أخبار الآن | تريم – اليمن –   (تطبيق خبّر)

حرص المنشد زين هود، أن يكون جاهزاً قبل أذان فجر اليوم، الثاني عشر من ربيع الأول في التقويم الهجري، للذهاب إلى مسجد المحضار بمدينة تريم بمحافظة حضرموت جنوب شرقي اليمن، لأخذ مكانه في مقدمة الصفوف للمشاركة في احتفالية ذكرى المولد النبوي الشريف، التي تبدأ عقب الصلاة.

دأب زين، كما شرح للمراسل الميداني لـ“تطبيق خبِّر” في اليمن “عمر يعقوب” على المشاركة في إحياء مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف سنوياً في ذات الزمان والمكان من كل عام، من خلال قراءة مقاطع من سيرة النبي محمد صلى عليه وسلم، والمشاركة في إنشاد القصائد التي تتضمن ذكر سجايا وفضائل النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام والمديح له.

 

وعلى غرار زين، حرص الآلاف من أبناء تريم، ومناطق مختلفة من وادي حضرموت، التي يتبع غالبيتة أهلها الطريقة الصوفية المعتدلة، على القدوم إلى مسجد المحضار الشهير، لإحياء هذه المناسبة. فاكتظت ساحات المسجد الداخلية والخارجية، بالجموع المكتسية ببياض الثياب، الذين تقدمهم علماء وفقهاء المدينة، حيث تعالت الأصوات بالصلاة على النبي محمد صلى عليه وسلم، وذكر فضائله وسجاياه فرحاً وابتهاجاً وتذكراً للحظة مولده.

عبدالقادر أحمد، الطالب في مدارس دار المصطفى، وهو أحد الحاضرين في الاحتفالية، أكد في حديث لمراسل “تطبيق خبِّر” أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف هذه السنة له خصوصية دوناً عن السنوات السابقة، لتزامنها مع الهجمات التي تحاول النيل من شخص النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

وأضاف الطالب عبدالقادر أن الزخم الكبير لهذه المناسبة هو أكبر رد على تلك الحملات، مشيراً إلى أنها فرصة للتذكير بأخلاق وسلوك النبي الذي أرسل رحمة للبشرية جمعاء، مشدداً على أن كل تلك الحملات لن تزيد المسلمين إلا حباً وتمسكاً بالقيم التي أرساها نبيهم عليه أفضل الصلاة والسلام.

تخلل الاحتفالية، توزيع القهوة والتعطر بالبخور، وسط أجواء صباحية أضفت الروحانية على الحاضرين، قبل أن تختتم بالدعاء والابتهال إلى الله تعالى بأن يعيد هذه المناسبة وقد أُجلي الهم والغم على الأمة الإسلامية.

ولا تقتصر الاحتفالات بالمناسبة على الرجال، بل تشهد مدينة تريم أيضاً احتفالات نسوية مماثلة. وقد أوضحت السيدة أم حسن، لمراسل “تطبيق خبِّر” أنها تحرص على الحضور سنوياً في مدرسة “دار الزهراء”، حيث يتم قراءة مقاطع من السيرة النبوية، والأدعية والكلمات الدعوية، والأناشيد والتواشيح المعبرة عن الفرح بمولد الرسول الكريم، عليه الصلاة والسلام.
 
وأشارت أم حسن، إلى أن هناك العديد من مجالس الاحتفال للنساء تعقد في عدد من المنازل، ولا يقتصر الاحتفال بالمناسبة على دار الزهراء فقط، لافتة إلى أن تلك المجالس تتخللها كلمات لبعض النساء الفاضلات، تتناول السيرة النبوية الشريفة.
 
وعلى واقع هذا المناسبة تعيش مدينة تريم يوماً استثنائياً، إذ تقام الولائم ويحرص الأهالي على تبادل الزيارات العائلية وتبادل التهاني والتراحم. ولسنوات عديدة مضت، مثلت مدينة تريم، التي اختيرت عاصمة للثقافة الإسلامية عام 2011، مركزاً ومرتكزا لعدد من الفعاليات الاحتفالية والمهرجانات الإنشادية التي تقام في شهر ربيع الأول من التقويم الهجري، وتستحوذ على اهتماما واسع على المستويين الداخلي والخارجي.

في هذا الشأن أوضح المصور أحمد العطاء، في حديث لمراسل “تطبيق خبِّر”، أن الفعاليات الاحتفالية في تريم تحظى بتغطية واسعة من قبل وسائل الإعلام الداخلية والخارجية، نظراً لتأثر كثير من المناطق والبلدان بالمدرسة الوسطية التي امتازت بها المدينة، وصدرتها إلى مختلف دول العالم، بالحكمة والموعظة الحسنة بعيداً عن التطرف والغلو.

وأضاف العطاء أن تريم تمثل قبلة للعديد من طلبة العلوم الشرعية حول العالم، وخاصة من دول جنوب شرق آسيا، كأندونيسيا وماليزيا وسنغافورة، ودول شرق أفريقيا، إذ يوجد بها أكبر مدرستين شرعيتين في البلاد، هما دار المصطفى للدراسات الإسلامية، ورباط تريم. ونوّه إلى أن الكثير من أولئك الطلاب آثروا البقاء والمكوث في تريم حتى بعد انقضاء دراستهم.

ورأى العطاء أن تريم اكتسبت هذه الخصوصية دون غيرها من مدن اليمن، لبساطة أهلها وتعايشهم السلمي وانفتاحهم على الجميع. كما أن وجود ما يزيد عن 365 مسجداً في المدينة، والمنهج الوسطي المعتدل، جعل منها رمزاً للروحانية التي تهوي إليها الأفئدة.