أخبار الآن | ريف إدلب – سوريا (مها رباح)

يمشي "نبيل" بخطى خجولة خوفا من أن يراه أحد زملائه في المدرسه باتجاه مركز مزايا لمحو أمية الأطفال في معرة النعمان، فبالرغم من بلوغه سن العشر سنوات وهو في الصف الخامس إلا انه لا يجيد القراءة ولا الكتابه. تقول "أم نبيل" 40 عاما: "ليس سبب أمية ولدي قلة ذكائه أو ضعف عقله بل السبب هو الحرب والقصف المتكرر طوال السنين الماضية على معرة النعمان الذي جعلني أخاف عليه وأمتنع عن إرساله إلى المدرسة بشكل منتظم خوفا عليه من الإصابة وقامت إدارة المدرسه بترفيعه للصف الثاني".

الحرب والنزوح وطلاب المدارس

تتابع الأم أنه ومع استمرار الحرب واستمرار ترفيع الكثير من التلاميذ مراعاة لظروفهم أصبح ولدي في الصف الخامس ولا يجيد القراءة والكتابة.

"أـم رامي" مديرة مركز محو الأمية، تقول: "قررت افتتاح المركز هذا العام عندما وجدت الحاجة ضرورية إليه ولدي فيه الآن 15 طفلا تتراوح أعمارهم ما بين 8-12 عاما والعدد قابل للزيادة". وعن مهمتهم الأساسية في هذا المركز تقول المديرة: "نقوم بتأهيل هؤلاء التلاميذ ليصبحوا قادرين على دراسة منهاجهم بشكل أسهل بعد تخلصهم من الأمية .. ففي حال زيادة عدد الأميين الأطفال نصبح أمام كارثة حقيقية على مستوى القطر".

"حسن" زميل نبيل من كفرنبودة يقول: "هذه هي المرة الخامسة هذا العام التي أنزح فيها مع اهلي خارج كفرنبودة كون قريتي باتت خط تماس في الحرب بين قوات النظام والثوار".  ويضيف أنه حتى حين نزوحه لخان شيخون لم يستطيع تأمين دراسته بسلام، ففي  4/11/2015 أعلن في المدينة عن قرار إغلاق المدارس إلى إشعار آخر بسبب القصف الشديد على المدينة. أما والد حسن 50 عاما، فيؤكد استجابة الأهالي للقرار حينها على حساب دراسة هؤلاء الطلاب.

"أيمن" 19 عاما، من كفرنبل لم يتقدم لامتحان الشهادة الثانوية في مدارس النظام بسبب الظروف الأمنية وبنفس الوقت امتنع عن تقديمه لدى الائتلاف لكونها شهادة غير مضمونة لعدم الاعتراف بها، يقول أيمن: "كنت أبني آمالا كثيرة على دراستي ولكني الآن  أشعر بأني ضائع لا أعرف ماذا أفعل".

"أم أيمن" تشعر بأن ابنها يفقد بعضا من علمه وثقافته ورغبته بالدراسة، أما الأب فيصرح بأنه لا يملك المال الكافي لإرسال ابنه من أجل متابعة دراسته في ألمانيا كما فعل غيره على حد تعبيره.

جامعات ومعاهد غير معترف بها

مدرس اللغة العربية "ف. د" يقول: "بالرغم من أن التعليم كان القطاع الأكثر تطورا وازدهارا في منطقتنا إلا أنه بات حاليا في حاله يرثى لها .. فربع الطلاب في المناطق المحررة تركوا الدراسة بعد حصولهم على الشهادة الثانوية بسبب جهل مصيرها وأكثر من نصفهم تقدم لامتحان الثانوية والإعدادية في مراكز الائتلاف التي بدورها غير مضمونة وتفتقد للتنظيم وباتوا مشتتين بين معارضه ونظام، بالرغم من كثرة المشاريع الدراسية الجديدة المدعومة من الائتلاف وبعض الجمعيات الخيرية".

ويضيف أن معظم طلاب الجامعة في كفرنبل تركوا دراستهم بسبب اعتقال الأمن السوري لعدد من الطلاب السوريين من الجامعه في حلب. كما يوضح المدرّس أن هناك عدة مشاريع تتعلق بالجامعات كإعادة تأهيل جامعة إدلب وافتتاح جامعات حديثه مثل جامعة معرة النعمان التي هي قيد الإنجاز وبعضها يعمل منذ سنتين تقريبا كمعاهد البارة المقامة في قرية "البارة" شمال كفرنبل، إلا أن هذه الجامعات والمعاهد غير معترف بشهاداتها حتى الآن مما يجعل تحمس الطلاب لها وإقبالهم عليها ضعيفا.

مدرسون مفصولون ونقص الكوادر

"محمد" 38 عاما، واحد من المدرسين الكثر الذين جاء قرار فصلهم من التدريس فجأة من قبل النظام ودون سبب واضح، حسب شهادته. لكنه بالرغم من ذلك قرر متابعة التدريس حتى ولو كان دون أجر شهري، يقول: "أعتقد أن متابعة التدريس واجب علينا كي لا يتفشى الجهل والأمية في بلادنا". ويفيد محمد في هذا السياق بأن بعض مدارس جبل الزاوية تعاني من نقص في كوادر التدريس من المدرسين بسبب فصل بعضهم من قبل النظام وهجرة بعضهم الآخر. وخاصة بعض مدارس القرى النائية في قرى ريف جبل الزاوية وشحشبو غربا.

مدرسة "ذي قار" الثانوية في كفرنبل واحدة من بين مدارس كثيرة تعطلت عن العمل في جبل الزاوية وكفرنبل بسبب استهدافها من قبل قوات النظام بالطيران الحربي ما أدى لاحقا لتهدم أجزاء منها وتصدّع بعضه الآخر. وتفيد الإحصاءات عن تعطّل ما معدله مدرسة في كل قرية من قرى جبل الزاوية بسبب الحرب ما أدى إلى اكتظاظ بعض المدارس الأخرى بالطلاب وازدحامها.

"نور" 15 عاما، من كفرنبل  تداوم حاليا في الصف العاشر في مدرسة يتولى رعايتها الائتلاف تقول: "أحد مدرسينا ينوي ترك التدريس بسبب عدم توافر رواتب للمدرسين لغاية اللحظة، في نفس الوقت رفضت مدارس النظام استقبالنا كطلاب مستمعين في مدارسها بداية العام". وتؤكد وجود حوالي 40 طالبة وخمسين طالبا بدوامين مختلفين في هذه المدرسة التابعه للائتلاف،  ونختم حديثها بالقول "أظن نفسي سوف أبقى بحالة عدم استقرار في دراستي طالما أن بلادي  غير مستقرة بشكل عام".