أخبار الآن | دمشق – سوريا (آية الحسن)

ستواجه صعوبات مالية كبيرة إذا أردت التنقل بين دمشق ومحافظة أخرى من المحافظات التي ما زال الوصول إليها سهلاً، أو اذا كنت من المسافرين عبر الطرق البرية من دمشق إلى لبنان أو تركيا. حيث يطلب منك أن تدفع مبلغ معين من المال لمرورك على بعض الحواجز العسكرية المتمركزة بين المحافظات وعلى الطرق الدولية وإلاّ ستعتقل وتُساق إلى أماكن مجهولة.

جزية إجبارية

"اجمع خمسمية من كل واحد" يقول سائق الباص بين دمشق وحمص عند وقوفه لأكثر من ساعة وربع على حاجز "القطيفة"، حيث بات من المتعارف أنك ستبقى بالانتظار ربما اليوم كله إذا لم تدفع.

يقول "عمر" 20 عاما، طالب جامعي، أذهب كل أسبوع إلى حمص وأصبحت أعرف تماماً الصفقة التي يجريها سائقو الباصات مع الحواجز العسكرية، ادفع له كي لا يفتش سياراتك، ولكن من أين يدفع السائق؟ بالضرورة من الراكب، وعلى ذلك تصبح بحاجة لأكثر من ألفيّ ليرة سورية فوق سعر تذكرة الباص.

"محمد" 24 عاما، يعمل مرافق للسائقين في إحدى شركات النقل الداخلية يقول أن الحواجز الكثيرة المنتشرة على طول الطريق بين دمشق وحمص، ودمشق وحماة وصولاً لحلب هي المسؤول الأول عن ارتفاع أجرة الراكب، حيث يتفاوضون مع السائقين لدفع جزية إجبارية عن مرورهم.  

وبعدما عرف السائقون تسعيرة كل حاجز، وألفوا على ذلك أصبح الموضوع يمر بسهولة وبشكل متفق عليه.

مع الوقت تتوثق العلاقة بين السائق والضابط المسؤول عن الحاجز، فيبدأ الأخير بطلباته التي على السائق أن يلبيها كي ينقذ ركابه وحمولته من ساعات الانتظار الطويلة والتفتيش المضني.

استغلال الركاب

درءاً لوقوع الكثير من الأخطاء والمشاكل، يتعمد السائقون اختيار الطرق الأقصر والأرخص كما يسميها "رامي" 26 عاما، والذي يروي ما حدث خلال رحلته من دمشق إلى الحدود اللبنانية، يقول: "بعد أن تجاوزنا حاجز السومرية في دمشق خيّرنا السائق بين أن يدفع كل راكب ألف ليرة سورية أو أن ننتظر على حاجز الفرقة الرابعة في "يعفور"، ولكثرة ما يشاع عن خطورة هذا الحاجز اتفقنا أن ندفع ونمر بسلام. وبذلك يكون السائق قد قام بشراء الحواجز التي  قد تعيقه على طول الطريق، وهذه الرشوة تبدأ بـ 500 ليرة سورية وأحياناً تصل لأكثر من 2000 ليرة سورية".

يقول  "قصي" 40 عاما، كثيراً ما يخدع السائقون الركاب بإيهامهم أن الحاجز قد أخذ أكثر من عشرة آلاف ليرة سورية، حيث يقوم السائق بالاحتفاظ بالمبلغ لنفسه. ويستمر العمل على هذا المنوال على طول الطريق  بين حاجز وحاجز ويكون السائق هو الرابح دائماً.

تهديدات بالاعتقال في حال عدم الدفع

تقول "نوال" 30 عاما: "طلب مني السائق على خط دمشق – حماة خمسة آلاف ليرة سورية مقابل ألاّ يطلب الحاجز هويتي باعتبار أنني من حماة وقيودي كفر زيتا وعرض عليّ أن يوصلني إلى منطقتي. بعد أن رفضت لأني لا أملك المبلغ  قال لي هو غير مسؤول عن اعتقالي عند التفتيش على حاجز القطيفة إن كنت مطلوبة".

لم يقتصر استغلال السائقين للركاب على سرقة أموالهم فحسب، بل تخطاه لبيع بعض الركاب الأثرياء للعناصر الأمنية للتفاوض عليهم مقابل مبالغ مالية للحواجز العسكرية. حيث يقوم بعض السائقين باستغلال بعض المسافرين ممن يشعرون بخوفهم أو ترددهم من خلال إيهامهم بأنهم مطلوبين ويمكنه أن يرضي الحاجز مقابل مبالغ مالية تصل لـ 10000ليرة سورية.

يروي "أبو سعيد" 50 عاما: "خلال رحلتنا من دمشق إلى حلب، وقفنا عند حاجز عسكري في مدخل مدينة حمص، نزل السائق وتركنا ننتظر مدة ربع ساعة حتى عاد وخلفه عناصر من الحاجز قاموا بجرّ أحد الركاب أمام الناس، طلبوا هويته وهددوه بالقتل، ثم قاموا بإطلاق رصاصات في الهواء لزرع الرعب في قلوبهم، كل هذا والسائق ينتظر على مقعده وكأن الأمر لا يعنيه، ثم يتدخل  ليخلص الرجل بإجباره على دفع مبلغ من المال".

كثرت القصص حول انتهاكات الحواجز العسكرية في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، وطبعاً كل التهم تُحل بدفع الدية والجزية المالية، وكل ذلك يحصل على مرأى من الجميع وفي الطرقات العامة دون حساب ولا عقاب. وجدير بالذكر أن من يقوم على تسيير هذه الرشوات هم ضباط كبار في الجيش السوري، ولو قام بذلك مجند صغير لعاقبوه أشد عقاب.