أخبار الآن | ريف دمشق – سوريا (وئام الشاهر)

تعاني مدينة التل، التي وصل عدد سكانها اليوم حوالي المليون، بشكل كبير من سوء الخدمات الطبية. ففي عام 2012 استهدف النظام بقصفه المستشفيات والنقاط الطبية، فدمر واحدة منها ما سبب تعطيلها بشكل كامل، وباتت المدينة تعتمد على مستشفى وحيد ضمن كوادر قليلة من الأطباء الباقون فيه.

أزمة متزايدة

في ظل الحصار الذي وصل يومه الخمسين على التوالي، ومع منع إدخال المواد الطبية بشكل كلي، بدأت العديد من الصيدليات تفرغ من أدويتها، هذا عدا عن توقف المستشفى الوحيد عن استقبال الحالات المرضية الخطيرة والمتوسطة وتحويل العديد من المرضى ذوي الحالات الحرجة إلى مشافي دمشق.

وبحسب الناطق باسم مركز التل الإعلامي، فإن الأجهزة الطبية في المستشفى الوحيدة متعطلة عن العمل بسبب انقطاع الكهرباء لفترات طويلة وعدم توفر المحروقات التي تعد حاجة أساسية لعمل المولدات وإدارة الأجهزة.

الموت في انتظار الخروج

في حديث لنا مع الناطق باسم تنسيقية مدينة التل "أحمد البيانوني" أخبرنا عن توثيق حالات وفاة بسبب الانتظار الطويل على الحواجز، وعدم السماح لهم بالعبور في كثير من الأحيان.

وقال البيانوني: "يوجد لدينا الكثير من الحالات المرضية الحرجة التي تحتاج الدواء بشكل دائم، ومع منع إدخال الأدوية فإن هذه الحالات مهددة بالموت".

ويروي ذوي واحدة من المرضى الذين حاولوا إخراجها من المدينة إلى دمشق لتلقي العلاج بعد تدهور حالتها الصحية أنهم: "اتجهوا نحو أحد الحواجز للمرور فقام بأمرهم بالعودة من حيث أتوا، ليحاولوا مجدداً مع حاجز آخر فيخبرهم أنه لا يسمح لهم بالعبور طالما أن المريضة لا تركب في سيارة الإسعاف".

ويكملون: "بعد ساعات من الانتظار والتذلل ماتت المريضة بين أيدينا دون أن نستطيع عمل أي شيء لها".

نقص في الأدوية وإغلاق المشافي

بالمرور على صيدليات المدينة يبدو واضحاً نقص الأدوية وانعدام بعضها، عدا عن ارتفاع أسعار ما تبقى منها.

كذلك بالنسبة للمستشفى الوحيدة، إذ أنها ومنذ ما قبل الحصار كانت تشكوا نقصاً كبيراً في المعدات والمواد الطبية والكوادر المتخصصة، حتى أنها: "اعتذرت مؤخراً عن استقبال العديد من الحالات الجراحية والولادة وتخطيط القلب وغسيل الكلى وغيرها من الحالات الحرجة، لنفاذ الأوكسجين والمواد التخديرية تماماً من مخازنها"، حسب الناطق باسم مركز التل الإعلامي.

أما المستوصفات الخيرية التي كانت تساعد في الحالات المرضية البسيطة واللقاحات، فقد أغلقت بعد نفاذ مخزونها وتعذر توفير الأدوات.

وبعد نفاذ مخزونها ومخزون المستوصفات الخيرية، أعلنت المستشفى أنها في حال استمرار الحصار قد تغلق أبوابها تماماً في غضون أيام قليلة، لتعذر إدخال المواد بأي شكل حتى مع عرض مبالغ مالية على عناصر الحواجز لإدخالها، الأمر الذي يرشح زيادة عدد الوفيات من 4 حالات في بداية الحصار إلى أرقام ربما تكون كارثية.

لقد حاول النظام منذ اليوم الأول للحصار خلق مشاكل تبرر حصاره للمدنيين، فاتّهم الجيش الحر بقتل أحد عناصره، ومع الوقت تبين أنه مجرد اتهام لا صحة له.

كما قام مؤخراً باتهام الجيش الحر أيضاً بالهجوم على أحد حواجزه وقتل عنصر من الحرس الجمهوري في أماكن سيطرته، التي لا يمكن للمدنين المرور فيها دون تدقيق أو تفتيش.

في ظل الحصار المطبق وقطع السُبل المختلفة لتمرير المواد الطبية، يبدو أن معاناة الأهالي ستتفاقم مما سيخلق بالضرورة حالات مرضية وموت يومي. كل هذا يحدث والنظام لا يكترث بحياة السكان المدنيين، ليتابع سقوطه الأخلاقي منذ بداية الثورة حتى اليوم.