أخبار الآن | القنيطرة – سوريا – (خطاب النميري)

فرضت الحرب في سوريا تعددا في الانتماءات والرايات المختلفة بين النظام والميليشيات المتواجدة في مناطق سيطرته، وبين فصائل المعارضة على اختلاف تنوعها، بحيث باتت سوريا مقطعة الأوصال يتقاسم السيطرة عليها عدة قوى مختلفة.

وسط كل ما يجري من حرب دائرة في سوريا، يقف المواطن حائرا أمام حركة تنقله بين منطقة وأخرى، وجدول الممنوعات والمسموحات الذي يجب عليها حفظه جيدا.

مغامرة يخوضها ركاب إحدى السيارات المتجهة من بلدة "بريقة" في ريف القنيطرة إلى أقرب طريق يوصلهم لمدينة دمشق عن طريق درعا لعدم تواجد طريق بين الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة أو النظام في القنيطرة. يستغرق ما بين 12- 18 ساعة بعد أن كان الطريق عبر القنيطرة لا يتجاوز الـ 45 دقيقة، حيث تمر السيارة خلال رحلتها بعشرات الحواجز التي تتبع للفصائل المختلفة بما فيها النظام. ولذلك يحاول الركاب، بطبيعة الحال ضمانا لسلامتهم، كسب رضى جميع الحواجز في طريقهم.

حواجز فصائل المعارضة

حاجز الجيش الحر هو أول الحواجز التي تواجههم بُعيد الانطلاق بقليل، حيث يتم تنبيههم من الحواجز الأخرى. في الحاجز الثاني يكون الوضع مختلفا، فهو هنا يتبع لجبهة النصرة، وهو ما يعني اتباع سلوك جديد في اللباس واللكلام.

تقول "سارة" إحدى الركاب: "يصر عناصر جبهة النصرة على التزام النسوة بارتداء الحجاب، فنقوم بوضع النقاب على وجوهنا تجنباً لسماع الشتائم ريثما نمر من هذا الحاجز". وتضيف: ننطلق بعد تخطي مناطق سيطرة فصائل المعارضة مثل "حركة المثنى وأحرار الشام" ويكون سلوكنا على نفس الشاكلة.

وحواجز النظام وحزب الله

بعد عدة ساعات، يصل الركاب لأولى حواجز النظام بالقرب من بلدة "إزرع"، هنا يتلقى الركاب عبارات طائفية وصور لـ "بشار" وحلفائه، تصفرّ وجوههم خوفاً، لاسيما الشباب منهم، حين يقدمون بطاقاتهم الشخصية "هوياتهم" لعناصر الحاجز، فتلك الحواجز معروفة باعتقال الكثير من الركاب وشتمهم وضربهم.

يقول "أديب" طالب في جامعة دمشق: "منذ أكثر من سنة  لم أنزل لزيارة أهلي في "نبع الصخر"، فعدا عن دفع الكثير من المال يخاف معظم الشباب من سجنهم في فروع الأمن بتهم وحجج مختلفة ومفبركة".

تقف السيارات على الحواجز كل مائتي متر تقريباً، وعلى كل حاجز يحاول الركاب التظاهر بأنهم يؤيدونه كي يحظوا بمعاملة طيبة. تقف السيارة في الطريق على حاجز تابع لـ "حزب الله" حيث يرفع الراية الصفراء، يأخذ هذا الحاجز "ما هب ودب" على مقولة السوريين من نقود وأغراض حملوها معهم وخاصة إذا كانت من المنتجات الأردنية أو التركية.

تقول "أم محمد": "طوال الطريق يسألني ابني الذي يبلغ من العمر ست سنوات "ماما هادا الحاجز جيش حر ولا نظام ولا إيراني" وأجيبه بغضب وصوت منخفض "اسكت"، مع العلم أنني حذرته قبل السفر أن لا يسأل ولا يجيب كي لا نتعرض للمشاكل، فلم يعد بمقدوره التمييز بين حاجز وآخر فالجميع يلبس لباساً عسكرياً على حد قوله".

يلفظ المسافرون أنفاسهم حين يصلوا للجهة التي يريدون التوجه إليها داخل الأراضي التي يسيطر عليها النظام وحلفائه، فيغدو طريق السفر للمواطن السوري وكأنه مجازفة في رحلة محفوفة بالرعب والمخاطر والأذى بالشتم والضرب أغلب الأحيان.

يقول "سالم": "في كل مرة أمر فيها من حواجز النظام، ينظر العناصر لي بنظرات حاقدة، عدا الضرب والشتائم التي أتعرض لها لأن مكان ولادتي هو قرية إنخل في درعا".

بين الرايات المتعددة يضيع شعب بأكمله، حيث تدل جميعها على كثرة الفصائل والجنسيات التي تتحكم في الصراع السوري، ويبقى التمييز بينها هو وسيلة النجاة الوحيدة للمواطنين.