أخبار الآن | طرطوس – سوريا (سمارة علي)

ترزح مدينة طرطوس "عرين الأسد" تحت ظروف اقتصادية صعبة، جعلت الحياة فيها تشبه تلك التي تُروى في القصص، ولعل أحد أهم الأسباب التي جعلت منها كذلك انعزالها عن باقي المحافظات "المسالمة" ضمن الخطة التي حاكها ويحيكها نظام بشار الأسد.

اليوم تغلق معظم المتاجر الرئيسية بالمدينة بسبب انهيار قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي، فتلك الخطوة كانت احترازية من قبل مالكي تلك المتاجر لما لها من تداعيات لاحقة، ستتمثل في قلة الإقبال على الشراء من قبل المواطنين.

"مهيار" مالك متجر غذائي يقول: "جميعنا متضررون من انهيار الليرة، ومن يظن أن المواطن العادي هو المتضرر الوحيد فهو مخطئ، والدليل أننا نبتاع البضاعة بسعر ما ونبيعها بمربح زهيد، وعندما نريد شراء نفس المواد المستهلكة ستكون بأعلى من السعر الذي بعنا به المواطن لأن عملتنا بانهيار مستمر".

كلام مهيار صحيح تماما، فالمواطنون متضررون لا محالة، بدليل أنه مصدر الدخل المتوسط لدى كل شخص في المدينة يساوي 45 ألف ليرة "أقل من مائة دولار" فكيف إذا كان ذلك الشخص معيلاً لأسرة كاملة.

حياة يومية شبه متوقفة

في الجانب الآخر، يعاني الموظفون الحكوميون "الذين لا يتقاضون ثلثَ ما كان يعادل معاشاتهم الشهرية قبل الثورة" من انهيار الليرة السورية، فهم بطبيعة الحال كغيرهم مجبرين على تأمين حوائج البيت من مواد لا غنى عنها.

تميم" موظف بريد، يقول: "أتقاضى 32 ألف ليرة مقابل ثماني ساعات عمل يومياً، وأنا متزوج ولدي طفلين، وما عسى ذلك المبلغ يغني، ما من سبيل آخر لتحقيق دخل إضافي، أنا أتكلم بلسان كل الموظفين على وجه التحديد، لقد بتنا نفتقد لكل شيء في المنزل، والحال في ضائقة متزايدة".

محال الصرافة في السوق الحرة بالمدينة أغلقت عند 514 ليرة سورية مقابل الدولار، وهذا الشيء كان كافياً بأن تكون المدينة في حال جمود، فسيارات الأجرة "على سبيل مثال" توقف عملها بشكل شبه تام، وقس على ذلك كافة نواحي الحاية اليومية.

أما غرام الذهب فقد بلغ ثمنه 18.200 ليرة سورية، مما تسبب بإغلاق كامل لسوق الصياغة في المدينة، بالإضافة لمعظم الحرف والأعمال التي تعتبر عصب الحياة اليومية.

بين الهجرة والتطوع

في الشق الآخر، يعاني المستأجرون من خارج مدينة طرطوس، يعانون ظروفا مادية صعبة، فمالك المنزل سيزيد سعر الإيجار بسبب احتياجه للمزيد من المال لسد حاجة أسرته، والمستأجر يتخبط بحثاً عن حل جذري، بينما حكومة النظام تضخ الأموال وتنفقها على إغراء الناس للتطوع بالمؤسسة العسكرية.

"أبو أحمد" مستأجر من إدلب، يقول: "وصل بي الحال إلى أن فكرت بالهروب عبر البحر إلى مكان أحظى به بحياة عادية،  لا أطلب الكثير، فالهلال الأحمر لا يقدم لنا المعونة بشكل منتظم وأنا رجل كبير أعجز عن العمل، فما الحل؟".

أما "أغيد" شاب طرطوسي، يقول: "لولا أن الحكومة مستفيدة من تدهور قيمة الليرة لتجبر الناس على الالتحاق بالجيش، لما سكتت عن ما يجري داخل هذه المدينة. لقد أجبرتنا أن نكون منفردين عن المحافظات الأخرى بسبب سياستها".

مع ارتفاع الدولار أمام الليرة السورية، ستصبح عائلات كثيرة في حاجة ماسة لفرص العمل "غير المتوافرة أساسا" والمساعدة غير الممكنة من قبل حكومة الأسد، خاصة في مدينة كانت تشكل العائدات السياحية فيها مصدر دخل رئيسي عند الأغلبية العظمى لسكانها.