أخبار الآن | درعا – سوريا ( أسامة زين الدين)

أدّى توقّف معبر نصيب الحدودي والمنطقة التّجارية الحرّة بين درعا والأردن بعد تحريرها في 30 آذار الماضي في معركة "يا لثارات المعتقلين" إلى حدوث شلل اقتصادي عانى منه الطّرفان السّوري والأردنيّ، فتوقف التّبادل التّجاري بشكل شبه كامل بين البلدين، وتعطّلت حركة المسافرين. وأوقفت عملية توريد البضائع والشّاحنات بين سوريا والأردن والخليج وأوروبا الذي كان المعبر شريانها الأساسي.

تقدّر مساحة المنطقة الحرّة الأردنيّة المشتركة بنحو6000  دونم تقريبا، يتواجد بها منشآت ومستودعات ومكاتب ومصانع تعود لمستثمرين أردنيين وسوريين.

لجنة محليّة لإعادة تشغيل المعبر

شهد المعبر بعد تحريره حالات سلب ونهب غير مسبوقة، عادت بالضّرر الكبير على المستثمرين من الجانبين، قدّرت الخسائر بمئات الملايين من الدولارات ما بين تخريب للبنية التحتيّة، وسلب وتفكيك للمعامل والبضائع والآليّات التي تحتويها.

تداعت الإدارة المحليّة الثّورية لوقف حد لهذه الانتهاكات وإعادة تفعيل المعبر، فشكّلت لجنة مشتركة من مجلس المحافظة ودار العدل وشخصيّات ذات خبرة في العمل الجمركي.  

ترأّس اللجنة المهندس "جهاد المسالمة" الذي صرّح لأخبار الآن أن اللجنة عملت على ضبط الأمن ضمن المنطقة الحرّة، وإخراج كافّة الفصائل العسكريّة منها، وشكّلت لجان أمنيّة منتدبة من جيش اليرموك للحراسة، كما شكّلت أمانة جمركيّة ونظاما إداريا ضابطا للعمل ضمن المعبر، وبدأت فعليّا في تسيير الأعمال ضمنه وإخراج البضائع العالقة لدى المستثمرين والتّجار، والتّعاون مع دار العدل في إعادة المنهوبات لأصحابها. كما بدأت مفاوضاتها مع لجنة شكّلها الجانب الأردني لبحث إعادة تفعيل المعبر، ووضع الآليات النّاظمة لذلك.

وأكد "المسالمة" أن عائدات المعبر فيما لو تم تفعيلها واستثمارها يمكن أن تؤمن ملايين الدولارات يمكن استثمارها في مشاريع خدميّة وصحيّة وتنمويّة، بحيث تغني الهيئات الثّوريّة عن أي دعم خارجي.

قرار أردني بالإغلاق

لم تدم المفاوضات طويلا مع الأردن، فبعد أن استمرّ العمل ضمن المعبر لفترة وجيزة قامت خلالها الأردن بإفراغ بضائع مستثمريها ومعاملهم من المنطقة الحرة بعد ضغط كبير منهم نتيجة خسائرهم الفادحة.

يقول المهندس "جهاد المسالمة" أن الجانب الأردني أبلغهم قراره بإيقاف المعبر إلى أجل غير مسمى، بهدف إعادة دراسة الوضع، وبسبب تخوّفه من التّدخّل العسكري للفصائل في عمل المعبر، وعدم ضبط الأمن مما يسبّب إحجام المستثمرين عن العمل في بيئة خطرة.

هذا الإغلاق أدّى لخسائر فادحة وخاصّة في تجارة الفواكه والخضروات والمواد الغذائية من الاردن إلى سوريا، حيث أدّى ذلك لارتفاع أسعارها، وخسائر هائلة للتّجار الأردنيين الذين اضطر بعضهم لإتلاف بضائعه بعد عجزه عن إيجاد أسواق تصريف لها، لتعذر وصولها لأسواق تركيا وأوروبا، وخسر قطاع الزّراعة الأردني ما قيمته 1.2 مليار دولار نتيجة الأوضاع في سوريا والعراق.

موقف النظام

شكّلت خسارة المعبر ضربة اقتصاديّة هائلة للنّظام، فسعى عبر وسطاء تواصلوا مع اللجنة المكلّفة بإدارة المعبر لطرح آليّات لإعادة تفعيله، وعرض عليهم مبالغ طائلة لكي يسمحوا بمرور الشّاحنات والبضائع إلى مناطق نفوذه دون التّعرض لها، وطلب رفع علمه على أبنية المعبر مقابل أن يقوم بإعادة كل الموظفين الذين هربوا منه بعد التحرير.

رفضت اللجنة طلب النّظام، فسعى لتجاوزها وفتح قنوات تواصل مع الجانب الأردنيّ يقترح من خلالها افتتاح معبر جديد لاستئناف الصادرات، وحركة النقل بين البلدين في السّويداء السّوريّة المحاذية للحدود، بحيث تكون بعيدا عن متناول الفصائل العسكريّة، إلا أن الأردن لم ينفتح على ما يبدو على هذه المبادرة.

آثار الإغلاق على المدنيين

بعد توقّف المعبر وتوقف حركة الشّاحنات عبره، تضرّرت آلاف الأسر السورية التي يمتهن أربابها قيادة البرادات التي تنقل البضائع بين الطّرفين، الأمر الذي فاقم وضعهم الاقتصادي السّيء الذي يعيشه المدنيّون أصلا في المناطق المحرّرة. تحوّل "أبو رامي" من سائق شاحنة ذو دخل كريم يؤمن حاجيّاته ويعيل أسرته، إلى بائع محروقات في خيمة صغيرة على جانب أحد الطرق، بدخل لا يمسك رمق أولاده، ويقول أنه يتمنّى أن يفتح المعبر ويعود لمهنته التي أمضى فيها ما يزيد عن عشرين عاما

أما المستثمرون فكانت خسائرهم فادحة بسبب النّهب الذي حصل لمنشآتهم وبضائعهم. يقول "أبو محمد" أحد تجار ومستثمري الأخشاب في المنطقة الحرّة أن إعادة افتتاح المعبر ستعود بالنّفع على الجانبين، فشركاؤه من الجانب الاردنيّ أوقفوا العمل معه وتضرروا كما تضرر، آملا أن يتمّ الوصول لصيغة قريبة لتفعيل المعبر بما يناسب الطّرفين.

يذكر أن درعا قد فقدت بعض المواد الغذائيّة الأساسية من الأسواق كالشّاي والسكر، وبعض المواد التي كان يعتمد فيها بشكل كامل على الاستيراد من التجار الأردنيين.