أخبار الآن | درعا – سوريا (سارة الحوراني)

يشهد ريف درعا الغربي حركة نزوح متواصلة منذ أكثر من 23 يوماً؛ جراء المعارك العنيفة بين فصائل الجيش الحر وجبهة النصرة وحركة أحرار الشام من جهة، وبين لواء شهداء اليرموك وحركة المثنى الإسلامية المواليين لداعش من جهة أخرى.

"أم محمد" سيدة في العقد الرابع من عمرها استغرقت رحلة هروبها برفقة أسرتها من إحدى بلدات ريف درعا الغربي أكثر من يومين، حتى وصلت إلى قرية آمنة بعيدة عن المعارك، تقول لمراسلة الآن بدرعا: "كانت رحلة متعبة ومحفوفة بالمخاطر، حيث كان التنقل من قرية يسيطر عليها مقاتلو لواء شهداء اليرموك إلى قرية خاضعة لسيطرة الفصائل الأخرى مغامرة قد تفقد فيها حياتك وحياة أسرتك في أية لحظة، نظراً للقصف العشوائي من كلا الطرفين وخاصة استهداف الطرق المتوقع استخدامها في رحلة الهروب".

"أبو علي" فضّل البقاء في قاع وادي اليرموك، ليراقب المعارك الدائرة بين الطرفين على أمل انتهائها، والعودة إلى بلدته التي باتت ساحة للمعارك الشرسة، يقول لأخبار الآن: "من الصعب رؤية أعمدة الدخان وهي تتصاعد من بلدتك، والتي لطالما اعتبرت منطقة آمنة التجأت إليها عشرات الأسر من مدن وبلدات درعا وريفها هرباً من قوات الأسد، لتصبح اليوم مكان يهرب منه الجميع خوفاً على حياتهم وحياة أسرهم، نتيجة للمعارك الدامية بين الطرفين".

جهود المنظمات الإغاثية

تبذل الجهات والمنظمات الإغاثية جهوداً كبيرة لمساعدة الهاربين من نيران الحرب وتأمين الاحتياجات الأساسية للأسر، والتي تشردت في المدن والقرى القريبة من نقاط الاشتباك في حوض وادي اليرموك، في حين فضّلت أسر أخرى البقاء في الوادي، حيث نصبت الخيام وتحولت الحافلات والقاطرات إلى خيام متنقلة لهم، يقول "أبو الجود" رئيس دائرة الإغاثة والمكتب التنظيمي في اتحاد المجالس المحلية في محافظة درعا لأخبار الآن: "قمنا بإنشاء غرفة عمليات "السابقون" والتي انبثقت جراء التعاون بين كافة المنظمات والهيئات الإغاثية من جهة مع المكتب الإغاثي في مجلس محافظة درعا الحرة من جهة ثانية، لتنسيق الجهود وتوزيع الاختصاصات حسب الإمكانيات لتلبية أكبر عدد ممكن من الاحتياجات الأساسية للأهالي النازحين، وتغطية كافة مناطق النزوح، حيث تقاسمت المنظمات والهيئات العمل فهناك من تكلفت بـتأمين الخبز وأخرى المياه، وكذلك تم العمل على النظافة من خلال تقديم مواد التنظيف والغسيل وترحيل القمامة، بالإضافة إلى توفير حليب الاطفال والأغطية والبطانيات والسلل الإغاثية".

وبين أبو الجود أن عدد الأسر المهجرة وصل إلى أكثر من 850 أسرة، بالإضافة إلى لوجود ما يقارب 3500 أسرة نازحة متواجدة في نفس مناطق النزوح كمدينتي طفس ونوى وبلدات تل شهاب وزيزون ومعسكر زيزون ونهج وعمورية وخربة والمزيريب والمزيرعة؛ الذين هربوا من بلدات سحم الجولان وتسيل وعدوان وحيط وجلين ووادي جلين، والتي بدأت تشهد حركة عودة بعد تحريرها من فصائل الموالية لتنظيم الدولة "داعش" لافتا إلى أن حركة نزوح جديدة بدأت من القرى المسيطر عليها من قبل لواء شهداء اليرموك وهي الشجرة ونافعة ومن المرجع زيادة عدد الهاربون في الأيام القليلة القادمة نظراً لاقتراب المعارك من مناطقهم.

والدفاع المدني السوري

بدوره بذل الدفاع المدني السوري جهوداً كبيرة لمساعدة الأهالي، وخاصة الذين تواجدوا في قاع وادي اليرموك، يقول "محمد البقيرات" رئيس القطاع الغربي في الدفاع المدني السوري بدرعا لأخبار الآن: "توزع  دور الدفاع المدني إلى مساعدة الهاربين والصعود بهم مع متاعهم من قاع الوادي إلى القرى القريبة، بالإضافة إلى نقل المصابين والجرحى والمرضى وخاصة الحالات الحرجة، والتي احتاجت إلى عناية خاصة ونقل إلى المشافي القريبة ".

وأضاف البقيرات بأن: "الدفاع المدني السوري ساعد كذلك في تأمين نقطة طبية في بلدة عمورية نظراً للأوضاع الصحية السيئة للهاربين والنقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية والتي قمنا بتأمينها لهم، كما تم تأمين بعض الاحتياجات الأساسية للأهالي وتوزيعها عليهم مبيناً بأن لدفاع المدني السوري لعب دوراً مهما في إيصال صوت النازحين واحتياجاتهم وخاصة الأساسية للهيئات والمنظمات المعنية والتي تجاوبت بشكل كبير مع النداءات التي أطلقناها لمساعدة الأهالي".

وعن الصعوبات التي واجهت عمل الدفاع المدني، يبيّن رئيس القطاع الغربي بأنها: "العمل في ظل معارك دائرة بين فصائل متناحرة والخوف من الاتهامات للمنظمة بالولاء أو للانتماء لأي جهة وتعرض العناصر للخطر جراء ذلك، لكن الجميع تفهم طبيعة عمل المنظمة وهدفها الأساسي بمساعدة الجميع دون اعتبارات سياسية أو دينية أو طائفية"، مشيراً إلى أن الأهالي كانوا يتطلعون إلى المنظمة لتلبية كافة احتياجاتهم لكن ضعف إمكانيات الدفاع المدني حدّ من قدرتنا على تقديم المساعدة بشكل كامل وخاصة وجود أعداد كبيرة من النازحين بشكل يومي والتي سيتم نقلها إلى مناطق جغرافية واسعة، كما أن عناصر الدفاع المدني النسائي كان لها تواجد جيد وخاصة بمساعدة النساء والأطفال النازحين.

يشار إلى أن قرى وبلدات ريف درعا الغربي "حوض وادي اليرموك" شهدت تبادل لسيطرة بين فصائل الجيش الحر وجيش الفتح في الجنوب من جهة، ولواء شهداء اليرموك وحركة المثنى الإسلامية من جهة أخرى، لكن الأخيرة تراجعت إلى مواقعها المتاخمة للحدود مع الجولان المحتل والأردن، حيث تلوح بالأفق معارك للقضاء نهائيا على نفوذها في المنطقة الجنوبية.