أخبار الآن | حمص – سوريا – (أحمد الدمشقي)

عادت الأحداث في سجن حمص المركزي للسيطرة على المشهد في مدينة حمص وريفها بعد تجدد الاشتباكات بين قوات النظام التي تحاصر السجن والمئات من المعتقلين، على خلفية تحويل أحد المعتقلين إلى سجن عدرا المركزي في دمشق، بعد الإفراج عنه من سجن حمص وتلقيه وعودا بعدم إعادة اعتقاله.

انتفاضة السجن الأولى

أخبار الآن التقت بالناشط "حسام بدرخان" في ريف حمص الشمالي، وهو أحد المعتقلين السابقين في السجن ومسؤول تجمع شباب حمص، وممن شاركوا في انتفاضة سابقة للسجناء، يقول حسام أن النظام يهدد باقتحام السجن الذي يقع على المدخل الشمالي لمدينة حمص ويحاط بعدد من المؤسسات التابعة للنظام والثكنات العسكرية ككتيبة حفظ النظام وإدارة شرطة النجدة. وأوضح بدرخان أن الانتفاضة الأولى للمعتقلين في سجن حمص المركزي قامت في الليلة التي سبقت شهر رمضان المبارك 2012 عندما رفض مدير السجن آنذاك السماح للمعتقلين بأداء صلاة التراويح في ساحات السجن، مع علمه الكامل باستحالة أدائها في الغرف والمهاجع المخصصة للمعتقلين بسبب الازدحام الشديد، حيث يقبع كل ثمانين شخص تقريباً في غرفة 4×4 متر والتي لا تحصل على أي تهوية بسبب عدم وجود النوافذ، وهو ما أطلق شرارة الاحتجاجات الأولى، فقام السجناء بإغلاق كافة المنافذ المؤدية لداخل السجن بالشوفاجات التي كانت تستخدم للتدفئة و أبواب المهاجع المصفحة بعد خلعها، واحتلال السطح في قسميه، السجن الجديد وهو مخصص للسجناء بإجرام جنائي والسجن القديم والذي يضم قسمين أيضاً قسم مخصص لمعتقلي الثورة ويطلق عليه "الشغب" وقسم مخصص للسجناء بجرم المخدرات.

وبعد قطع الماء والكهرباء عن السجن اندلعت اشتباكات عنيفة بين المعتقلين وقوات الأمن في اليوم السادس للاحتجاجات وقام المعتقلون برمي الحجارة على قوات الأمن التي استخدمت القنابل الدخانية والقنابل المسيلة للدموع، لكن إدراك النظام أن اقتحام السجن لن يحدث إلا بقتل كل من في داخله أي ما يزيد عن 2800 معتقل والمقاومة الشديدة التي تلقاها، دفعته إلى حصار السجن واستخدام القناصين لقتل من يستطيع قتله لتركيع باقي السجناء، الأمر الذي أدى إلى سقوط عدد من الضحايا من المعتقلين وهم  "عبد الجبار العكيدي" لبناني الجنسية من وادي خالد تم إطلاق النار عليه مباشرة في ساحة الندوة بالرغم من عدم مشاركته في الانتفاضة، و"جندل رجوب" سجين جنائي  و"أحمد كراز" معتقل في قسم الأحداث، ليقوم بعد ذلك وفد من شيوخ المصالحة الوطنية بالتدخل للتهدئة التي أبقت السجن بقبضة المعتقلين تحت حصار من قوات النظام.

بعد ذلك قام المعتقلون بالاتفاق مع السجناء السياسيين بتشكيل لجنة لإدارة أمور السجن في الداخل واستلام فواتير السمانة وغيرها وجمع ثمنها للمتعهد التابع لفرع الأمن السياسي، وقاموا بتوزيع المرافق فيما بينهم مع مشاركة شكلية لجمعية رعاية السجناء، بعد ذلك حاول النظام ضبط السجن بالضغط عليه بطريقة جديدة فأوقف تحويل المعتقلين إلى السجن المركزي في حمص واستبدله بتحويل المعتقلين من الجنسين إلى سجن عدرا في دمشق أو الفروع الأمنية فيها، وطلب من القضاة الإسراع في إنهاء أضابير بعض المعتقلين الذين يعتقد أنهم سبب في التحريض على عدم تسليم السجن لعناصر الشرطة المدنية التي تعهد مدير السجن الجديد "عبدو يوسف كرم" بعدم دخول غيرها إلى السجن في حال قام المعتقلون والسجناء بتسليم السجن لهم وعدم اعتراض عملهم داخله.

وانتفاضة السجناء الحالية

لكن وفاة الناشط الإغاثي "محمد غالول" في فرع الأمن العسكري زاد من الشرخ بين المعتقلين والعميد وهو ما ألغى الاتفاق، وفي تاريخ 17 – 11 – 2015 تم توقيع إخلاء سبيل المعتقل "وائل السقا" و إذ به مطلوب لفرع الأمن السياسي كما زعم مدير السجن، ومرة جديدة تعهد العميد "عبدو يوسف كرم" لوائل بالمبيت في بيته بعد زيارة قصيرة لفرع الأمن السياسي وبعدها للنائب العام حيث سيتدخل العميد "عبدو" لتسوية وضعه وتأمين إخلاء سبيله فور عرضه على النائب العام، ليفاجئ المعتقلون بعد ذلك بأن زميلهم زار الفرع المذكور وقابل النائب العام الذي بدوره قام بتحويله إلى محكمة الإرهاب في دمشق، وهو ما أشعل شرارة الانتفاضة الجديدة التي قابلها عناصر الشرطة بالقنابل الدخانية والغاز المسيل للدموع مما أوقع عددا من الجرحى وبعض حالات الاختناق بين صفوف المعتقلين.

وأبدى بدرخان في ختام حديثة استغرابه الشديد من غياب منظمة الهلال الأحمر كلياً عن المشهد على الرغم من وجود أحد كوادرها وهو ضابط كوارث يدعى "محمد الكردي" ضمن المعتقلين والذي لم تطالب به المنظمة أصلاً.

ويسيطر النظام وعناصر الدفاع الوطني وميليشيا حزب الله على كامل مدينة حمص منذ خروج الثوار منها، فيما يحاصر حي الوعر والريف الشمالي بشكل كامل بعد تهجير مئات الآلاف من سكان حمص واعتقال عشرات الآلاف وتدمير المدينة بشكل شبه كامل لكن سجنها التي يقبع فيه المئات من معتقلي الثورة والمعتقلين الجنائيين لازال عصياً على قوات النظام التي تبتز السجناء يومياً لإعطاءهم الطعام والشراب والدواء الذي تشتد الحاجة إليه في ظل انتشار العديد من الأوبئة والأمراض الخطيرة، وتدفع أتاوة كبيرة للضباط عناصر النظام للحصول عليه، فيما تحولت زيارة الاهالي لأبنائهم إلى تجارة رابحة لقوات الأمن التي تطوق السجن والتي يتخوف السجناء وأهالي مدينة حمص من اقتحامها للسجن وبالتالي ارتكاب مجزرة جديدة للنظام تاريخ حافل في قتل المعتقلين في السجون ولأهالي حمص عهد بغدر النظام والميليشيات التابعة له.