أخبار الآن | الرقة – سوريا – (عزام الحاج)

بينما تتصاعد وتيرة القصف الجوي على مدينة الرقة وريفها، مستهدفاً مقرات داعش ومراكز التدريب ومستودعات السلاح وطرق الإمداد الخاصة به، تتزايد مشكلات ومصاعب المدنيين المعيشية مُجسدة في ارتفاع حاد للأسعار وفقدان سلع وبضائع من الأسواق.

ارتفاع الأسعار للمواد المتوافرة

وبالتزامن مع إعلان التحالف ثم الروس قصف صهاريج تنقل النفط الخام وتدمير مصفاة لتكرير النفط جنوب مدينة الرقة وخزان لخزن الوقود شمال مدينة دير الزور، بدأت معاناة الأهالي في مدينة الرقة تصبح ملموسة أكثر بالنظر إلى الارتفاع الهائل في سعر المازوت الذي ترتبط به عشرات السلع والبضائع الضرورية لحياة الناس اليومية في عموم سورية.

"أبو عدنان" واحد من مئات آلاف السوريين الذين فقدوا وظائفهم خلال سنوات الثورة، يقول: "نعيش كالعصافير يوم بيوم؛ ونشتري حاجياتنا الضرورية فقط". الرجل كان يعمل في إحدى الدوائر الحكومية، وبعد تحرير مدينة الرقة كان يسافر إلى دير الزور ليستلم راتبه، لكن بعد احتلال داعش للرقة لم يعد ممكناً السفر إلى خارج المحافظة، يقول: "أخاف أن يعتقلني النظام لأنني من الرقة، أو يمنعني داعش من الدخول إذا خرجت، والآن لا عمل ولا دخل ثابت. حاولت العمل بالبالة [بيع الألبسة المُستعملة] لكنها ورودها إلى الرقة غير مستقر والفقر يدفع الناس إلى البحث عن الطعام واللباس يمكن تأجيله".

ويفصّل أبو عدنان مصروفات عائلته المكونة من سبعة أفراد: "300 ليرة يومياً للخبز وحده. كيلو الشاي حوالي 1750 ليرة بالمتوسط، وسعر كيلو السكر وصل إلى 300 ليرة قبل أن يعود إلى حدود 275 ليرة، وسعر كيلو الرز يتراوح بين 300 و550 ليرة، وقنينة الغاز بـ6000 ليرة. اليوم عايشين وبكرى لا نعرف".

تضييق داعش وعقوباتها

لكن أبو عدنان يعلق آمالا على استمرار وصول التيار الكهربائي، يقول: "لم يكن داعش يجبي فواتير الكهرباء، لكنه بدأ بذلك الشهر الماضي، وهو يفرض تسعيرة موحدة 1600 ليرة على كل عداد. والكهرباء متوفرة بشكل ممتاز. وان شاء الله تستمر أمور الكهرباء هكذا لأنها توفر علينا الكثير وخصوصاً أن الشتاء على الأبواب".

بطبيعة الحال، فإن مصروف العائلة السورية يرتفع بشدة في فصل الشتاء عادةً نظراً لاعتماد السوريين في تدفئة بيوتهم على مدافيء [صوبيات] تعمل على المازوت.

يشرح أبو عدنان: "يقولون أن سعر برميل المازوت وصل إلى 26000 ليرة سورية". وعندما أسأله لماذا تقول "يقولون"، يجيبني: "لأني أخرجت المازوت من حساباتي، الله يخلي لنا الكهربا. الناس تشتري المازوت بقناني الكولا. ما ظل براميل ولا حتى بيدونات، أغلب الناس لا يشترون المازوت، بدنا نتدفأ بهالشتوية على صوبيات الكهربا".

وقبل أن يختم أبو عدنان حديثه يلفت نظري قائلاً: "لا تنسى الشغلات الطارئة، يعني لو مرض أحدنا لا سمح الله أو انقطعت الكهربا. نحن نحاول ما نمرض، بس إذا انقطعت الكهربا يصير بدك مصروف الأمبيرات، ولا تنسى أصغر مخالفة بعُرف التنظيم رح تدفع عليها غرامة وفوقها دورة استتابة 15 يوما، 15 يوما من التعذيب الفكري!".

بعد هذه المحادثة مع أبو عدنان بيوم واحد أغلق داعش معظم مقاهي الانترنت في الرقة، أبقى خمسة منها فقط قيد العمل، بعد أن فرض عليها قيوداً إضافية. كما ارتفع سعر برميل المازوت في الرقة إلى 40,000 ليرة سورية، بينما كثف طيران التحالف غاراته على صهاريج نقل النفط الخام التي تنقله النفط إلى الرقة ودير الزور.