أخبار الآن | حلب – سوريا – (فؤاد حلاق)

يقترح عليّ الفيس بوك صديق يضع صورة نمطية: اسم حركيّ، شعر طويل، لحية طويلة، أدخل لأتحقق من حسابه، أكتشف أنه "أدهم" لكن باسم جديد: أبو حيدرة الكرار!

أتفاجأ بأنّي أعرفه؛ لكن لم تكن لحيته طويلة، أسأل أحد الذين كانوا يعرفونه فيجيب: لقد انضم لداعش!.

الانضمام لداعش

خبر كالصاعقة، انضمام شاب لم يكمل 20 من عمره، ولم يكتفِ بذلك فقط بل قام بسجن أمه كي يقوم بتزويج أخته لمهاجر أجنبي من مسلحي داعش.

لم أكن أعرف أدهم جيدا، كنت أراه دائماً عند وقوع أية قذيفة أو برميل متفجر في الحي فيقوم بإسعاف المدنيين وإيقاف السيارات في الطريق لتسهيل حركة سيارات الإسعاف.

أصيب أدهم إصابة سببت له إعاقة في قدمه، فدخل في حال نفسية سيئة زادها إهمال الأصدقاء له مترافقا مع الوضع الاقتصادي المتردي الذي يعانيه هو وعائلته. يتدخل داعش هنا كجهة مغرية لحالة مثل حالة أدهم فيتم الانضمام للتنظيم.

شخصٌ آخر كذلك لم يبلغ 20 عاما، وبينما المظاهرات مازالت سلمية في مدينة حلب ذهب إلى مدينة مارع في ريف حلب الشمالي ليخضع لمعسكر تدريبي على السلاح ولم يخبرني أنّه ذاهب من أجل ذلك بل قال لي حينذاك أنه مسافر إلى لبنان باحثاً عن عمل، إلى أن رأيته بداية تحرير مدينة حلب منضماً لكتيبة من الجيش الحر.

مرَّت أيام بعد لقائي به، إلى أن رأيته وأخبرني أنه انضم لداعش وتزوج، صار يحدثني عن تجربته لربّما أقتنع منه وأنضم أيضا!. وبينما أنا أحاول إقناعه بالعودة إلى الجيش الحر كان يستهزأ بي ويصفهم بالمرتدين!.

بعد خروج داعش من مدينة حلب أوائل كانون الثاني 2014 أرسل لي رسالة يسألني: أسألك بالله ألا تتعاملون مع الغرب؟.

ما دفع هذا الشاب للانضمام لفصيل متطرف كداعش هو التعذيب في أفرع وسجون الأسد والتي اعتقلته بتهمة انتمائه للوهابية وهو لم يكن كذلك، ورؤية جرائم النظام الطائفية. وأيقن أن التطرف لا يمكن إلا أن يقابله تطرف.

مغريات داعش

في الحالتين السابقتين نجد أن داعش يعتمد على جذب الشباب من الأعمار الصغيرة وتأمين ما يطلبونه من مال وزوجات، فلعنصر داعش امتيازات ليست لدى الآخرين.

كل هذا ليس مبرراً لأي شخص للانضمام لداعش، لكن ألا نتساءل: لماذا ينضم المقاتل السوري إلى داعش؟.

معظم الذي عرفتهم عن قرب وانضموا إلى داعش لم يكونوا متدينين قبل اندلاع الثورة، فجأة أصبحوا يوزعون صكوك الغفران على رفاقهم ويقومون بتصنيفهم بين مسلم وكافر ومرتد.

ومنذ الإعلان عن تشكيل الجيش الحر بدأ الثوار بمطالبة المجتمع الدولي بدعم الفصائل العسكرية المنضوية في إطاره، واقتصر الدعم على أجهزة الاتصالات والأسلحة الفردية الخفيفة وأمّا ما نشاهده اليوم من دبابات ورشاشات ثقيلة فقد تم اغتنامها من ثكنات النظام.

وبعد عدَّة مجازر من قِبل الأسد على أسس طائفية واستخدام الطائرات الحربية واستهداف المدنيين بالصواريخ والبراميل المتفجرة وعدم امتلاك الجيش الحر للمضادات الجوية لجأ العديد من المقاتلين إلى التطرف؛ فموت عائلة كاملة تحت الأنقاض وبقاء أحد أفراد هذه العائلة على قيد الحياة يجبر هذا الشخص، في حالة عدم توازن، إلى التفكير بالانتقام والتطرف.

عدم توافر دخل مادي مناسب للمقاتل يدفعه أحيانا للانضمام لداعش، فمرتب العنصر الداعشي قرابة 300 دولار، وهو مرتب خمسة مقاتلين في الجيش الحر.

رفض بعض العائلات تزويج بناتهن من عناصر الجيش الحر، أما في أماكن احتلال داعش فيستطيع الزواج من أي فتاة يشاء ومتى يشاء.

كذلك الاسم الذي اختاره داعش، وادّعاءه حمل راية الدين التي هو أكثر الفصائل بعدا عنها.

داعش كالسرطان ينتشر في جسد الثورة السورية ويحاول جاهداً إخمادها، والعلاج هو استئصال هذا الفكر الذي شوّه كل شيء.