هو هذا المشروع. من المؤمل أن يصل إلى عدد النخيل الى ٨٠ الف نخلة”.

ومع تآكل مساحة الأراضي الزراعية بسبب امتداد المناطق الحضرية وبناء مزيد من المساكن عليها، يحاول المسؤولون إبعاد المشاريع الزراعية لأماكن أبعد في الصحراء.

وقال ضياء علي شريد “ديصير تجريف في المناطق القريبة على مركز المحافظة للسكن. إحنا كونها منطقة صحراوية وتبعد، أردنا نعيد أمجاد زراعة النخيل بالبصرة وجعلها واحة خضراء بها المنطقة هاي”.

وبينما يواجه العراق أزمة اقتصادية مُدمرة فاقمها انخفاض أسعار النفط وسط أزمة فيروس كورونا، تسعى البلاد لتنويع اقتصادها وتقليل الاعتماد على قطاع النفط الذي يمثل الآن أكثر من 94 في المئة من إيرادات الدولة.