أخبار الآن | الحدود السورية التركية – سوريا (محمد وسام)

يتجمع عشرات السوريين على الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا في مشهد يومي متكرر على أمل تمكنهم من العبور إلى الجهة المقابلة بطريقة غير شرعية على اعتبار أن الدولة التركية أغلقت في وجههم المعابر الحدودية الرسمية.

الكثير من العائلات والشبان مضى على وجودهم أكثر من عشرة أيام وهم يحاولون العبور إلى تركيا بغفلة من عناصر حرس الحدود التركية "الجندرما". أخبار الآن جالت في منطقة "خربة الجوز" التي تقع على الشريط الحدودي جنوبي غربي مدينة إدلب وتمثل تمركزاً لـ "المهربين" الذين يقودون الناس إلى طرق التهريب عبر الحدود مقابل مبالغ باهظة من المال.

تجد هناك الأهالي من كافة المدن والقرى السورية الهاربين من جحيم الموت وصعوبة البقاء. يلفت انتباهنا مجموعة من الشبان تبدو عليهم ملامح المنطقة الشرقية في سوريا. لدى سؤالنا لهم عرفنا أنهم أتوا من الرقة، المدينة التي يحتلها داعش. بداية رفض الجميع التحدث إلينا خوفاً من بطش داعش على من تبقى من عائلاتهم هناك.

شباب الرقة في مغامرة الهروب من داعش

لكن "أحمد" الشاب الأصغر بينهم 19 عاماً، قرر التحدث إلينا باسمٍ مستعار. يقول أحمد أن رحلته بدأت منذ 15 يوماً، كانت الرحلة الأخطر على الإطلاق عندما قرر الخروج من المناطق التي يحتلها داعش، حيث يمنع خروج المدنيين لاسيما الشباب منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، إلى أي مناطق أخرى خارجة عن سيطرته.

يصف أحمد الذي أتى من الرقة مع خمسة من رفاقه مدى خطورة المغامرة التي أقدم عليها، خاصة وأنه إذا تم كشف أمرهم وفشلوا في الخروج من الرقة سيعتقلهم داعش ويصبح مصيرهم مجهولاً، ناهيك عن الطريق المليء بالمخاطر باعتبار طرق الهروب عسكرية ومليئة بالألغام.

نحو أربع ساعات أمضى أحمد ورفاقه طريقهم الذي انتهى بهم إلى مناطق سيطرة الجيش الحر بريف حلب الشمالي. كانت رحلتهم عبر البساتين والأراضي الزراعية والطرق غير النظامية ليلاً وسيراً على الأقدام لتفادي المرور على أية حواجز أو نقاط لعناصر داعش، وذلك بمساعدة المهرّب "سعيد" الذي يتلقى مبلغ 150 دولار لكل شخص يمكّنه الخروج من تلك المناطق.

وتنتهي رحلة الشبان إلى "خربة الجوز" المنطقة الحدودية قرب إدلب، لاسيما وأن العبور إلى تركيا من مناطق الشمال بات مستحيلاً بعد استقدام الجيش التركي تعزيزات عسكرية وبناء الجدار العازل على طول الحدود الشمالية السورية في سبتمبر/ أيلول 2015.

والنساء من مدينة الباب

وعن الأسباب التي تدفع الأهالي إلى النزوح تتحدث "أم محمد" التي ترغب باللحاق بزوجها بعدما استطاع الخروج من مدينة الباب شرق حلب ووصل إلى تركيا في نيسان/ أبريل الماضي "الحياة أصبحت لا تطاق في مناطق داعش".

وتضيف أم محمد خلال حديثها لأخبار الآن قائلة: "فضلاً عن تدخل عناصر داعش في أدق تفاصيل حياة الناس من اللباس والمظهر والعادات والتقاليد الخاصة بأهالي القرى والبلدات، يأتي قصف الطيران الذي لا يكاد يهدأ مستهدفاً مقرّات داعش وفي كثير من الأحيان يصيب المناطق السكنية ما يزيد الضغط على الأهالي".

سجن كبير وجد أنفسهم فيه سكان المناطق التي يحتلها داعش، نتيجة تطبيق سياسات التضييق على المدنيين، يضاف إليه قصف الطيران الحربي للمدن والقرى والبلدان من قبل القوّات الروسية وجيش النظام وقصف التحالف الدولي. كل ذلك يدفع بالأهالي إلى سلك طرق خطرة ودفع مبالغ باهظة للتخلص من هذا الواقع معرضين بذلك حياتهم إلى مزيد من تلك المخاطر.