أخبار الآن | جنوب دمشق – سوريا (جابر المر)

 

يذكر السوريون عموما وأبناء جنوب العاصمة خصوصا كيف دخلت داعش إلى جنوب دمشق وتحديدا إلى الحجر الأسود قبل عامين بظروف غامضة كل أصابع الاتهام فيها تذهب صوب النظام، وبعد أن أعلن منذ أشهر عن خروج داعش من جنوب العاصمة إلى الرقة، ها هو اليوم يعود ليصفى حساباته مع من وقف في صفه بالحرب التي أعلنها على كتائب الجيش الحر في مخيم اليرموك.

أصحاب الأمس .. أعداء اليوم         

لا ينسى أحد أن عناصر داعش عندما أرادوا دخول اليرموك قبل عام من الآن، ما استطاعوا السيطرة على 80 % من أحيائه بالقتال، إنما بالحيلة التي مكنتهم منها جبهة النصرة، حيث ادعى الدواعش القادمين من الحجر الأسود أنهم عناصر تابعين لجبهة النصرة وحملوا أعلامها، وبعد أن انتشروا في المخيم كله أعلنوا سيطرتهم عليه بصفتهم "دولة الخلافة"، هنا بدأت الاشتباكات التي آثرت النصرة البقاء فيها على الحياد. أما الكتائب التي انبرت لقتال داعش، فهي كتائب صغيرة فرض عليها الجوع ونقص الذخيرة والحصار من قبل داعش في منطقة محاصرة من النظام أصلا، استعانت بمد يدها للنظام، وبالتالي فقدت "أكناف بيت المقدس" سمعتها بين الناس وأصبحت منبوذة وعاجلا ما اندثرت.

أما جبهة النصرة فقد عاشت في ظل سيطرة داعش على هامش أحداث مخيم اليرموك ترقب اليوم الذي ينقلب عليها، وما أن آن الأوان حتى خرج مقاتلو داعش يطلبون من الجميع مبايعة "الخليفة" وإلا فهي الحرب، لكن الحرب التي تدور في مخيم اليرموك اليوم ظاهرها قتال جبهة النصرة "المرتدين"، وقتال "الصحوات" والمقصود هو بعض كتائب الجيش الحر التي لا حول ولها وقوة وتقاتل الجميع بأبسط ما أمكن.

المدنيون حطب نار الحرب

في دهاليز الحرب المستعرة في اليرموك، تعلن المهادنات ثم ما تلبث أن تنقض فيعود كل إلى متراسه، وما زالت الأنباء تتواتر من مخيم اليرموك عن تقدم لهذا وسيطرة لذاك وعداد الدم دائم الدوران أكثر ما يدفع ثمنه هو المدني الذي عاش أقسى ظروف الحياة في عام 2016، ويموت اليوم برصاص كان الأولى توفيره لقتال النظام، لكن باتت الأطراف جلها تشبه النظام في غيّها وعدوانها.

"أبو أحمد" من داخل المخيم يقول لأخبار الآن: "لم نعد نعرف العدو من الصديق، والرصاصة التي تصيبك وأنت تسير في الشارع بات تحديد مطلقها أصعب من أي وقت مضى، النظام أشعل جنوب دمشق ووقف يتفرج حتى تستعر النار ويطالبه الناس بإخمادها، لكن هذا لن يحدث، لن ننسى من قتلنا جوعا".

"أ. ف" يقول: "في الوقت الذي ينتظر العالم من النظام التقدم بخطوات من أجل إنجاح جنيف وقد ادعى خلال السنوات الخمس الماضية أن الحل لن يكون إلا سياسيا، ها هو اليوم أدخل الدواعش ومولهم وتدور بينهما الاتفاقات سرا وعلنا، حتى يستقوي بحجتهم أمام المجتمع الدولي، فيقول أنه لا حل سياسي بوجود الإرهاب على أبواب دمشق، ويعاود قتل المدنين كما يشاء".

كل هذا يجري والسوريون يسألون إلى متى؟ متى سيعي العالم أن كل الشرور التي تدور اليوم في العاصمة وفي كل البلاد ما هي إلا من صنع النظام الذي يسعده أن تبقى لظى الحرب مستعرة طالما هو على كرسيه، لأنها ما إن انطفأت حتى يأتي الحساب ويدفع ثمن ما ارتكبت يداه.