أخبار الآن | غازي عنتاب – تركيا (هيام النشار)

لعبت المرأة السورية دورا مهما في الحراك الثوري السوري، على اختلاف مستويات العمل فيها، وبرزت بشكل واضح في بدايات الثورة على أرض الواقع في المظاهرات، ولا ينسى جميعنا نساء درعا اللواتي خرجن يدا بيد مع الرجال مطالبات بالحرية والكرامة.

المرأة السورية وبدايات الثورة

كان للمرأة السورية وجودها الفاعل "ربما" بشكل خاص على مواقع التواصل الاجتماعي من ناحية، وفي الأعمال الإغاثية والإنسانية من ناحية أخرى، رغم أنها لم تغب عن تفاصيل الثورة التي كان لها حضورا مميزا وإن كانت نسبة تواجدها قليلة. ولكن، مع تعقد الوضع السوري، ودخول الحركات المتشددة والراديكالية، وكثرة القوى الدولية التي عملت لمصالحها، قلّص دور المرأة إلى نشاطات محدودة.

في تركيا، تعيش المرأة السورية على هاجس الثورة ونتائجها التي عصفت بالجميع، ومن المعروف أن المرأة تتحمل في الحروب تبعاتها أكثر من غيرها من الفئات والشرائح الاجتماعية. نستطيع أن نلحظ حضور المرأة السورية في جوانب إبداعية تخدم الثورة في بعض المؤسسات والمنظمات والجمعيات الثورية، أو عن طريق بعض المبادرات، لكن الغالبية منهن انشغلن بالبحث عن هاجس الأمان في زمن الحرب القاسي.

"كنا نهتف بحناجرنا مع المتظاهرين، نخرج في تشييع الشهداء وندافع بوسائلنا البسيطة وذكائنا عن الشباب الذين يكونون عرضة للاعتقال"، هكذا تقول "بتول" 27 سنة من ريف حلب، وتكمل: ربما اكنت مساحة التحرك لنا كبيرة مقارنة بالمناطق الأخرى، لكننا دفعنا أثمان الية، نزحنا مبكرا وفقدنا الكثير من الأقارب والأصدقاء.

أما عن دورها اليوم وهي متواجدة في "عنتاب" في تركيا فتقول: ظروف اللجوء قاسية دفعتني وغيري إلى تأمين حياتنا اليومية، مع ذلك أنتظر انتصار الثورة للعودة وبناء سوريا من جديد، التجربة كانت قاسية ولكنها درس كبير للأجيال القادمة.

بالمقابل، ترى "إيمان" 28 عاما من حمص، والناشطة في مجال حقوق الإنسان، أن دور المرأة في النشاط الثوري كان فعالا وربما اختلف من مكان لآخر، وهذا له ظروفه من ناحية البيئة الاجتماعية والتشديد الأمني كذلك: "في حمص خرجت المرأة مع الرجال المظاهرات، وكذلك في ريف إدلب، أما في ريف دمشق وحماة فكانت الأمور مختلفة"، أما عن دور المرأة اليوم فتقول: بحكم وجودنا في تركيا، فإن نشاطاتنا هامة جدا، نحن نقوم بالتوثيق لكافة حالات الانتهاكات من كافة الأطراف، وهناك مبادرات مختلفة تحفز على ربط المرأة السورية في اللجوء بالثورة بشكل مستمر، رغم كل ما نعانيه من تبعات هذه الحرب المفتوحة".

المرأة وتحولات مسارات الوضع السوري

في الوقت الذي كان ينظر لدور متصاعد للمرأة في الثورة، دخلت العديد من الحركات والتنظيمات المتشددة من جهة، وازدياد عنف النظام ممن جهة أخرى، وهو ما أدى إلى استبعاد المرأة من المشهد الثوري بشكل منظم. فحرصت الكثير من النساء على عدم زج أنفسهن في مغامرات في ظل الوضع المتشابك، ويبرز هنا بشكل خاص عنف داعش مع النساء واستخدامها كسلعة لا أكثر في سوق ترويجه لمشروعه الإرهابي.

تقول "ن" من دير الزور: "هربت مع عائلتي من مناطق سيطرة النظام في دير الزور، وقعنا هناك بين فكي النظام وداعش، وكلاهما بلغا درجة الإجرام والعنف بشكل يفوق الخيال، آثر أهلي الخروج خوفا علينا فالنساء باتوا نقطة ضعف الأهالي لدى الطرفين"، وتضيف: إعادة دور المرأة إلى مصدر للمتعة من قبل داعش جعل الكثير من العائلات تحرص على الهرب واللجوء.

من جهتها تقول الباحثة "نور عبد الرحمن": "بعد خمس سنوات من الثورة، باتت المرأة السورية في وضع لا يحسد عليه، فقد تقلصت مهامها وتراجعت أدوارها بشكل واضح، وساهم حالة اللجوء في دول الجوار في ذلك"، وتنوه الباحثة أن على المنظمات النسائية العمل على إعادة تفعيل دور المرأة في الثورة عن طريق برامج تأهيلية من شأنها رفع مستوى وعي المرأة وتحضيرها لمهامها الهامة والضرورية في مرحلة سوريا الجديدة.