أخبار الآن | ريف حلب –  سوريا (سعيد غزول)

لا زالت قوات "نظام الأسد" تواصل تقدمها بخطى متسارعة في ريف حلب الشرقي، أمام انسحاب تنظيم داعش المستمر، وسط عشرات الغارات التي تشنها طائرات حربية تابعة للنظام وأخرى لـ"العدوان الروسي"، على مدن وبلدات الريف الشرقي، ما أسفر عن عشرات الشهداء والجرحى، ودفع بأهلها إلى مغادرتها بطرقٍ عديدة.

خلال منتصف ليلة السبت وفجر اليوم الأحد، سيطرت قوات النظام على قريتي "قطر، وتل الحطابات" شمال غرب "مطار كويرس العسكري" وجنوب مدينة "الباب" الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش في الريف الشرقي، عقب اشتباكات خفيفة دارت بين الطرفين، أسفرت عن انسحاب داعش من القريتين وسيطرة النظام عليهما.

الناشط الإعلامي "نسيم الشمالي" أفاد لـ أخبار الآن، بأنه قبل ساعات من سيطرة قوات نظام الأسد على قريتي "قطر، وتل حطابات"، شنت طائراته الحربية وأخرى تابعة لـ"العدوان الروسي"، غارات بالصواريخ الفراغية، على مدينة الباب وبلدتي "بزاعة وقباسين"، ترافقت مع قصفٍ بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ على المنطقة، مصدرها مواقع "قوات النظام" في "مطار كويرس العسكري"، ما أسفر عن استشهاد 9 مدنيين في مدينة الباب منهم عائلة كاملة من "آل عثمان" بينهم طفلتان، و7 شهداء في بلدة بزاعة، و4 شهداء في بلدة "قباسين"، إضافةً لعشرات الجرحى في صفوف المدنيين بعضهم بحالات حرجة.

مئات العوائل النازحة من مدينة الباب تفترش الحدود التركية بانتظار العبور

إثر القصف الجوي الكثيف والعنيف الذي تتعرض له مناطق ريف حلب الشرقي منذ شهرين تقريباً، وبشكل خاص مدينة "الباب" أكبر معاقل تنظيم داعش في المنطقة، واستمرار قوات النظام بالتقدم حتى باتت على مشارف المدينة، حاول العديد من أبناء المدينة النزوح إلى خارج مناطق سيطرة التنظيم الذي منعهم من مغادرتها، إلا أن عوائل كثيرة تمكنت ممن مغادرة المدينة بطرقٍ عديدة.

خمسة عشر يوماً، وما زال أبناء مدينة الباب والنازحين إليها بينهم "أطفال ونساء وشيوخ"، الهاربين من بطش داعش في "رحلةٍ معقدة"، والناجين من غارات القصف الجوي لـ"العداون الروسي"، والقصف المدفعي والصاروخي لقوات النظام، يفترشون الأراضي الحدودية "السورية – التركية" في ريف حلب الشمالي، تاركين في مدينتهم "قبوراً" ضمت عشرات الشهداء من ذويهم، وبيوتاً دمرها القصف، وأخرى استولى عليها داعش.

الصفحة الرسمية لـ"تنسيقية مدينة الباب وضواحيها" في "فيس بوك"، أدانت اليوم عدم سماح الحكومة التركية لمئات العائلات النازحة من مدينة الباب بالدخول إلى أراضيها، محملةً المنظمات الدولية والمحلية كامل المسؤولية، عن وضع تلك العائلات التي تفترش الأراضي الزراعية على الحدود "السورية – التركية"، في ظل الأحوال الجوية السيئة، وموجة البرد القارس.

رحلة النزوح من مناطق داعش إلى مناطق الثوار في ريف حلب الشمالي

إحدى الواصلات إلى تركيا بعد معاناة شاقة دامت أكتر من "15" يوماً تحدثت لـ أخبار الآن، عن رحلة العذاب التي بدأت بعشرات المحاولات للإفلات من حواجز داعش المنتشرة في أحياء المدينة ومداخلها وعلى الطرقات خارجها، وبعد تمكنها هي وأولادها وعوائل أخرى، من اجتياز الحواجز عبر السير مشياً على الأقدام مسافات طويلة تجاوزت الـ "5 كيلومتر" في الأراضي الزراعية الوحلة، وسط سقوط الأمطار وموجات "الصقيع" التي زادت من معاناة سيرهم، وصلوا إلى المناطق الحدودية الخاضعة لسيطرة الثوار في الريف الشمالي، لتبدأ معاناة الانتظار بالسماح لهم بعبور الحدود.

وأضافت السيدة، التي فضّلت عدم ذكر اسمها، أنها تمكنت وعدد قليل من العبور إلى تركيا "تهريباً" عبر المناطق الخاضعة لسيطرة "الوحدات الكردية" في مدينة عفرين شمال غرب حلب، بمبالغ وصلت إلى نحو "100" دولار للشخص الواحد، مشيرةً في الوقت عينه، إلى أن مئات العوائل ما زالت عالقة في الأراضي الزراعية بريف حلب الشمالي، تنتظر العبور.

العديد من ناشطي حلب وريفها، ناشدوا كل المنظمات الإنسانية والمؤسسات الإعلامية، بتسليط الضوء على معاناة المئات من العائلات النازحة إلى ريف حلب الشمالي، والتواصل مع الحكومة التركية بهدف إنهاء معاناتهم والسماح لهم بالعبور، أو  العمل على إيجاد مأوى لهم، لافتين إلى وجود العديد من الأطفال والشيوخ بينهم، ومنهم "مرضى".