أخبار الآن | أزمير – تركيا – (جابر المر)

بعد أن تاهوا في بقاع الأرض جميعها، وبعد مصائب الدخول إلى مقدونيا والبصمة في هنغاريا، يكتشف السوريون اليوم طريقا جديدا نحو أوروبا الغربية يمر من القطب المتجمد الشمالي.

الطريق الغريب

يبدأ الطريق بفيزا يستطيع السوريون الحصول عليها من السفارة الروسية، حيث مازالت روسيا أحد الدول القليلة جدا التي يوصلك إليها جواز السفر السوري، لأنها مازالت حليفة النظام الأقوى.

ومن هناك بإمكان أي لاجئ الذهاب إلى أبعد نقطة في الشمال الشرقي الروسي والعبور إلى النرويج من مدينة كركينيس النرويجية مباشرة دون أي مخاطر تذكر عدا عن أن درجة الحرارة في تلك المناطق مهما علت فإنها تبقى تحت الصفر درجة مئوية.

وما أن تصل إلى النرويج حتى تنتهي رحلتك هناك كحال 5 إلى 20 شخص يجربون ذلك شهرياً، حسب صحيفة الغارديان، التي أوضحت أنه 133 شخصا قدموا طلبات لجوء للنرويج قادمين بهذه الطريقة، حيث إنه من السهل جداً أن يمر اللاجئون الذين ما عليهم إلا أن يجلسوا في سيارة روسية ومن ثم يذهبون إلى النرويج بشكل قانوني دون أي معوقات.

الطريق الجديد يجتذب عددا من المهاجرين السوريين بعد المصائب الأخيرة في الطرقات التي أضحت تقليدية ومعروفة لدى الجميع في التهريب.

أما في حال كان اللاجئ يفضل المرور فقط بالنرويج دون أن يبصم هناك مضطرا للجوء في البلاد الباردة، فإن المضحك المبكي الذي عليه اتباعه هو أن يجرب عبور الحدود بين البلدين بالمنطاد ثم يهبط بالنرويج ويتابع طريقه.

سخرية القدر.. والسوريون

لمعرفة ردود فعل السوريين الذين يرغبون بالهجرة أجرينا استطلاعا للرأي حول الطريق الجديد لتأتينا الإجابات الساخرة أحيانا والمندهشة من غرابة الطريق أحيانا أخرى. فأم محمد التي وصلت إلى تركيا من أجل العبور إلى اليونان ضحكت عندما أخبرناها بأن هناك طريقا يمر من القطب المتجمد الشمالي وأجابت بأنها تفضل البصمة في هنغاريا على أن تكون طعاما لدب قطبي هي وأولادها.

أما ثائر الشاب الذي يسأل من سوريا عن طريقة آمنة للخروج والمضي إلى أوروبا فقد أجابنا عن معرفته بالطريق الجديد: "هذا الطريق يمر من روسيا التي تحتاج أن تكون أوضاعك جيدة مع نظام الأسد كي تتجرأ أولا بالذهاب إلى سفارتها في دمشق، أنا مطلوب للأفرع الأمنية ولا أستطيع دخول دمشق، كما أن دول الجوار أقرب إلي منها ودخولها تهريبا أمرا أكثر سهولة".

"تالة" خريجة الهندسة التي خرجت إلى لبنان حديثا ورفض طلب هجرتها إلى فرنسا من قبل السفارة الفرنسية أخبرتنا بأنها لا تريد أن تصعد إلى رأس كوكب الأرض وتابعت ساخرة: "أليس هناك طريق يمر من المريخ، لابد وأن نكتشفه قريبا".

حتى الأسد نفسه لم يكن خياله يتسع إلى أن تصل النكبة بالسوريون حدود القطب الشمالي فهو محصور فقط في كيفية التفنن بأساليب الجريمة وليس حساب تبعاتها، أما السوريون فما عادوا يتوقعون من العالم إلا نفيهم إلى هناك أو خارج الأرض ربما.

هذا وما يزال الطريق البحري للوصول إلى أوروبا الممر الأكثر شيوعاً وشعبية لمعظم اللاجئين، حيث وصل عدد الواصلين إلى الشواطئ الأوروبية في عام 2015 حتى الآن إلى 300 ألف لاجئ وفقاً للأمم المتحدة.