سيف محمد
أخبار الآن | الريحانية – تركيا (وضحى العثمان)
الريحانية، هذه المدينة التي تفصل السوريين المتواجدين فيها عن ذكرياتهم وترابهم الغالي بشريط حدودي، كان صوت العيد فيها هذا العام مسموعا بقوة في حقائب السوريين الذاهبين لقضاء عطلة العيد في وطنهم بالقرب من المعبر الحدودي حيث مئات الحقائب حملت معها وأصحابها حكايات كثيرة من الأمل والشوق والفرح.
في شوارع الريحانية شباب حملوا حلوى العيد ووزعوها على المارة بقرار منهم كرسالة بأن من حقهم الفرح في أية بقعة من الأرض تجمعهم، كرسالة من خلال فرحهم بالعيد أنهم سيعودون إلى وطنهم يوما ويأخذون العيد معهم من شوارع الريحانية إلى شوارع المدن السورية.
رحلة أمل إلى سوريا
تختلط أصوات النساء والرجال والجميع يحلم بلحظة اللقاء مع أشخاص وأماكن أبعدتهم الظروف عنها. بالقرب من باب الخروج "الحج أحمد" يحكي لصديقه عن فرحته وشوقه لغرفة صغيرة في كرم الزيتون الذي قرر أن يقضي العيد فيه من أجل سقاية الأشجار والعناية بها. سوف يكون المردود أفضل وأملا منه أن النهاية قريبة ويعود إلى تلك الغرفة التي يعتبرها خزان ذكرياته، ترقص عيونه فرحا وهو يتكلم عنها .
"أم محمد" تحمل حقائب كثيرة، وقفت إلى جانبها وبدأت تحدثني تجهيزات عرس ولدها "محمد" الذي رفض الخروج من البلد. تقول أم محمد: "لقد خطبت لولدي ابنة جيراننا التي كان يرغب بالزواج منها وهي معي هنا، سوف نقيم عرسا هناك فيكون العيد عيدين. كم أنا مشتاقة لرؤية أحفادي".
رغم قسوة الحرب اليومية لا يزال السوري يبحث عن سبل للحياة والفرح كل الظروف القاسية.
أحاديث النساء في رحلتهن
أما أنا، فكان همي باتجاه آخر، منذ أسبوع وأنا أستقبل الاصدقاء والأقارب القادمون من المدن التركية من أجل السفر إلى سوريا، فالريحانية محطة السفر الأخيرة القريبة من الوطن. كنت أمضي يومي بتجهيز الإفطار بأكلات سورية حتى نعيش أجواء رمضان في سوريا. النساء المتواجدات في منزلي قضين الليل في إعادة ترتيب الحقائب ويضفن أشياء كن قد نسينها. بيد كل واحدة منهن قلم ورقة تكتب الأشياء التي سوف تقوم بإحضارها معها من سوريا، وكانت الأشياء مشتركة بين الجميع: كمون وزعتر وسماق و"عبايات" صنع سوريا وصابون غار، ثم يضحك الجميع وتقول النساء لقد كتبنا عشرات الأوراق منذ قررنا السفر إلى سوريا ولكن من شدة الفرح نسينا أننا فعلنا ذلك من قبل.
رحلة إلى الوطن لن تطول، فسود تعاود النساء من جديد "حين ترجعن" بالحديث الطويل عن قريتها التي زارتها وأحوال الزواج والموت والحزن والحنين، في رحلة نأمل أن يكون العيد القادم هو نهاية لها.
