أخبار الآن | ريف دمشق – سوريا (تيم الشام)

تبدأ حياة المهجرين من جنوب دمشق وريفها في الغوطة الغربية بالمعاناة اليومية وتنتهي بها. فقد نزح أكثر من 300 ألف مهجر إلى مناطق(الكسوة، المقيليبة، الطيبة، زاكية، خان الشيح).

تحيط ببلدات الغوطة الغربية قطع عسكرية لقوات النظام منها "جبال الفرقة الأولى وثكنات الفرقة السابعة واللواء 68". وتعتبر العديد من بلداتها خاضعة لسيطرة الجيش الحر ويفصلها عن مناطق النظام حواجز للجيش، ومنها أيضا مناطق مشتعلة تدور فيها اشتباكات بين الحين والآخر.

تقسم المنطقة إلى ثلاثة أقسام: قسم يخضع لسيطرة النظام وهو القسم الأكبر، وقسم يخضع لسيطرة الجيش الحر مع تواجد جيش النظام على الأطراف، وقسم بمثابة جبهات تحدث فيها اشتباكات وقصف بين الحين والآخر.

النازحون في مراكز الإيواء

تعيش مئات العائلات في المدارس ومراكز إيواء جماعية نتيجة اكتظاظ السكان في المنطقة وعدم توفر المنازل الملائمة للسكن، حتى اضطر العديد منهم للعيش في أقبية الأبنية السكنية وأماكن كانت لتربية المواشي مما تسبب ذلك بالإصابة بالأمراض التنفسية وغيرها.

تعيش العشرات من العائلات حالة من الفقر وصعوبة في تأمين مستلزماتها حيث تشهد المواد الغذائية الأساسية ارتفاعا كبيرا إضافة إلى منع قوات النظام دخول منظمة الهلال الأحمر السوري وتوزيعها المساعدات الغذائية منذ ما يقارب السنة والنصف، مما يضطر الأهالي للخروج إلى مناطق النظام للحصول على المساعدات.

تعاني معظم البلدات من انتشار البطالة وقلة للعمل بسبب تمركز حواجز النظام على أطرافها مما دفع الكثير من الموظفين والشبان إلى ترك أعمالهم خوفا من الاعتقالات والتدقيق الشديد، كما تفرض الحواجز حصاراً على دخول العديد من المواد الغذائية كالطحين الخاص "غير الأفران" والمواد الإلكترونية والكهربائية ومواد البناء.

يقول "عماد" متزوج ولديه أربعة أطفال: "أعاني من قلة العمل في الغوطة الغربية، كنت أعمل سابقا في سكب الألمنيوم والآن في ورشة للعمل في الزراعة، أتقاضى أجرة يومية لا تكفيني وأسرتي، حاولت البحث عن عمل آخر لكن لا جدوى. نضطر أحيانا للعمل في أماكن تتعرض للقصف إما بالرشاشات أو المدفعية لأنها قريبة على ثكنات جيش النظام وقد استشهد وأصيب العديد من الأشخاص نتيجة القصف".

وتمنع قوات النظام كذلك دخول المحروقات إلى البلدات التي يتواجد فيها الجيش الحر، ويعتمد الأهالي في تلك المناطق على فائض السيارات حيث يباع بأسعار مرتفعة بحسب أسعار مناطق النظام.

نقص الخدمات الطبية

تعاني المنطقة من نقص في الخدمات الطبية حيث تقتصر على إسعافات أولية وبعض العمليات الجراحية الممكنة في ظل نقص في الكوادر والأجهزة الطبية، وعدم تواجد عيادات جراحة أو عصبية وإنما فقط العيادات السنية والداخلية والنسائية، كما يضطر الكثير من المرضى للخروج إلى مناطق النظام للعلاج وإن كان الوقت ليلا يحتاج لتدخل من رئيس بلدية البلدة أو مسؤوليها للتكلم مع قيادة النظام للسماح بخروج المريض مع التدقيق عليه على الحاجز.

الوضع التعليمي

ونتيجة الفقر الشديد حُرم كثير من الأطفال من تعليمهم لصعوبة تأمين نفقاتها. "أم أحمد" إحدى نازحات الجنوب الدمشقي في الغوطة الغربية "زاكية" تقول: "كان زوجي يعمل في الخياطة في دمشق ويأتي إلينا كل حين وآخر لكنه تعرض للاعتقال على إحدى حواجز الفرقة السابعة المحيطة بالمنطقة وترك وراءه أربعة أطفال أكبرهم عمره 12 سنة. همي اليوم هو تأمين حياتهم والنفقة عليهم في ظل غياب أي مورد مالي لي مع اضطرارنا للسكن في مركز إيواء جماعي نعاني فيه من عدة مشاكل صحية وتنفسية لكثرة ساكنيه. لا نستطيع الانتقال لمنزل آخر لعدم قدرتنا المالية وأكبر أولادي ترك دراسته والتفت للعمل لسد حاجات الأسرة واضطررت لفصل بقية الأولاد من المدارس بسبب كثرة النفقات وعدم استطاعة تأمينها وهذا الأمر هو الذي يحزنني أن أطفالي وغيرهم قد حرموا من حقهم من التعلم وكيف يستطيعون الاستمرار في حياتهم دون معرفتهم للقراءة والكتابة".

"هشام" طالب جامعي يقول: "أنا طالب سنة أولى في معهد بدمشق لم أستطع متابعة دراستي بسبب ظروف حياتنا وخوفي من الاعتقال على حواجز طريق العاصمة. أنا أكبر إخوتي أساعد أبي في تأمين نفقات حياة العائلة فلدينا طفل وآخر رضيع وطفلة وشابة ونحتاج لمصروف يومي يفوق ما نستطيع تأمينه في ظل ارتفاع الأسعار وإيجار المنازل. وهذا ما يجعلني دائما في حزن فبعد أن كان حلم أي شاب في متابعة دراسته".

لا يذكر الكثير وضع النازحين هنا وهم يقاسون يوميا ما لا يستطيعون القيام حياله بأي فعل يرمي إليهم ببصيص أمل قادم. تمر ساعاتهم في الانتظار أو ربما تضييق الخناق أكثر فأكثر، فالحياة هنا باتت كالموت لا شكل لها ولا لون.