أخبار الآن | ريف حماة – سوريا ( وضحى عثمان)

تعد شجرة الزيتون من أهم المنتجات الزراعية في سورية، كونها تشكل مصدر دخل لكثير من الأسر الريفية، وشكلت هذه الشجرة رفيقا ومقصدا ومأوى للكثير من السوريين، فمرة يسمونها الشجرة الكريمة ومرة شجرة السلام.

شكلت الزيتونة اسما يعبر عن الكرامة على امتداد الحضارات في بلاد الشام، ودخلت الأعراف والتقاليد في كثير من المواقف، واستخدمت كدواء في كثيرين من الأحيان، فمنها يستخرج زيت الزيتون وبأوراقها يعالج السكري.

وصلت أعداد أشجار الزيتون في سوريا إلى نحو 90 مليون شجرة، 20 بالمائة منها لا زالت ضمن مرحلة النمو ولم تدخل مواسم الإنتاج، وبلغت المساحات المزروعة زيتوناً 650 ألف هكتارا.

أما مع طول مدة الثورة السورية ورفض رأس النظام التنحي، باتت هذه الشجرة عرضة لمخاطر كثيرة كالقصف الذي يسبب حرقها وقطعها وبالتالي قلعها لأنها لم تعد نافعة، مرورا بالتحطيب الذي لجأ له مالكو البساتين في ظل عجزهم عن تأمين المحروقات اللازمة للتدفئة، وكذلك قلة العناية بها، فهنالك بساتين زيتون لم تتلق خدمات كالتقليم أو الحراثة أو رش المبيدات الحشرية منذ سنوات.

يقول "إسماعيل" مزارع من كفرزيتا في ريف حماة: أنا شخصيا اضطررت لقطع بعض أشجار بستاني، فبرد أطفالي دفعني لذلك، فأنا لا أملك عملاً لأؤمن ثمن المحروقات، وما من حيلة أخرى للتغلب على برد الشتاء القارس، وطالما شعرت بالندم لأنني أقتلع ما زرعه والدي وأجدادي".

أما "حسام" فيقول: "لدي في بستاني نحو 850 شجرة مثمرة، وبسبب قربها من مناطق الاشتباكات في ريف حماة تعرض نصفها للقطع أو القلع أو التمزيق بفعل القصف الجوي والمدفعي، لقد قمت بجمع تلك الأغصان لأُدَفئ أطفالي عليها".

محاولات للحفاظ على محصول الزيتون

وبالرغم من كل ما ذكرناه، تبقى هناك بساتين لا زالت بحالة جيدة، وبالتوازي مع ذلك تقوم منظمات زراعية بتقديم بعض المساعدات على المزارعين، من أسمدة ومبيدات حشرية ومعدات، لكي تحافظ على توازن كمية الزيتون أو الزيت في السوق المحلية في المناطق المحررة، خاصة بعد توقف تصدير زيت الزيتون والزيتون إلى الخارج بسبب إغلاق الكثير من المعابر البرية والبحرية بداعي الحرب الدائرة، بالإضافة لتوقف الكثير المصانع والمعامل التي كانت تستخدم الزيتون في بعض الصناعات، التي يدخل فيها زيت الزيتون كمكون أساسي، فضلاً عن انقطاع الصلة التجارية بين المناطق المحررة والمناطق التي تسيطر عليها قوات النظام.

"تمام" مهندس زراعي، يقول: "نقوم بجمع معلومات عن أعداد أشجار الزيتون المتضررة، ونخمن أن تتجاوز 300 ألف شجرة، بين مقطوعة بسبب القصف أو مقتلع بسبب حاجة مالكيها لها، والحالتان السابقتان تعدان جرائم بحق هذه الشجرة المعطاءة، إلا أننا نعتبر الثانية واقعا مفروضاً لعجز هؤلاء المزارعين عن تدبر مصدر آخر للتدفئة".

وأخيرا بقي أن ننوه أن سعر كيلو زيت الزيتون هذا الموسم يساوي 850 ليرة سورية، أو دولارين أمريكيين، ولو جئنا لنقارنه مع السنوات السابقة سنجد أنه تراجع بمعدل 20 بالمائة للكيلو الواحد، وما يقف خلف ذلك أسباب كثيرة، على رأسها آلة الحرب التي تفتك بكل شيء في سوريا.