أخبار الآن | بغداد – العراق (أحمد التكريتي)

بعدما أعلنت الحكومة العراقية تحرير مناطقها من سيطرة تنظيم “داعش” عام 2017، سارعت إيران إلى إبقاء الميليشيات الموالية لها في تلك المناطق بغية بسط نفوذها فيها بحجة “مسك الأرض”.

بعض تلك الميليشيات قاتلت إلى جانب القوات العراقية ضمن هيئة الحشد الشعبي الرسمية التابعة للدولة، وبعضها لم تُقاتل، إلا أنها ذهبت إلى هناك وبسطت نفوذها مباشرة بعد عمليات التحرير التي دعم فيها التحالف الدولي القوات العراقية.

من بين هذه الميليشيات، حركة عصائب أهل الحق، ومنظمة بدر، وحشد الشبك، وكتائب حزب الله، وكتائب بابليون، وكتائب الإمام علي، وسرايا الخرساني، وكتائب جند الإمام، وغيرها من الميليشيات.

أنشأت هذه الميلشيات مكاتب اقتصادية في تلك المناطق، ولمن لا يعرف المكاتب الاقتصادية في العراق، فهي واجهات الابتزاز للأحزاب والميليشيات في العراق، وهي التي تُدير مشاريع الفساد والحصول على الأتاوات من الدولة والشركات ورجال الأعمال والمستثمرين.

قال سياسي من محافظة نينوى المحررة لـ”أخبار الآن”، إن “تلك الميليشيات أسست مكاتب اقتصادية لها في المحافظة، وبدأت بالحصول على مشاريع بقوة السلاح والسيطرة واستحصال أتاوات أيضاً وقطع أراض كذلك”.

وأضاف أن “هذه الميليشيات وضعت الموالين لها من تلك المناطق واجهات للمكاتب الاقتصادية في محاولة للتغطية على عملها، وصار لها نفوذ كبير في مناطق ليس لها فيها أي مؤيد أو جمهور، لكن كل ذلك حدث بقوة السلاح”.

هذه المكاتب الاقتصادية والسياسية في تلك المناطق تعتبر واجهات إيران في المناطق السُنية، فطهران عملت على أن يكون لها النفوذ الأكبر وربما الأوحد في المحافظات المحررة التي كانت ترفض أساساً ذكر اسم إيران فيها.

وبسبب هذا النفوذ تمكنت إيران من السيطرة على محافظة نينوى عندما عيّن منصور المرعيد المقرب من فالح الفياض رئيساً لهيئة الحشد الشعبي قبل أن تتم إقالته وتنصيب نجم الجبوري، وفي محافظة صلاح الدين أيضاً صار نفوذ إيران كبيراً بسبب الحزب الإسلامي الموالي لها بشكل أو بآخر.

أما في محافظة الأنبار، فهناك ميليشيات تسيطر على أجزاء منها، أبرزها كتائب حزب الله التي تعتبر قوات النخبة بالنسبة لميليشيات إيران، وهذه الأخرى تفرض ما تُريد في محافظة الأنبار ذات الأغلبية السُنية، وكل ذلك يتم بتهديد السلاح.

سياسي من محافظة الأنبار يتحدث لـ”أخبار الآن” عن “مخاطر وجود ميليشيات موالية لإيران في المحافظة”، مؤكداً أن “وجودها غير مبرر لكن لا أحد يستطيع منعها أو على الأقل الحديث إليها، فمصيره القتل”. وأضاف أن “المحافظات السُنية لم ترتح، فبمجرد تحريرها من احتلال تنظيم داعش سقطت بنفوذ الميليشيات الإيرانية التي من الممكن أن ترتكب أو ارتكبت جرائم أكبر من تلك التي ارتكبها تنظيم داعش”.

تستخدم هذه الميليشيات الإيرانية ذات الأساليب التي كانت يستخدمها تنظيم “داعش”، فهي تفرض الجباية على المشاريع الكبيرة والشركات وشاحنات الحمل الكبيرة، وكذلك المطاعم، ولم تقف عند هذا الحد بل تقيم نقاط سيطرة على الطرق العامة وتستحصل الجبايات أيضاً.

ومنعت هذه الميليشيات عشرات العوائل النازحة من العودة إلى مناطقها المحررة، كما قامت بالاستحواذ على قطع أراض وممتلكات أيضاً وحولت أراضٍ أخرى من زراعية إلى تجارية، بالإضافة إلى قيامها بملاحقة كل من يقف بوجهها أو يرفض تنفيذ أوامرها.

واليوم تجد في تلك المحافظات صوراً للمرشد الإيراني علي خامنئي وقبلها علقت صور الخميني أيضاً، رغم أن هذه المحافظات معروفة بموقفها من إيران ورفضها لتبعية السياسيين لها، مثلها مثل أي محافظة عراقية أخرى.