أخبار الآن | مضايا – دمشق ( عبد الوهاب أحمد ) 

أن تبقى علي قيد الحياة في ظل هذه الظروف بات أمراً صعباً، هكذا وصفت ام أسعد حالها وعائلتها بعد سنوات من القصف والغارات على بلدتهم في ريف دمشق، ام أسعد والتي تبلغ من العمر ستين عاماً تعيش مع أحفادها الخمسة، جميعهم فقدوا والدهم إثر قذيفة إستهدفت منزلهم في بلدة مضايا عام 2011، بعد أن فقدوا عائلاتهم تقوم إم أسعد على تربية أحفادها الخمسة ولا معيل لهم سواها تحاول إم أسعد جاهدة تقديم إحتياجاتهم وحمايتهم من القصف والغارات التي تشنها قوات نظام الأسد.

تقول ام أسعد " الحجة فاطمة " : " قبل أن يفرض نظام الأسد حصاره على المنطقة كان من السهل علي تلبية إحتياجات الأطفال والمنزل، وكنت أحاول دائماً أن لا يشعر الأطفال بأي نقص وأسعى لأن أوفر لهم كل إحتياجاتهم ولم يكن الأمر صعباً بمساعدة أهل الخير، لكن مع وصول ميليشا حزب الله اللبناني إلى أطراف البلدة وإغلاقهم المعابر والطرق الفرعية والترابية بوجه المدنيين أصبح من الصعب تأمين ولو جزء بسيط من الإحتياجات، شح كبير في المواد الغذائية وغلاء فاحش في الأسعار إضطررت لبيع كل الحلى التي كنت أمتلكها، وكان كل همي أن لا يشعر الأطفال بأي نقص يكفيهم ألماً على فراق عائلاتهم ".

الحجة فاطمة والتي تبلغ من العمر ستين عاماً تبذل كل جهدها لتخفيف الألم والمعاناة عن أحفادها وهي لا تتوانى عن أي مساعدة أو شيء يحمي أحفادها ويساعدها على البقاء أحياء في ظل الحصار الخانق والقصف العنيف الذي تتعرض له منطقتهم.

ام أسعد ستينية تصارع الحصار لرعاية أحفادها الستة وتخشى عليهم الموت جوعاً 

تتابع إم أسعد : " أحاول جاهدة تقديم كل ما بوسعي لكي ينعم الاطفال بحياة كريمة دون أن يشعروا بغياب والدهم أو والدتهم التي أخذت قراراها بالانفصال عنهم منذ وفاة زوجها، أعمل بطهي الطعام والغسيل وجمع الحطب وتعليم الاطفال وأضطر الى العمل لساعات طويلة ليلا على ماكينة الخياطة أو السنناير اليدوية لكي أؤمن بقية احتياجات المنزل الغير متوفرة في مساعدات الأمم المتحدة كحطب التدفئة والمياه والحليب و غيرها من المواد "

وتقول الحجة فاطمة " عند عدم توفر المال أجد صعوبة كبيرة في تأمين حطب التدفئة أقوم بالاقتراب من المزارع التي يتواجد فيها نظام الأسد كما تعد مناطق خطرة بسبب الألغام التي ذرعها نظام الأسد ألجأ لهذا المكان الخطير في الظروف عند عدم توفر المال لأجمع قليلا من القش والاخشاب نشعلها ونتدفأ بها، أما عن الماء فأذهب بشكل شبه يومي إلى النبعة الموجودة وسط البلدة لأملاء أوعية تكفي للشرب والغسيل ".

ومع إستمرار الحصار علي بلدة مضايا في ريف دمشق تزداد معاناة إم أسعد تقول لأخبار الآن "من أصعب المواقف التي واجهتها خلال فترة الحصار كانت إصابة الاولاد الخمسة بمرض سوء التغذية ووصول اصغرهم سنا رائد إلى حافة الموت لولا تدخل أهل الخير وتقديمهم وجبات غذائية على مدار أسبوع، خلال الفترة الاسبوعين الاخيرين قبل دخول المساعدات في تاريخ 1/12 / 2016 تحولت أجساد الاطفال الهشة الى هياكل عظمية لأكثر من 10 أيام لم يتناولون أي طعام يسند قاماتهم الا القليل من الشوربة المعدة من المياه والبهارات المتنوعة، اسبوعين متواصلين لا اعرف طعم النوم وانا اسهر فوق رؤوسهم أخشى من الموت أن يختطفهم ".

تستيقظ أم اسعد في كل صباح وكلها أمل بزوال الحصار المفروض من قبل قوات نظام الأسد وميليشيا حزب الله منذ أكثر من سنة و نصف، جل أحلامها محصورة في إعادة بناء منزلها الذي تدمر ببراميل نظام الأسد، وتأمين الأطفال دراسيا واجتماعيا، تتخوف من الموت أن يخطفها فلن يبقى للأطفال أي معين بعدها وتحلم أن تفرح بزفاف الأحفاد و تلاعب أطفالهم مستقبلاً وإنتهاء المعاناة والحصار ".

فاطمة الحفيدة الكبرى 12 عاما متفوقة في مدرستها رغم الظروف الانسانية السيئة التي يمر بها منزلهم وأغلب منازل المنطقة، تساعد جدتها في الأشغال التي بمقدورها القيام بها قالت انها سعيدة جدا بما تقدمه الجدة لها ولأشقائها وتتمنى ان يأتي اليوم الذي تتمكن فيه من رد أفضالها و ان تكون معينة لها وان تحقق احلامها.

علي، عماد، محمد، رائد الأصغر سنا بستة سنوات يحلمون بأن يتمكنوا يوما ما من العيش في منزل تتوفر فيه الكهرباء والمياه والدفء بشكل دائم و ويتمنون أن يتذوقوا طعاماً منع عنهم بسبب الحصار منذ عام و نصف عماد يحلم بتناول الشيبس و قليل من البسكويت المحشي بالشكولا و يوقل انه يراها في منامه بشكل يومي.

لكل واحد منهم احلامه الدراسية الخاصة فعلي الذي لم يتجاوز عمره العشرة أعوام و بعد معاناته لأسابيع مع مرض سوء التغذية قرر ان يجتهد في دراسته ليصبح طبيب و يعالج كل الاطفال المصابين بهذا المرض، اما عن رائد فيحلم بان يكون مهندس كبير يوما ما ليبني منزلا لجدته بدلا من المنزل الذي دمرته براميل نظام الأسد.

اقرأ ايضا:

تسعة قتلى بإشتباكات قرب دمشق رغم الهدنة

 مسؤول أممي: قطع مياه الفيجة عن دمشق جريمة حرب