أخبار الآن | أورفا – تركيا (لجين أحمد)

عنوان تصدّر معظم صفحات التواصل الاجتماعي، وهو تزوير الشهادات العلميّة والتي يسمح للمدارس السوريّة في ولاية "أورفا" جنوب تركيا، من خلالها بتعيين المدرّسين والمدرّسات دون التحقق من صحة شهاداتهم.

 هل صحيح أنّ كل من هب ودبّ أصبح مدرّساَ أو مدرّسة بعيدا عن أي معايير وقوانين حقيقية تضبط كلّ من ينتحل المهنة؟. سؤال قد يُقابل برفض الإجابة عليه وخاصّة من العاملين في قطاع التعليم، أو القائمين على المدارس بحجّة أنّ هذا اتّهامّ يُراد به الإساءة لسير العمليّة التعليميّة والتقليل من جهد العاملين في حقل التدريس.          

لا يختلف اثنان على الجهود العظيمة التي يقوم بها المدرّسون وجميع العاملين في هذا القطاع، ولكن هذه الجهود التي تحمل رسالة عظيمة دخلت عليه جهات لا علاقة لها بالتدريس، وأنّها مهما بلغت من غزير العلم لا يحقّ لها أن تكون في المدارس، تماماُ كاللّاعب الممتاز ليس بالضرورة أن يكون مدرّباً، فكيف إذا كان بعض الملتحقين بهذا القطاع لا يملكون شهادات علميّة أصلاً، وأنّه لا يوجد بحوزتهم إلّا بعض الوثائق المزوّرة، والّتي يتمّ شراؤها عن طريق سماسرة يعملون في هذا المجال.                        

سماسرة الشهادات

يحدّثنا "ب. ع" أنه يعرف رجلاً سوريّاً كان يعمل في مجال الشرطة، والآن هو يعمل مدرّسا للغة العربيّة في إحدى المدارس السوريّة في "أورفا"، ويتابع ساخرا: "أنّه تمّ تعيينه باعتباره أنّه حاصل على شهادة الثانويّة العامّة بجدارة".

وهذا ما يشير إلى أنّ تدريس اللّغة العربيّة هو الطّريق الأسهل لهؤلاء الأشخاص لدخول مجال التعليم وغزو المدارس، فهناك الكثير من الطّلبة ينهون المرحلة الابتدائية وهم لا يكادون يكتبون جملة أو فقرة دون أخطاء إملائيّة، ناهيك عن قواعد اللّغة فتلك كارثة أخرى.

وتحدّثنا "أ. ح" وهي مدرّسة لمادة الكيمياء أنّ زميلة لها تُدعى "ر. ش" والتي تحمل إجازة في اللّغة العربيّة: "اعتذرت عن تدريس المادّة لطلّاب المرحلة الثانوية وذلك بسبب عدم ضلوعها في تدريس مادّتها لهذه المرحلة، طالبة من مدير المدرسة بتعيينها على طلّاب المرحلة الابتدائيّة، والّتي على ما يبدو وأنها حاصلة على شهادة مزوّرة".                                                                                             

سبب انتشار هذه الشهادات

يبقى السببب الأوّل والأخير لانتشار هذه الظّاهرة هو الحرب الدّائرة في البلاد، وصعوبة حصول بعض الخريجين على شهاداتهم من مراكز جامعاتهم، "ف. أ" وهي خريجة من كليّة العلوم قسم الكيمياء جامعة الفرات سنة 2013، تقول وأنّه بعد حصولها على مصدّقتها اكتشفت بعدم وجود ختم رئاسة الجامعة عليه، وعندما أعادته لتصحيحه اشتدّت الحرب ولم تعد تتمكن من الحصول عليها، وبالرغم من حوزتها على إشعار تخرّج، إلّا أنّ مديرية التربية في الولاية لم تقبل به، وأنّ من يمتلكون شهادات مزوّرة يسرحون ويمرحون في أروقة المدارس ولا من حسيب.                                                            

إلّا أنّه تبقى هناك أسباب مباشرة لانتشار ظاهرة مثل هذه الشهادات وتعييين العديد من المدرّسين والمدرّسات حيث تعود إلى وجود معرفة أو صلات قرابة بينهم وبين مدراء المدارس، مع العلم أنّه يوجد مدير تركيّ ومدير سوريّ في كلّ مدرسة وهم من يقوم بعمليّة التّستّر على هؤلاء.

تجارة جديدة

ويرى البعض أنّه بانتشار هكذا ظاهرة ما هي إلّا فرصة لجني الأرباح، وأنّ استصدار مثل هكذا شهادات لا يكلّف سوى مبلغ زهيد من المال، يقول أحد الحاصلين على شهادة جامعيّة مزوّرة والّذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أنّه دفع 300 دولار مقابل حصوله على شهادة، مع العلم أنّها غير موثّقة في الجامعة، وتابع: أنّه يختلف السعر بحسب الشهادة والتاجر العامل في هذا المجال.                                                 

الحلّ

وحول هذه المسألة أفادنا المدير التركي لإحدى المدارس السوريّة في أورفا، بأنّ الحكومة التركيّة ستقوم في الفترة المقبلة بالإشراف على عمليّات التوظيف، وستقوم بمراجعة وكشف الشهادات المزوّرة، ومحاسبة كلّ من يعمل بها.                                                                                                     

واسطة ومحسوبيّات، ومعلّمون بلا عمل، واقع يتطلّب تحرّكهم وقلب الطّاولة لصالحهم، وذلك من خلال تعاونهم مع الحكومة التركيّة باعتبار أنّ الحكومة السوريّة المؤقتة لا حول ولا قوّة وأنّ "دود الخلّ منه وفيه".