أخبار الآن | غازي عنتاب – تركيا (سيف الدين محمد)

كل من يلاحظ أفعال تنظيم داعش على المستوى الثقافي والحضاري في المناطق التي سيطروا عليها، يتبادر إلى ذهنه مباشرة ما فعلته عائلة الأسد على مدار السنوات الخمس والأربعين المنصرمة في سوريا. فقد تشابهت أساليب التنظيم مع النظام الدكتاتوري في نهب ثروات الوطن المختلفة وطالت الشواهد التاريخية والآثار التي تدل على حقب حضارية غنية مرّت بها الثقافة السورية.

التاريخ مباعا …

ليس من المستغرب ما يجري حاليا على أرض سوريا، حيث تتنازع التيارات المتشددة على إنتزاع نصيب لها من السيطرة، لكن أن يصل الأمر إلى المس بالتاريخ الحضاري لسوريا فهو كان آخر ما يمكن تصوّره في هذه الحرب المأساوية. تعرض اليوم في سوق المافيا العالمية شواهد تاريخية متمثلة بالآثار الخاصة لمدينة تدمر، بعد أن سيطرت على المدينة قوات داعش، ربما بتنسيق مع النظام وفق التحليلات المختلفة، ويقوم بهذه العملية سماسرة الآثار من سوريا.

الدكتور عبدالله ترمانيني وهو متخصص في التاريخ السوري القديم يقول: "المشكلة أننا لا نستطيع درء هذه الخطوات التي تعتبر جريمة بحق السوريين عموما، في كل المجتمعات هناك سماسرة لا يأبهون بالعواقب لتجارتهم الخسيسة بتاريخهم. الموضوع هنا في مرمى تنظيم داعش الذي لابد وأن يكون مشاركا رئيسيا في هذه الجريمة".

اللافت للنظر هو في إقبال بعض المواطنين على السؤال عن الأسعار وعقد صفقات من أجل اقتناء تلك الآثار، وهو ما تعزوه الناشطة هيفي. ك إلى انعدام معيار المواطنة عند البعض بتأثير من غياب هوية وطنية سورية في ظل الإجرام الذي يمارسه النظام وداعش.

الآثار في المزاد العلني ..

شكّلت حالة الفلتان الأمني والصراع العسكري في سورية مناخا خصبا لتجار الأزمات، لكن هذه المرة امتدت أيادي أمراء الحرب لتطال التاريخ السوري القديم، فظهرت عصابات تهريب الآثار وبيعها على الملأ دون اكتراث بما تعنيه تلك الآثار والشواهد التاريخية، ووصلت درجة الانتهاكات هذه إلى أن  قامت بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي بعرض تلك الآثار وتحديد سعرها والتفاوض عليها.

أما الباحث أحمد حمزة المتخصص في شؤون الجماعات المتشددة فيرى أن قيام داعش بتسهيل تهريب الآثار والمشاركة فيها يشير إلى رغبة التنظيم في محو حقب تاريخية مرت فيها الحضارة السورية وتصوير أن سوريا تبدأ من حيث حررتها داعش كما يعتقدون.

وفي كافة الأحوال، تكمل داعش اليوم ما بدأ به كبار مسؤولي النظام وأزلامه من بيع لقطع ولوحات أثرية تاريخية، نذكر منها اللوحات الفسيفسائية الكنسية إبان مجازر مدينة حماة الشهيرة في العام 1982.